القاهرة 25 ديسمبر 2012 الساعة 01:41 م
• دار الكتب الخديوية أول دار جمع بها أمهات الكتب . • إسماعيل باشا أقام أول بنية تحتية لمدينة القاهرة . • الدور التاريخى الذى لعبه شارع محمد على فى الحياة السياسية .
ميرفت عياد :
يقع شارع محمد على فى منطقة تاريخية تعاقبت عليها عصور تاريخية مختلفة ، خلفت وراءها تراثا معماريا نفسيا ، متمثلا فى الآثار الباقية فى الشارع ، وهذا ما جعل الشارع والمنطقة المحيطة به مقصدا للسائحين ، ولم تقتصر أهمية الشارع على ما يحويه من آثار ، بل كان للشارع دورمهم فى الحياة السياسية ، حيث كان ملتقى رجال السياسة والصحافة والأدب ، كما كان له دور فى الحياة الاجتماعية والفنية حيث عاش به العديد من الفنانيين ،وتميزهذا الشارع بإثارة المعمارية وموقعه المهم بالنسبة لمدينة القاهرة .
القاهرة باريس الشرق
بدأ إسماعيل باشا فى إقامة أول بنية تحتية لمدينة القاهرة حيث أراد أن يجعل منها باريس الشرق لهذا أوكل نظارة الاشغال عام 1865 إلى على باشا مبارك ليبدأ فى تحديث القاهرة من خلال نقل مدافن الموتى من وسط القاهرة وتحويل أراضيها إلى ميادين وإزالة الخرائب والتلال التى تحيط بالقاهرة وإنراة الشوارع وإدخال المياه للمدينة ، كما قام بتعمير حى القلعة وشق شارع يصل بين العتبة الخضراء والقلعة أطلق عليه اسم جده محمد على ،وبهذا يعد هذا الشارع أول شارع عرضى ينشأ بالقاهرة وارتبط به شارع آخر امتداد له هو" كلوت بك "الذى خلق محورا مروريا يربط بين القلعة وميدان باب الحديد .
نهضة علمية وأدبية
حرص الخديوى إسماعيل على إنشاء العديد من المبانى العامة بالشارع منها دارالآثار العربية فى ميدان باب الخلق ، ودارالكتب الخديوية كأول دارجمع بها أمهات الكتب حيث أنفق الخديو إسماعيل على دار الكتب من ميزانية المدارس ، وفتحت الدارأبوابها لطلاب العلوم والمعارف وسهلت لهم الاطلاع على الكتب والمؤلفات والمخطوطات التى لم يكن سهل الوصول إليها لولا إنشاء هذه الدار ، التى أدت خدمات جليلة للنهضة العلمية والأدبية ، وبسبب جمع الخديوى إسماعيل للعديد من الكتب ضاقت الكتب خانة بمقتنياتها لذلك قرر تشيد دار جديدة فى باب الخلق وخصص بهذا المبنى مكان للمكتبة ومتحف للآثار ، وللمرة الثانية ضاق المكان بمقتنياته فتقررإنشاء دار الكتب التى تقع على الكورنيش .
سمات العمارة الرومانية
ويعرف شارع محمد على حاليا بشارع القلعة وقد أشتهر " ببوائكه " التى اقتبسها الخديوى إسماعيل من مدينة باريس حيث إن أهم مايميز هذا الشارع من ناحية التصميم المعمارى هو تلك البوائك " العقود " المحمولة على دعامات وأكتاف ، وقد تنوعت تلك العقود فى الشكل والحجم حيث كان العقد النصف دائرى سمة من سمات العمارة الرومانية قبل الإسلام ثم استعملت العقود فى قبة الصخرة وحمام الصرخ فى بلاد الشام ، واستعملت العقود فى مصر فى العصور الإسلامية بأشكال متنوعة منها العقد المدبب المتواجد فى جامع عمرو بن العاص وجامع أحمد بن طولون وجامع الحاكم وفى الأروقة المطلة على صحن جامع الناصر محمد بالقلعة وغيرها من المنشات حيث شاع استعمال هذا النوع من العقود فى تغطية فتحات الإيوانات مثل بيمارستان المؤيد وفى عقود الشبابيك والأبواب فى العديد من المنشات فى العصر المملوكى والعثمانى ، أما العقد الدائرى فقد استعمل فى مصر فى كثير من فتحات العقود التى ترجع للعصر العثمانى مثل مدخل مدرسة السلطان محمود وجامع سليمان السلحدار .
الفرق الموسيقية النحاسية
اشتهر شارع محمد على بالفرق الموسيقية النحاسية وأشهرها فرقة " حسب الله " الذى يعتقد عامة الناس أنها مجرد حكاية فنية ، بل هى حقيقة و" حسب الله " هذا كان يعمل فى موسيقى حرس الخديوى ، وكون أول فرقة موسيقية تسير فى الأفراح بعد تركه موسيقى الحرس ، كما اشتهر الشارع أيضا بوجود فرق الموسيقى النحاسية اللازمة لاحيارالحفلات والأفراح ، ونشأت به صناعة الألات الموسيقية وذلك بحكم قرب الشارع من مسرح التياترو والأوبرا ، ولعل هذا ما جعل شارع محمد على يرتبط بدلالات غير حميدة فى ذهن العامة من الناس والذى ساهم فى ترسيخها فى العقل الجمعى الإعلام الذى جعل اسم الشارع يقترن بالعوالم والمسارح والفرق الموسيقية متجاهلا تماما الدور التاريخى الذى لعبه هذا الشارع فى الحياة السياسية حيث كان ملتقى رجال السياسة والصحافة والأدب فضلا عن دوره الاجتماعى والفنى والتاريخى الذى جعله مقصدا للسائحين وقبلة للباحثين فى التراث والحضارة الإسلامية .
ومن المؤسف أن الحكومة المصرية اضطرت إلي هدم وإزالة العديد من المنشآت والعمارات والآثار الموجودة بالشارع، ورغم أنه قد تم تعويض أصحابها، إلا أن خسارة التاريخ أكبر بكثير ومن هذه المنشآت والصروح التاريخية المهدمة جامع قوصون لكن من الآثار المعمارية الباقية في الشارع جامع الماس الحاجب الذي يقع عند تقاطع أول الحلمية، ومدرسة السلطان حسن وجامع المحمودية وجامع الرفاعي، وبعض الحمامات، وبالطبع دارالكتب المصرية التي أنشئت عام 1870، متحف الفن الإسلامي الواقع في ميدان باب الخلق .
المصادر : كتاب شارع محمد على بمدينة القاهرة كتاب التراث المعمارى الإسلامى فى مصر
|