القاهرة 06 سبتمبر 2024 الساعة 04:02 م
بقلم: محمد خضير
منذ تولى الدكتور أحمد فؤاد هنو، الحقيبة الوزارية لوزارة الثقافة، وهناك حالة من التفاؤل بقدوم شخصية محترمة وقيادة واعية يحمل رؤية وخطة عمل ثقافية مهمة وجديرة بالعمل والتنفيذ والمتابعة، وظهر ذلك جليًا في لقاء وزير الثقافة مع الزملاء الإعلاميين والصحفيين محرري وزارة الثقافة، الذي انتظرناه كثيرًا، حيث عقد اللقاء بمكتبه بالزمالك، واستمر لأكثر من ساعتين مستمعًا جيدًا ومتحدثًا ممتازًا لكل مداخلات وأسئلة الزملاء في الشأن الثقافي والفني.
• الصحافة والثقافة.. شراكة مستمرة
أبدى الدكتور أحمد هنو للصحفيين- بكل الحب والاحترام المتبادل- حرصه على اللقاء معهم؛ لما يكنه من تقدير كبير لدور الصحافة والإعلام، معتبرهم شركاء في العمل، ومنبرًا مهمًا يمكن من خلاله أن يقاس عليه مدى تحسن البيئة الثقافية لوزارة الثقافة، مرحبًا بأي أفكار أو استفسارات تطرح من خلال الشركاء في العمل الإعلامي والصحفي، للتعاون وتطوير الأداء من خلال تقديم رؤية واضحة للعمل.
وأكد هنو أنه يقبل الاقتراحات التي تخدم قطاعات الثقافة لصالح شريحة كبيرة من الناس، ولا بد من الاقتراحات أن يصلح أغلبها للتطبيق على أرض الواقع، مشددًا على حرص الوزارة على التعاون والتعامل مع الصحافة والإعلام كشريك أساسي في العمل وتطوره بما يعود بالنفع على القطاع الثقافي، موضحًا أهمية الاستماع من وقت إلى آخر إلى أفكار ومتابعات الصحافة والصحفيين المتخصصين في الشأن الثقافي؛ لأنهم الأكثر احتكاكًا بالجمهور، ولديهم قدرة على قياس الرأي العام وما يحتاجه.
• تفعيل تعاون الثقافة والتعليم
وأثمر لقاء وزير الثقافة مع الصحفيين عن وضوح الرؤية الثقافية بشكل أكبر، وطرح مجموعة كبيرة من الرؤى والأفكار الجديدة والمتجددة، والتعرف بشكل أكبر على أهم خطوات العمل التي اتخذها الدكتور هنو خلال الفترة الماضية، وأبرزها أهمية تفعيل بروتوكول التعاون مع وزارة التربية والتعليم، الذي وصفه بأنه دور مهم وشراكة أساسية مع وزارة الثقافة من خلال وجودها ممثلة في المدارس بكل الأقاليم، ولها دور قوي من ناحية العمل الثقافي والفني المقدم لطلاب المدارس، بالشراكة مع قصور وبيوت ومكتبات الثقافة بكل الإقليم، مشددًا على أنه لا يبحث عن المواهب بداخل المدارس، لكنه يبحث عن الشق الثقافي في المدارس، الذي يستطيع من خلاله أن يصل إلى المواهب الحقيقية بقصور الثقافة بواسطة تنمية النشاط بشكل أكبر وأفضل، وإفراز منتج ثقافي جيد يعود بالنفع على الجيل الجديد من الطلاب والمجتمع، ووصول الثقافة بشكل أكبر للجميع، فيمكننا اكتشاف المواهب من خلال قصر الثقافة وليس من خلال المدارس فقط.
