القاهرة 11 اغسطس 2024 الساعة 10:00 ص
كتبت: إيمان السباعي
ماذا يفعل الأطفال في ألعابهم..إنهم ببساطة يغيرون العالم على هواهم يعيدون ترتيب كل شيء، ويهربون من الواقع بخيالهم الذي لا حد له..لكن اللعبة في العرض المسرحي "ليلة القتلة" غير مألوفة ولا تنتهي أبدا.
العرض عن نص الكاتب المسرحي الكوبي الذي يحمل الاسم نفسه"ليلة القتلة"، وأبطاله ثلاثة يافعين: لالو وكوكا وببا، فتى وفتاتان يعانون من تسلط أبويهما غير المحدود فعلى حد تعبير لالو الفتى أنهما لا يعاملانه كإنسان من لحم ودم، يتحكم الأبوان فيهم وكأنهم عرائس ماريونت فيلجأ الأبناء إلى الخيال أو إلى لعبة خيالية يقتلون فيها الأبوين، تتكرر تلك اللعبة كل ليلة ويمثلون فيها جريمتهم ويتلقون مصيرهم في محاكمة خيالية بعد القبض عليهم.
إن غرابة تلك المسرحية تأتي من هذا الارتباك الذي قد يشعر به المشاهد بوقوعه في فخ بين الواقعي والخيالي, فاللعبة تبدأ ويتخيل الأبناء كل شيء فتقوم الفتاتان بأدوار الأب والأم وأصدقائهم ورجال الشرطة وممثل الادعاء أما الفتى فيظل هو المتهم القاتل ويتحدث من موقعه في قفص الاتهام عن سبب القتل وإمعانا في الخيال العبثي يُستدعى الأم والأب بعد قتلهما للإفادة بشهادتهما وتتحول المحاكمة الخيالية إلى ساحة لتبادل الاتهامات ليصبح الجميع مذنبين، وتنتهي اللعبة لتبدأ من جديد وتبدأ إحدى الفتاتين بالحكاية واللعب فالدور دورها لتروي كيف قتلتهما.
أضاف محمد زكي رؤية جديدة للعبة أو للعبة المسرحية، ففي النص الأصلي تظل الشخوص جميعا عدا الثلاثة أبناء محض خيال غير ظاهر ويؤدي الأبناء الأدوار بتقمص الشخصيات وتقليدها، أما في رؤيته فجعل هذا الخيال يتجسد على هيئة أشباح أو عرائس ماريونت ترتدي ما يشبه زيا موحدا وتحركها الفتاتان بأيديهم تارة وتارة أخرى تبدو الحياة كأنها قد دبت فيهم فيفلتون من قبضتهن، تذكرك هذه العرائس بمشاهد الأحياء الموتى في دلالة رمزية لحياتهم الجامدة الخالية من المعنى كما أن تحريكهم بواسطة الأبناء في اللعبة الخيالية محاكاة رمزية لتحرر الأبناء من سلطتهم..فاللعبة انقلبت وأصبحوا المسيطرين على حياة الأباء لدرجة إنهاء هذه الحياة بالقتل.
خفف الأداء الحركي الراقص من كآبة وعنف الحوار والإضاءة الحمراء والزرقاء شبه المظلمة عبرت عن حال الأبناء في سجن شيده لهم الأبناء يتخبطون في ظلام أفكارهم ويأسهم، أما المحاكمة غير العادلة فكانت دالة على هزيمة الفرد أمام قانون المجتمع وإن كان هذا القانون مجرد قيد على حريته وإرادته لتصبح مواجهة الأب والأم مواجهة لأي سلطة تقهر الإنسان وتشيؤه.
"ليلة القتلة" من إخراج محمد زكي وتمثيل إبراهيم الزيادي وياسمين عمر، وعرض ضمن عروض المسابقة (الفرق المسرحية المستقلة- فرقة الفكرة فن) بالمهرجان القومي للمسرح المصري.
|