القاهرة 20 اغسطس 2024 الساعة 01:15 م
بقلم: د. محمود الدخيل ـ الأردن
إن ثورة الذكاء الاصطناعي قد تغير وجه العالم، وخاصة في مجال البحث العلمي وطرح الأسئلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي" وهو التطبيق الذي ذاع صيته بشكل كبير، حيث يتيح للأشخاص كتابة الأسئلة وتلقي الإجابات على مجموعة كبيرة من الموضوعات، بل إن هذا التطبيق الواعد يمكن له أن يقوم بكتابة المقالات والتقارير وتنفيذ أي عمل آخر يرغب به شخص ما بناء على تقنية الذكاء الاصطناعي..
بل إن هذه الأجهزة قادرة على تنفيذ التعليمات المعطاة لها بدقة ومهارة نتيجة لجمع أكبر كم من البيانات ووضعها في الآلة لتخزينها ومن ثم معالجتها وتحويلها لمحاكاة السلوك، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي استغلال البيانات المخزنة في الكمبيوتر على شكل رموز لا يفهمها الإنسان يتم تحويلها في نهاية المطاف لخورزميات، وكلما كانت كمية البيانات كبيرة، كلما كانت الآلة أكثر ذكاء".
وتشهد هذه التقنية نموا سريعا، لكن هل أمكن حصر أنواع الذكاء الاصطناعي؟ بشكل مبدئي تمكن العلماء من تحديد أنواعه فيما يلي:
الآلات التفاعلية: تعد أقدم أشكال أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات القدرات المحدودة للغاية، حيث إنها تحاكي قدرة العقل البشري على الاستجابة لطلبات معينة. لا تحتوي هذه الأجهزة على وظائف قائمة على الذاكرة، بمعنى أن هذه الآلات لا يمكنها استخدام الخبرات المكتسبة سابقا لأفعالها الحالية، أي أن هذه الآلات ليس لديها القدرة على "التعلم".
ـ ذاكرة محدودة: آلات الذاكرة المحدودة هي أجهزة قادرة على التعلم من البيانات التاريخية لاتخاذ القرارات، بالإضافة إلى امتلاكها لقدرات الآلات التفاعلية البحتة.
ـ نظرية العقل: تمثل المستوى التالي من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يشارك الباحثون في ابتكارها، وهي مستوى سيكون فيه الذكاء الاصطناعي قادرا على فهم الأشخاص الذين يتفاعلون معه بشكل أفضل من خلال تمييز احتياجاتهم وعواطفهم ومعتقداتهم وعملية تفكيرهم.
ـ الوعي الذاتي: وتعد المرحلة الأخيرة من تطوير الذكاء الاصطناعي، إذ إنه تطور ليكون قريبا جدا من الدماغ البشري بدرجة أنه يطور وعيا ذاتيا خاصا به. قد يستغرق تطوير هذا النوع من الذكاء الاصطناعي عقودا من الزمن وسيظل دائما الهدف النهائي لجميع أبحاث الذكاء الاصطناعي.
ـ الذكاء الاصطناعي الضيق: يمثل هذا النوع جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي الموجودة، بما في ذلك أكثر الذكاء الاصطناعي تعقيدا وقدرة على الإطلاق. ويشير الذكاء الاصطناعي الضيق إلى أنظمة يمكنها فقط أداء مهمة محددة بشكل مستقل باستخدام قدرات شبيهة بالإنسان.
ـ الذكاء الاصطناعي العام: هو قدرة وكيل الذكاء الاصطناعي على التعلم والإدراك والفهم والعمل تماما مثل الإنسان، وستكون هذه الأنظمة قادرة على بناء كفاءات متعددة بشكل مستقل وتشكيل اتصالات، مما يقلل بشكل كبير من الوقت اللازم للتدريب.
ـ الذكاء الاصطناعي الخارق: من المحتمل أن يمثل تطوير هذا النوع ذروة أبحاث الذكاء الاصطناعي، حيث سيصبح أقوى أشكال الذكاء على وجه الأرض. وسيكون أفضل بكثير في كل ما يفعله البشر بسبب الذاكرة الأكبر ومعالجة البيانات وتحليلها بشكل أسرع وقدرات اتخاذ القرار.
-
استخدامات الذكاء الاصطناعي
وعلى الرغم من أن المجال لا يزال ناشئا إلا أن الذكاء الاصطناعي بات يستخدم في كثير من جوانب الحياة لدرجة أن الإنسان قد يستخدم هذه التقنية دون أن يدرك ذلك. إن استخدامات الذكاء الاصطناعي ليس لها حدود، فهذه التقنية تذهل في المجالات كافة، فهذا التطبيق سوف يحدث ثورة في مجال التعليم..
الذكاء الاصطناعي والطب :
ولهذه التقنية الحديثة، استخدامات متعددة في المجال الطبي منها لجوء أخصائيو الأشعة للذكاء الاصطناعي منذ سنوات لتحليل الأشعة السينية والمقطعية للبحث عن السرطان وتحسين القدرة على التشخيص، بحسب التي أشارت إلى أن 30 بالمئة من أطباء الأشعة يستخدمون الذكاء الاصطناعي كجزء من ممارستهم اليومية.
وفي الحقل الطبي أيضا، إن استخدام الذكاء الاصطناعي الأكثر شيوعا خلال السنوات الماضية في البحث والتطوير بمجال المستحضرات الطبية، حيث يمكنه معالجة وتحليل البيانات الطبية الخاصة بالأدوية وبالمرضى والوصول إلى تأثيرات أكثر دقة للعلاجات المختلفة. كما أنه لديه القدرة الهائلة على تشخيص الأمراض والتقاط صور الأشعة الأكثر دقة لأعضاء الإنسان لتحديد ما أصابها من تلف عضوي.