• رؤية للأصول الثقافية
كما شملت تصريحات وزير الثقافة أهداف استراتيجية عمل الوزارة خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى رؤية تعظيم الاستفادة من الأصول الثقافية التي تمتلكها الوزارة، وخطة حماية وحفظ التراث المصري، والمنهجية الهادفة لتنمية المواهب وخلق جيل جديد من المبدعين، واستثمارهم كنواة لنشر الثقافة والفنون في جميع أنحاء الجمهورية، موضحا أن الوزارة شريك أساسي في المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، بما تمتلكه من مقومات معرفية ستكون أحد لبنات تلك المبادرة الاستثنائية، كما تحرص وزارة الثقافة على المشاركة في المبادرات التي تطلقها الدولة المصرية، والتي تهدف إلى الارتقاء بثقافة الشباب وتقليص الفجوة الثقافية، بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والحرص على فتح آفاق التعاون البناء مع مختلف المؤسسات والكيانات والوزارات المعنية بتفعيل رؤية الدولة المصرية للتنمية البشرية، وإحداث التكاملية اللازمة لبناء الإنسان، مشيرًا إلى أهمية تضافر الجهود للمؤسسات الحكومية، والخاصة، وكيانات المجتمع المدني، وتفعيل الشراكات المطلوبة في هذا الصدد.
• العلاقات الثقافية الخارجية
كما طرح لقاء وزير الثقافة مع الصحفيين نقاطًا عديدة حول ربط العلاقات الثقافية بين مصر ودول العالم، موضحًا أهمية دعم العلاقات الثقافية الخارجية، تفعيلًا لاستراتيجية الدولة المصرية الهادفة للانفتاح على مختلف الثقافات، والاستثمار الأمثل للقوى الناعمة في هذا الصدد، مستشهدًا بالتعاون الثقافي بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يمثل ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، والتطلع إلى تنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية المشتركة التي تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وتساهم في تعزيز الهوية المشتركة، وكذلك إعرابه عن اعتزازه بما يربط مصر والبحرين من علاقات وطيدة في مجالات الثقافة والفنون، وأهمية تعزيز وتطوير التعاون في ضوء ما تتميز به البلدين من انفتاح وثراء ثقافي أصيل، والعمل على تنظيم الفعاليات الثقافية المشتركة بما يليق بتاريخ وحضارة وتراث البلدين.
• حفظ التراث الثقافي
واستعرض وزير الثقافة خلال اللقاء جوانب هامة في الموقف المصري لتسجيل عدد من الملفات الوطنية أو المشتركة على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي باليونسكو، ومنها عنصرا "الحناء"، و"آلة السمسمية"، وذلك خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية باليونيسكو في ديسمبر 2024، والمنعقد بدولة باراجواي، وما يعقبها من تعاون مع مكتب القاهرة لإبراز هذا الإدراج.
• المبادرات المصرية.. ارتقاء بثقافة الشباب وتقليص للفجوة الثقافية
وثمن وزير الثقافة الجهود الحثيثة للدولة المصرية لإطلاق مبادرات تهدف إلى الارتقاء بثقافة الشباب وتقليص الفجوة الثقافية؛ بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تحظى برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومنها: مبادرة "بداية جديدة"، التي تهدف إلى بناء الإنسان المصري بشكل شامل، مشروع "أهل مصر"، الذي يستهدف رفع الوعي والمخصص لشباب المناطق الحدودية، مبادرة "صنايعية مصر"، التي تهدف إلى حماية التراث الثقافي المصري ودعم الاستثمار في الصناعات الثقافية.
• خطة الاستثمار الثقافي
كما طرح الدكتور هنو، خطة عمل الاستثمار في الثقافة باعتبارها توجهًا مهمًا جدًا يعمل عليه خلال الفترة المقبلة، وعرضها على أنها خطه تقوم على أربعة محاور في العمل الثقافي الحكومي، والخاص أو الجمعيات الأهلية، أو تعاون الثلاث مع بعضهم البعض، موضحا أنه من الصعب تطبيق اللوائح القديمة التي مر عليها 60 عامًا، وكان وقتها في عدد سكان مصر 15 مليون نسمة، وخلال الوقت الحالي يجب تطبق لوائح تتناسب مع العصر، مشددًا على أن الاستثمار لا يعتمد فقط على الدخل المالي، لكن الاستثمار لا بد أن يحدث في العقليات والكفاءة والبنية التحتية، ولا بد من التعاون مع العائلات ورجال الأعمال، وهذا التوجيه نثمنه ونقدره لما يمثله من أهمية كبرى تعزز من الدور الثقافي والريادة للثقافة والفنون المصرية، وتحافظ على تطوير الأداء الثقافي وترفع من كفاءة قطاعات وهيئات الوزارة.
