عرف الناس الشيخ الشعراوى، وتوثقت صلتهم به، ومحبتهم له، من خلال البرنامج التلفزيونى "نور على نور"،
وهو الذى كان يفسر فيه كتاب الله العزيز، وقد بدأ هذا البرنامج فى السبعينات من هذا القرن، ومن خلالهذاع صيت الشعراوى فى مصر والعالم العربى والإسلامى، ومن التلفزيون المصرى انتقل البرنامج إلىإذاعات وتليفزيونات العالم الإسلامى كله تقريباً
وكان الشعراوى فى تفسيره للقرآن آية من آيات الله، وكان إذا جلس يفسر كأن كلامه حبات لؤلؤ
انفرطت من سلكها، فهى تنحدر متتابعةفى سهولة ويسر
وكان- رحمه الله- فى تفسيره كأنه غوَّاصٌ يغوص فى بحار المعانى والخواطر، ليستخرج الدرر والجواهر، فإذا سمعت عباراته، وتتبّعْت إشاراته، ولاَمَسَتْ شغافَ قلبك خواطرُه الذكية، وحرّكت خلجات نفسك روحانياتُه الزكيةقلتَ: إنه لَقِن معلَّم، أو فَطِنٌ مُفَهَّم، لا يكاد كلامه يخفى على سامعه مهما كان مستواه فى العلم، أو قدرته على الفهم، فهو كما قيل السهل الممتنع
وعلى الرغم من أن علم التفسير علمٌ دقيق،وغالباً ما يُقدم فى قوالب صارمة، ولغة صعبة عالية، إلا أن الشعراوى نجح فى تقريب الجملالمنطقية العويصة، والمسائل النحوية الدقيقة، وكذلك المعانى الإشارية المُحلِّقة، ووصلبذلك كله إلى أفهام سامعيه، حتى باتت أحاديثه قريبة جداً من الناس فى البيوت، والمساجدالتى ينتقل فيها من أقصى مصر إلى أقصاها، حتى صار الناس ينتظرون موعد برنامجه ليستمتعوابسماع تفسيره المبارك
لقد عاش الشعراوى مع القرآن يعلمه للناس ويتعلم منه، ويؤدب الناس ويتأدب معهم، فتخلَّق بأخلاقه، وتأدب بآدابه، فعاش- رحمه الله-بسيطاً متواضعاً، رغم سعة شهرته، واحتفاء الملوك والأمراء والوجهاء والكبراء به، وكانيحيا حياة بسيطة على طريقة سائر الفلاحين
كان الشيخ مألوفاً محبوباً، يألفه الناس ويحبونه لصفاء نفسه، ولطف معشره، وحسن دعابته مع مهابة العلماء ووقارهم
يُعد أعظم من فسر القرآن الكريم في العصرالحديث، واتفق الكثيرين على كونه إمام هذا العصر حيث لُقب بإمام الدعاة لقدرته علىتفسير أي مسألة دينية بمنتهى السهولة والبساطة، علاوة على مجهوداته في مجال الدعوةالإسلامية، وقد كان تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره ما جعله يقترب من قلوب الناس،وبخاصة وأن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.. فكان أشهر من فسر القرآن في عصرنا
وُلد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في5 أبريل 1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية وحفظ القرآن الكريم في الحاديةعشرة من عمره
التحق الشيخ الشعراوي بمعهد الزقازيق الابتدائيالأزهري في عام 1926، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم،ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1932، ودخل المعهد الثانوي وزاد اهتمامهبالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيساً لاتحاد الطلبة، ورئيساًلجمعية الأدباء بالزقازيق
كانت نقطة التحول في حياة إمام الدعاة،عندما أراد له والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، فما كان من الشيخ إلا أن اشترطعلى والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسيروكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية، غيرأن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميعهذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم
فما كان أمام الشيخ إلا أن يطيع والده،ويتحدى رغبته في العودة إلى القرية، فأخذ يغترف من العلم، ويلتهم منه كل ما تقع عليه عيناه
وفي عام 1937 التحق الشعراوي بكلية اللغةالعربية، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919 اندلعت من الأزهرالشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين
ولم يكن معهد الزقازيق بعيداً عن قلعة الأزهرالشامخة في القاهرة، فكان الشيخ يزحف هو وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطبمما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيساً لاتحاد الطلبة سنة 1934
تخرج الشيخ عام 1940، وحصل على العالميةمع إجازة التدريس عام 1943، وبعد تخرجه عُين في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعدذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلةانتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة بجامعةأم القرى، غير أنه اُضطر أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا فيحد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجةكبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع
