القاهرة 17 سبتمبر 2024 الساعة 04:28 م
بقلم: ألفين باول
ترجمة *د. فايزة حلمي
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في دراستنا هو أننا تمكّنا من النظر في هاتين الحالتين (العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة) في وقت واحد، ويبدو أن كلًّا منهما كان له تأثيرات مستقلة عند التحكم في الأخرى، لذا إذا كنت تعالج واحدة فقط، فأنت لم تفعل كل ما في وسعك فيما يتعلق بتحسين الصحة والرفاهية، هناك مساهمات مستقلة لكل منهما، لذلك من المهم معالجة كل منهما معا.
شيء آخر مثير للاهتمام وجدناه هو أنه في حين أن كل من الوحدة والعزلة الاجتماعية كان لهما تأثيرات مهمة على الصحة والرفاهية، فإن أي منهما كان أكثر بروزًا يختلف باختلاف النتيجة، بالنسبة لكبار السن؛ كانت العزلة الاجتماعية هي العامل الأكثر أهمية لنتائج الصحة البدنية، مثل خطر الموت والقيود على الأداء البدني، ولكن الوحدة كانت العمل الأكثر أهمية لنتائج الصحة النفسية والرفاهية مثل الاكتئاب أو السعادة، والهدف في الحياة، والشعور بالسيطرة، العزلة الاجتماعية مُهمة لهؤلاء أيضًا، لكن التأثيرات كانت أقل مِن الوحدة، كانت هذه الاختلافات جانبًا آخر مثيرًا للاهتمام في دراستنا.
وحين سُئل الباحث "فاندرويل": هل يمكننا تحديد هذه التأثيرات؟
أجاب: إذا نظرنا إلى الاكتئاب، على سبيل المثال، فإن أولئك الذين كانوا معزولين اجتماعيًا زادت احتمالات إصابتهم بالاكتئاب بنسبة 35% بعد أربع سنوات، مع التحكم في الاكتئاب الأساسي، وهذا أمر مهم وكبير، لكن أولئك الذين يعانون من الوحدة زادت احتمالات إصابتهم بالاكتئاب أكثر من ضعفين ونصف، كان هذا مذهلاً للغاية.
وعلى نحو مماثل، كان التأثير على اليأس الناتج عن الوحدة؛ ضِعف التأثير الناتج عن العزلة الاجتماعية، كانت الوحدة أقوى، وبالمثل مع الهدف من الحياة: كلاهما مُهم، لكن الوحدة كان لها تأثير سلبي أكبر بنحو ضِعف تأثير العزلة الاجتماعية.
وأضاف أنه من المفيد التمييز بين الاثنتين؛ لأن الطُرُق التي قد نحاول بها معالجة هذه الأمور سواء على المستوى الفردي أو على المستوى المجتمعي؛ مختلفة تمامًا، مرة أخرى، نحن ننظر إلى الجوانب الموضوعية مقابل الجوانب الذاتية: هل تقضي وقتًا مع الناس مقابل الشعور حقًا بالارتباط بهم؟
بالنسبة للوحدة، فإن أحد التدخلات الأكثر فعالية هو العلاج السلوكي المعرفي، وهذا يختلف كثيرًا عن التدخل بالنسبة للعزلة الاجتماعية؛ التي تحتاج إلى بناء المجتمعات، وقضاء الوقت مع الناس، والتأكد من أن شخصًا ما يتحقق مرتين في الأسبوع لتحديد مجالات حاجة الشخص، لكنني لا أوصي بأولوية مجموعة واحدة من التدخلات على الأخرى؛ كلاهما مُهم وكلاهما عوامل مساعدة ضرورية.
ونَجِد سؤالاً كبيراً آخر، وهو: "هل نقدر العلاقات والمجتمع بالقدر الكافي؟".
لم نكن نسأل فقط عن مدى شعور الأفراد المتصلين اجتماعياً، بل وأيضاً عن مدى تقديرهم للاتصال الاجتماعي، وفي العديد من العينات، سواء من حيث مقدار الاتصال الاجتماعي الذي يشعر به الأفراد ومدى تقديرهم له، وهذا يجعل العلاقات والحياة المجتمعية أكثر تحدياً.
من الجدير أن نفكر في هذا الأمر في حد ذاته ولأننا رأينا هذه التأثيرات القوية للوحدة والعزلة الاجتماعية، هناك شيء ما في العلاقات، والارتباط الاجتماعي، والحياة المجتمعية، يشكل جوهر ما يعنيه أن تكون إنساناً، وما يعنيه أن تزدهر.
لذا، في حين أن الحرية والاستقلالية قيمتان مُهِمتان، إلا أن هناك تنازلات للتواجد وسط المجتمع وداخل شبكة علاقات؛ تَبعِد عن الفرد شبح العزلة والوحدة، ومن الضروري أن نفكر في ماهية التوازن الصحيح وكيف ينبغي لنا أن نبني حياتنا، كأفراد وكمجتمع.
*استشاري نفسي وكاتبة/ مصر
|