القاهرة 20 اغسطس 2024 الساعة 01:44 م
بقلم: عمرو خان
في ظل التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم اليوم، بدأت المجتمعات العربية تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة حيوية لدفع عجلة التنمية والابتكار. بينما تتصدر دول مثل الإمارات وقطر المشهد بفضل استثماراتها الكبيرة واستراتيجياتها الطموحة، تسعى دول أخرى مثل مصر والمغرب والأردن إلى الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد. في هذا المقال، سنستعرض كيف تختلف مستويات استخدام الذكاء الاصطناعي بين الدول العربية، وأين تكمن الفرص والتحديات في هذا المجال.
تتعدد مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي، حيث تُستخدم هذه التقنيات في: التعليم تساعد في تحسين العملية التعليمية من خلال تقديم محتوى تعليمي مخصص لكل طالب بناءً على احتياجاته. وفي الصحة يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية وتشخيص الأمراض بسرعة ودقة أكبر، مما يساهم في تحسين الرعاية الصحية.
أما في التجارة الإلكترونية: يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة التسوق عبر الإنترنت من خلال توصيات مخصصة وتحليل سلوك المستخدمين. وفي القطاع الحكومي: تسعى بعض الدول العربية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات الحكومية وتطوير المدن الذكية.
من بين الدول العربية، تعتبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد بدأت الإمارات في دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات منذ عام 2017، عندما أطلقت أول وزارة للذكاء الاصطناعي في العالم. أما السعودية، فهي تسعى من خلال رؤية 2030 إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.
في مصر، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، بما في ذلك الصحة والتعليم والقطاع الحكومي. بدأت مصر في تبني هذه التقنيات بجدية منذ عام 2019 مع إطلاق "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي"، التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. تركز مصر على تطوير المهارات التقنية والشراكات مع المؤسسات الدولية لتعزيز قدراتها في هذا المجال.
ولا يزال السودان في مراحل مبكرة من تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. على الرغم من وجود بعض المبادرات الأكاديمية والبحثية، إلا أن الاستخدام العملي للذكاء الاصطناعي في السودان محدود حتى الآن، ويواجه تحديات كبيرة مثل نقص البنية التحتية التكنولوجية والموارد المالية.
وتعمل الجزائر على تطوير استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم والزراعة والطاقة. وبدأت الحكومة في السنوات الأخيرة بإطلاق مبادرات لتعزيز الابتكار التكنولوجي، بما في ذلك إنشاء مراكز بحثية متخصصة. في عام 2020، أطلقت الجزائر "المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي" لقيادة جهود تطوير هذه التقنيات على المستوى الوطني.
يشهد المغرب تطورًا سريعًا في استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجالات مثل الزراعة والصناعة. الحكومة المغربية أطلقت عدة برامج لدعم الابتكار في هذا المجال، وأبرزها مبادرة "المغرب الرقمي" التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي. المغرب يسعى أيضًا إلى التعاون مع شركات دولية للاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة.
وتُعد تونس من الدول العربية النشطة في مجال البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي. تتميز تونس بوجود مؤسسات تعليمية قوية تعمل على تخريج كوادر متخصصة في هذا المجال. تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تونس في التعليم والخدمات الحكومية والقطاع الصحي. تونس أطلقت مبادرة "تونس الرقمية 2020" لتعزيز استخدام التكنولوجيا في مختلف القطاعات.
وتسعي الأردن لدمج الذكاء الاصطناعي في القطاعين الحكومي والتعليمي. الجامعات الأردنية تقدم برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مما يساعد في تخريج جيل من المهندسين المتخصصين في هذا المجال. الحكومة الأردنية تسعى لتطوير استراتيجيات وطنية لدعم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات العامة وتنمية الاقتصاد.
وبدأت الكويت في استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي مؤخرًا، مع التركيز على استخدامه في القطاع الحكومي لتحسين الكفاءة وتطوير الخدمات. تهدف الكويت إلى دمج الذكاء الاصطناعي في رؤيتها المستقبلية "الكويت 2035" لتعزيز الاقتصاد المعرفي وتقليل الاعتماد على النفط. كما تركز الكويت على تطوير البنية التحتية التكنولوجية لتسهيل استخدام هذه التقنيات.
وتُعد قطر من الدول الرائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المنطقة. مع استثمارات كبيرة في التعليم والتكنولوجيا، تسعى قطر إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا للابتكار التكنولوجي. في عام 2019، أطلقت قطر "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي" التي تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الصحة والتعليم والطاقة. قطر تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي في التحضير لكأس العالم 2022، وخاصة في مجالات الأمن وإدارة الأحداث.
تشير تقارير حديثة إلى أن معدل استخدام الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينمو بمعدل سنوي يقدر بحوالي 25% منذ عام 2018. في عام 2022، قُدرت القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي في المنطقة بحوالي 1.2 مليار دولار أمريكي. وتُظهر الدراسات أن القطاع الصحي والتجاري هما الأكثر استفادة من هذه التقنيات.
-
بداية استخدام الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي
بدأت بعض الدول العربية في استكشاف تقنيات الذكاء الاصطناعي في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ولكن الاهتمام الحقيقي بدأ يظهر بوضوح بعد عام 2015. الإمارات والسعودية كانتا من أوائل الدول التي أدركت أهمية هذه التقنيات، واستثمرت بشكل كبير في تطويرها واعتمادها في مجالات متعددة.
على رغم من التقدم الملحوظ في استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض الدول العربية، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه المنطقة في هذا المجال، منها نقص المهارات التقنية المتخصصة والبنية التحتية التكنولوجية المتطورة. ومع ذلك، فإن المستقبل يبدو واعدًا، حيث تسعى العديد من الدول إلى تعزيز استخدام هذه التقنيات لدفع عجلة التنمية في المجتمعات العربية.
ورغم تفاوت مستوى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كبير بين الدول. بينما تقود دول مثل الإمارات والسعودية وقطر الطريق في تبني هذه التقنيات، فإن دولًا أخرى مثل السودان ما زالت في مراحلها الأولى. مع ذلك، فإن جميع الدول العربية تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي وتسعى إلى تطوير استراتيجيات وطنية لتعزيز استخدامه في مختلف القطاعات.
|