في نوفمبر 1976 اختار السيد ممدوح سالمرئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر،فظل في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978، بعد أن ترك بصمة طيبة على جبين الحياة الاقتصاديةفي مصر، فهو أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل)بالرغم من أن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعبعلى ذلك
في عام 1987، اُختير فضيلته عضواً بمجمعاللغة العربية (مجمع الخالدين). وقرَّظه زملاؤه بما يليق به من كلمات، وجاء انضمامهبعد حصوله على أغلبية الأصوات (40 عضواً)
مُنح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق منالدرجة الأولى لبلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976، قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئونالأزهر
ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى مرتانالأولى عام 1983، والثانية عام 1988، وكذلك وسام في يوم الدعاة
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمةعضواً بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذيتنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعيةوالعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافيلعام 1989، والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقةلنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً،ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة
الجوائز التي حصل عليها
منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سنالتقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر
منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام فييوم الدعاة
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسيةلمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدتإليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاثالواردة إلى المؤتمر
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقدهكل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديريةوتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً، ورصدت لهاجوائز مالية ضخمة
مؤلفات الشيخ الشعراوي
للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عددمن محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآنالكريم، ومن هذه المؤلفات:
الإسراء والمعراج
أسرار بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلام والفكر المعاصر
الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج
الشورى والتشريع في الإسلام
الصلاة وأركان الإسلام
الطريق إلى الله
الفتاوى
لبيك اللهم لبيك
100 سؤال وجواب في الفقه الإسلامي
المرأة كما أرادها الله
معجزة القرآن
من فيض القرآن
نظرات في القرآن
على مائدة الفكر الإسلامي
القضاء والقدر
هذا هو الإسلام
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
أحدث دراسة جامعية عنه
وفي آحدث دراسة جامعية عنه منحت كلية الدراساتالإسلامية في جامعة المقاصد اللبنانية الشيخ بهاء الدين سلام شهادة الماجستير في الدراساتالإسلامية بدرجة جيد جداً عن رسالته المعنونة بتجديد الفكر الإسلامي في خواطر الشيخمحمد متولي الشعراوي وذلك بإجماع لجنة المناقشة المؤلفة من الدكتور هشام نشابة رئيساًوالشيخ الدكتور يوسف المرعشلي مشرفاً والشيخ الدكتور أحمد اللدن عضواً.تكونت الرسالةمن ثلاثة فصول إضافة إلى المقدمة والتمهيد وملحق الوثائق. الفصل الأول ناقش فيه سيرةالشيخ الشعراوي ودعوته وظروف الدعوة الإسلامية في عصره متحدثاً عن الأحوال السياسيةوالاقتصادية والفكرية والدينية وأثرها على نشأة الشيخ الشعراوي، كما كان عرض لأبرزمميزات أسلوب الشيخ الشعراوي في دعوته.أما الفصل الثاني فضم مناقشة تحليلية أبرزت مواطنالتجديد في تفسير الشيخ الشعراوي من خلال عرض لآرائه في بعض القضايا العقائدية والتشريعيةوالأخلاقية.أما الفصل الثالث فكان عرضاً لآراء أبرز العلماء في الشيخ الشعراوي وكذلكلأبرز المآخذ التي تقال عن الشيخ الشعراوي حيث فنّدها الباحث ورد عليها وناقشها. ثمكانت الخاتمة وملحق الوثائق
وتوجد رسالة دكتوراه مقدمة من الباحث عثمانعبد الرحيم إلى إحدى الجامعات المغربية لقسم التفسير يتناول فيها الباحث أسلوبه المنهجيفي التفسير لسورتي البقرة وآل عمران
وفى صباح الأربعاء 22 صفر 1419هـ الموافق17/6/1998م انتقلت الروح إلى بارئها، عن سبع وثمانين عاما وشهرين وستة عشر يوما، ودفنفى قريته دقادوس. وفقدت الأمة علماً آخر من أعلامها البارزين