الذكاء الاصطناعي والتعلم:
كذلك للذكاء الاصطناعي القدرة على مواجهة بعض أكبر التحديات في التعليم وابتكار ممارسات التدريس والتعلم.
ومع ذلك، تؤكد اليونسكو أن نشر تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في التعليم يجب أن يهدف إلى تعزيز القدرات البشرية وحماية حقوق الإنسان من أجل التعاون الفعال بين الإنسان والآلة في الحياة والتعلم والعمل وللتنمية المستدامة.
الذكاء الاصطناعي وعالم المال والأعمال:
في عالم المال والأعمال، يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا كبيرا من خلال الدخول في سوق الأسهم والحصول على استشارات وتحليل تاريخ وأداء السهم وتقييم العوامل التي تؤثر فيه مما جعل الأسواق تشهد إقبالا من المستثمرين الأقل ثراء في جميع أنحاء العالم بحسب موقع "لك، سيعمل الذكاء الاصطناعي على موازنة الاستثمارات عبر المجموعات لإدارة المخاطر وتحسين العوائد من خلال أدوات معينة لديها القدرة على منح المستخدمين خيار استراتيجية استثمار فريدة من نوعها بحيث إنهم يضعون الحد الأدنى من المبلغ المراد استثماره وترك المهمة على الذكاء الاصطناعي ليعمل نيابة عن الإنسان.
كما للذكاء الااصطناعي استخدامات في الزراعة والتجارة الإلكترونية والتسويق وخدمات التمويل المصرفية ومجالات أخرى.
في تكولوجيا المعلومات، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في أجهزة مثل "أليكسا" التابع لشركة آمازون، هو جهاز مساعد افتراضي يعمل على غرار "سيري" في أجهزة آبل و"غوغل أسيستانت" في أجهزة أندرويد، حيث يوفر إجابات للمستخدمين من خلال سؤاله بلغات مختلفة، بالإضافة إلى تشغيل الموسيقى وقراءة الأخبار وغيرها من الميزات.
ورغم أن هذه التقنية متسارعة التطور ستكون لها خدمات جليلة في خدمة البشرية، إلا أن هناك مخاوف عميقة منها.
وتتمثل أبرز المخاوف في أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقضي على ملايين الوظائف الحالية. لكن بعض الخبراء يرون أن الذكاء الاصطناعي سيعزز الوظائف بدلا من تقليصها على الأقل على المدى القصير، وفق صحيفة "الغارديان"
وقال أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة أكسفورد، مايكل وولدريدغ، للصحيفة البريطانية إنه "من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ بعض الوظائف، بنفس الطريقة التي استحوذت بها الأتمتة على الوظائف في المصانع أواخر السبعينيات"
وتابع: "لكن بالنسبة لمعظم الناس، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون مجرد أداة أخرى يستخدمونها في حياتهم العملية، بنفس الطريقة التي يستخدمون بها متصفحات الويب ومعالجات النصوص والبريد الإلكتروني".
وفي هذا الإطار، تعتقد حمود أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يؤثر على وظائف البشر على اعتبار أن كل تطور تكنولوجي يؤثر في ذلك.
وقالت إن التقنية "من الممكن أن تشكل تهديدا على عمل البشر إذا لم يطور الإنسان من نفسه من خلال تعلم تقنيات ومهارات جديدة".
وأضافت أن "الخوف من الذكاء الاصطناعي يأتي بسبب أن البشر بطبيعتهم يميلون للكسل".
ومع ذلك، ترى حمود أن "الذكاء الإنساني سيبقى متغلبا، ولكن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يتخطاه لو كان الإنسان كسولا".
كما صف الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، وهو أحد مؤسسي "أوبن أيه آي"، الخطر من الذكاء الاصطناعي بأنه "أكبر بكثير من خطر الرؤوس الحربية النووية"، بينما أثار بيل غيتس مخاوف بشأن دور الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة.
وحذر معهد "فويتشر أوف لايف" (Future of Life)، وهو منظمة تبحث في التهديدات الوجودية للبشرية، من احتمال وجود أسراب قاتلة من الطائرات بدون طيار تعمل بالذكاء الاصطناعي ويمكنها إطلاق النار دون تدخل بشري.
وقال كاي فو لي، الرئيس السابق لشركة غوغل الصين وخبير الذكاء الاصطناعي، لصحيفة "الغارديان" إنه يجب على الحكومات أن تأخذ في الاعتبار المخاوف بين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي بشأن المخاوف في الجانب العسكري.
وأضاف: "مثلما تحدث الكيميائيون عن الأسلحة الكيميائية وعلماء الأحياء عن الأسلحة البيولوجية، آمل أن تبدأ الحكومات في الاستماع إلى علماء الذكاء الاصطناعي".
في سياق متصل، تطرقت حمود إلى قضية "خطيرة" للذكاء الاصطناعي تتمثل في استغلاله لتزييف التاريخ عبر الحروب الثقافية.
وقالت إن "استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنترنت ومحركات البحث الإلكترونية موضوع جيد على اعتبار أنه يوفر معلومات متاحة للناس"، لافتة إلى أن "الخطر" يتمثل في استغلال التقنية في صراع الحضارات.
ومضت قائلة: "الذكاء الاصطناعي قد يغير تاريخا كاملا من خلال إمكانية تشكيله خطرا على الذاكرة الجماعية التي تتكون على الإنترنت".
|