القاهرة 10 سبتمبر 2024 الساعة 10:21 ص
بقلم: ألفين باول
ترجمة: د. فايزة حلمي
يُظهِر الباحثون أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة ليسا نفس الشيء؛ ولكن يمكن أن يكونا متصلين، أحيانًا بطرق مدهشة، وبينما تتزايد الوحدة والعزلة الاجتماعية، ويتم اتخاذ خطوات لإيجاد علاجات، تذكّرنا دراسة جديدة أنه برغم أن المشكلتان منفصلتان، غالبًا ما تكونان مرتبطتين (أحيانًا بطرق مدهشة) ولكن ليس دائمًا، ولهما تأثيرات محتملة مختلفة.
برغم أن العزلة الاجتماعية تحمل مخاطر صحية جسدية أكبر بكثير، ولكن الوحدة لها تأثير أكبر على الحالات المتعلقة بالصحة النفسية، فما هو الفرق بين الوحدة والعزلة الاجتماعية؟
يتعلق التمييز بالجوانب الموضوعية والذاتية للترابط الاجتماعي، تشير العزلة الاجتماعية، بشكل موضوعي، إلى ما إذا كنت تقضي وقتًا مع الناس أو في المجتمعات، هل تعيش مع الناس أم لا؟ هل تشارك في أشكال مختلفة من الحياة المجتمعية؟ هل تقضي وقتًا مع الأصدقاء والعائلة؟
أمّا ظاهرة الوحدة فهي الإحساس الذاتي لدى المرء بما إذا كانت العلاقات والمشاركات المجتمعية تلبي الحاجة العميقة والجوهرية التي يشعر بها الجميع تقريبًا للتواصل الاجتماعي، هل العلاقات الاجتماعية كافية لتلبية الرغبة في التواجد مع أشخاص آخرين، وأن يفهمك الآخرون، وأن يحبك الآخرون؟
وحين نتساءل: هل من الممكن أن تكون معزولًا اجتماعيًا ولكن ليس وحيدًا؟
من الواضح من البحث أن الناس لديهم احتياجات اجتماعية مختلفة، قد يكون لدى بعض الناس حاجة أقل بكثير للتواصل من غيرهم، قد يكون لديهم صداقة وثيقة واحدة، ويستمتعون بقضاء الوقت بمفردهم، ويشعرون أن هذا كافٍ لاحتياجاتهم من الرفقة، لذا، فإن الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية مرتبطان، لكنه ارتباط ليس مثاليًا، هناك أشخاص يقضون الكثير من الوقت مع الآخرين ولكنهم ما زالوا يشعرون بالوحدة، وأنهم غير مفهومين وغير محبوبين، وأشخاص آخرون يقضون وقتًا أقل نسبيًا مع الآخرين ولكنهم يشعرون أن ما لديهم يلبي احتياجاتهم.
على عكس مايبدو بديهيّا إلى حد ما، عندما تشعر بالوحدة الشديدة، فإنك تميل في الواقع إلى الانسحاب أكثر من المجتمع، يمكن أن يجعل الشعور بالوحدة الأمر يبدو وكأن العلاقات مهدِدة أو خطيرة، أو أنك ستشعر بالوحدة بشكل أكبر بين الناس لأنك لن تجد الاتصال الذي تريده.
في دراستنا، إلى جانب نتائج أخرى، نظرنا أيضًا إلى تأثير العزلة الاجتماعية على الشعور بالوحدة، والوحدة على العزلة الاجتماعية. كل منهما يساهم بشكل ضار في الآخر، ربما ليس من المستغرب أنك إذا كنت معزولًا اجتماعيًا فمن المرجح أن تصبح أكثر وحدة، هذا منطقي.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه عندما تشعر بالوحدة، ستميل بمرور الوقت إلى الانسحاب وتصبح أكثر عزلة اجتماعية، وليس أقل، والأمر المذهل حقًا هو أن تأثير الوحدة على زيادة العزلة الاجتماعية أكبر حتى من تأثير العزلة الاجتماعية على الشعور بالوحدة، لذا؛ فإن الوحدة مُعدِية، إذا كنت تقضي وقتًا مع أشخاص وحيدين، فمن المرجح أن تصبح وحيدًا في الواقع.
يقول الباحث الاجتماعي فاندرويل في دراسته، بمجلة Population Health :
بين مجموعة من كبار السن، قمنا بمراقبة تاريخ العلاقات الاجتماعية السابقة والعديد من العوامل الاجتماعية والنفسية والديموغرافية والصحية الأخرى. ثم نظرنا في كيفية تغيّر الشعور بالوحدة و العزلة الاجتماعية على مدى فترة أربع سنوات.
وعلى غرار العديد من الدراسات الأخرى، وجدنا أدلة على تأثيرات كل من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية على عدد كبير من النتائج، أولئك الذين كانوا أكثر وحدة كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 40 في المائة على مدى السنوات الأربع التالية، في حين أن أولئك الذين كانوا معزولين اجتماعيًا كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 75 في المائة.
لكن؛ مِن المهم فَهْم السّياق، هذه مجموعة من كبار السن، والعيش بمفردهم والعزلة ربما يكون شيئا خطيرًا بشكل خاص بالنسبة لهم نظرًا لاحتمالية الإصابة بمشاكل صحية أعلى.
وبالمثل، وجدنا تأثيرات كل من الوحدة والعزلة الاجتماعية على القيود الوظيفية الجسدية، والسعادة، والشعور بالتفاؤل، والشعور بالهدف في الحياة، فضلاً عن العديد من النتائج الصحية العقلية الأخرى، مثل الاكتئاب، أو الشعور بالأمل.(يتبع)
*استشاري نفسي وكاتبة/مصر
|