• أحلام وزير الثقافة
ورد هنو على سؤال الصحفيين حول حلم وزير الثقافة للثقافة المصرية وحلمه الشخصي؛ بكل بساطة وأدب بأن حلمه أن تظل الثقافة المصرية مصباحًا ينير العقول، سواء كانت الثقافة عبر الأدب أو الفنون بمختلف المجالات، وحلمه الشخصي هو أنه عندما يمشي في الشارع تشير إليه الناس وتعرف أنه وزير الثقافة، مثلما يعرف الناس الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، لافتا إلى أن من أهم الآليات التي يسعى لتطويرها هو رفع كفاءة المواقع الثقافية، من بنية تحتية وكفاءة بشرية، لأن الجهاز الإداري يحتاج إلى تطوير والتعامل بشكل أفضل بدلًا من الطرق التقليدية القديمة ودخول عالم الرقمنة في كل قطاعات الوزارة، من خلال التدريب وتقديم دورات تدريبية متنوعة للعاملين بالوزارة في اللغات والحاسب الآلي.
• تطور صناعة السينما
وعند التطرق إلى صناعة السينما كشف وزير الثقافة أنه خلال الفترة المقبلة سوف يولي اهتمامًا كبيرًا بهذه الصناعة المهمة، وتطور قطاع السينما بداية من الكتابة والتصوير، وليس هناك أي عيب في أن نبدأ من جديد لكي نخرج بمنتج سينمائي يحمل قيمة ورسالة ثقافية وفنية تنافس في كل المهرجانات الدولية، وكذلك الاهتمام بالأرشيف السينمائي وتقديمه وفق محتوى رقمي ضمن تحويل المواد الثقافية إلى ديجيتال في مجال السينما والموسيقي والفنون والكتاب، من أجل الاقتراب من الأجيال الصاعدة وسط التطور التكنولوجي الكبير، إلى جانب قدرتها على المرونة مع الأطفال والشباب، ودفع عجلة تطور صناعة السينما باعتبارها من الصناعات الثقافية والفنية المهمة والمتميزة بها مصر في العالم كله.
• مشروع جديد لصناعة النشر
وحول تطور صناعة النشر طرح وزير الثقافة رؤية لمشروع توحيد جهات النشر بالوزارة، حيث تقوم خمس هيئات بالوزارة بنشر الكتب دون التنسيق مع القطاعات الأخرى، وأن التوجه هو حصر نشر الكتب في قطاعين فقط هما الهيئة المصرية العامة للكتاب والمركز القومي للترجمة، والعمل وفق هذه الرؤية من أجل الحد من تكلفة الطباعة، وتكرار طباعة كتاب واحد من عدة جهات تابع للوزارة، بجانب أنه سيتم عودة كل المجلات الثقافية والفنية الموقوفة من خلال صدورها بتقنية الديجيتال، وسيتم تقليل النشر الورقي، والعمل على وجود منافذ بيع في أماكن أكثر انتشارا وجماهيرية من المطارات والجامعات والأندية ومراكز الشباب وغيرها، ما يساهم في تطور صناعة النشر والحفاظ على قيمة المنتج الثقافي المصري من الكتب، وتسويقه بشكل ورقي وإلكتروني بسبل وتطورات أفضل.
• لقاء المثقفين
وفي نهاية اللقاء أعرب وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو عن سعادته باللقاء ضمن اللقاءات التي بدأها مع كل الفئات المتعاملة مع وزارة الثقافة، مشيرا إلى أنه سيبدأ سلسلة لقاءات واجتماعات تبدأ بلقاء مع اتحاد كتاب مصر في المجلس الأعلى للثقافة، ثم لقاء مع الموسيقيين، ومن بعدهم المسرحيين، وأخيرًا الفنانين التشكيليين، مؤكدًا أهمية الحوار الثقافي مع المفكرين والمثقفين والصحفيين بكافة تنوعهم الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
وتوجهنا بالشكر المتبادل لوزير الثقافة على سعة صدره ورقيه في استيعاب افكار ومناقشات وأطروحات الزملاء المحررين الثقافيين، مطالبين بتكرار اللقاء كل فترة، للوقوف على ما تم من تطوير وتنفيذ لخطة عمل الوزارة.. والله المستعان.
|