القاهرة 05 اغسطس 2024 الساعة 11:48 م
بقلم: محمد خضير
لم تخل عبارات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى خطابه أمام مجلس النواب لإعلان برنامج الحكومة الجديدة من الإشارة إلى عمل الحكومة على بناء الإنسان ورفع الوعى الثقافي، والتأكيد على الاستمرار فى تفعيل استراتيجية الدولة المصرية لبناء الشخصية، وتحقيق العدالة الثقافية، والمساهمة فى صناعة الوعي، وترسيخ الهوية وتعزيز قيم المواطنة.
• التنمية الثقافية:
ولذلك على وزارة الثقافة المصرية العمل على تفعيل هذا المبدأ الذى تتبعه الحكومة من خلال خطة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ضمن برنامجه الشامل فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنفيذ عدد من البرامج بقطاع الخدمات الثقافية لتخدم تلك المستهدفات من أبناء الشعب المصري، وذلك فى إطار الإيمان بأهمية تلك الخدمات فى تنوير العقول وتنمية الفكر العقلى والتصدى للأفكار الظلامية، والمحاولات الخبيثة لتسللها بين الشباب والتصدى للتطرف والإرهاب الفكرى.
• رفع الوعي:
كما تأتى الفعاليات الثقافية والتوعوية على رأس أولويات الحكومة، والتى من المفترض أنها تستهدف تنفيذ مجموعة من المراحل، وانطلاق واستكمال المرحلة الثانية والثالثة لمشاريع وبرامج ثقافية من شأنها أن تساهم فى رفع الوعى الثقافي والمعرفي، لأنها برامج ثقافية تخاطب جميع الشرائح العمرية والاجتماعية، وتتضمن قوافل ثقافية شاملة تجوب القرى والنجوع بالمحافظات، وخاصة القرى المحرومة من الأنشطة والفعاليات الثقافية، التي تتضمن عروضا موسيقية للأطفال والشباب والكبار وعروضا مسرحية إلى جانب ورش فنية وأدبية وفكرية، وأنشطة لاكتشاف المواهب، وورش عمل للحرف اليدوية والتراثية، للعمل والمساهمة فى تنوير العقول وتعزيز الهوية، ورعاية وفتح فصول للموهوبين من طلاب المدارس لاكتشاف وتبنى النابغين منهم ورعايتهم.
• الوعي المجتمعي:
وعندما يتم خلق وعي ثقافي لدى الأجيال الشابة يكون لدينا وعي اجتماعي، لانه من أهم عناصر بناء الإنسان والمجتمع أن يكون لدينا وعى ثقافي واجتماعي من أهم عناصر تقدم وتطور المجتمع، بكونه يلعب دورا عظيما في استقرار المجتمع ونهوضه وتحضره، وهذا "الوعي" هو الذي يشعر الفرد بأنه مرتبط مع باقي أفراد المجتمع، بكونه جزءًا من الكل، وهذا الشعور يجعل هذا الفرد أكثر ترابطا وتعاطفا مع المجتمع، وهو ما يجعله يقوم بأداء واجباته الوطنية بأفضل صورة ووجه، لأن شعوره بالمسؤولية هو الذي يضبط سلوكه وتصرفاته بشكل أخلاقي، ولا يصل الإنسان إلى هذا المستوى من المسؤولية إلا بعد أن يعمل على تنمية "الوعي" بشكل مستمر، من خلال تطوير قدراته الفكرية، ومن خلال ربط تلك القدرات بتنظيم علاقته بالبيئة المحيطة، وبتجاربه الحسية التي تشكل خبرته في الحياة، وبالتالي لا يكون المجتمع عرضه لأي غزو يعبث بفكر شبابنا.
• آليات التنفيذ:
ولذلك ومع تأكيد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء على هذه الأولويات لبناء الإنسان ورفع الوعي الثقافي وتكليف وزير الثقافة الفنان الدكتور أحمد هنو، بوضعها على رأس الأولويات لخطته التنفيذية، ظهرت منذ اللحظات الأولى خطوات "هنو"، فى تأكيده على تعهده بتنفيذ ذلك من خلال دعم دور الثقافة والفنون فى تنمية مهارات الشخصية المصرية، ونشر الوعي والمعرفة، وتشجيع الإبداع والابتكار ودعم الموهوبين، بالإضافة إلى تعزيز مكانة مصر إقليميا ودوليا، وعودة الفعاليات المتوقفة منذ سنوات، وتأكيده على أن خطتة للعمل الثقافى تتضمن التركيز على العنصر البشرى، وتطوير البنية التحتية للمواقع التى تقام بها الفعاليات الثقافية، إلى جانب الاهتمام بآليات تنفيذ خطة العمل الثقافى، والمستهدف المرجو منها، وترحيبه بالرؤى والأفكار الإبداعية من خارج وزارة الثقافة.
وكذلك من مقومات وآليات التنفيذ التى ترتكز عليها خطة عمل وزارة الثقافة، العمل المتكامل بين مختلف قطاعات وزارة الثقافة، مع الحرص على تفعيل التعاون مع الوزارات المعنية ببناء الإنسان، خاصة وزارات التربية والتعليم والتعليم الفنى، والشباب والرياضة، والسياحة والآثار، والتعليم العالى، لتحقيق العدالة الثقافية، والإسهام فى بناء الإنسان المصري، ونقل تفعيل هذا التعاون بترجمته إلى فعاليات بمختلف الأقاليم الثقافية بالمحافظات.
• رؤية "هنو":
كما بلور ذلك الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة خطة العمل الثقافي بشكل تفصيلي من خلال استعراضه "برنامج عمل الثقافة" أمام اللجنة الخاصة بمناقشة "برنامج الحكومة" بمجلس النواب، والتى تضمنت برنامج الحكومة في محوره الثاني المتعلق ببناء الإنسان، وتعزيز الوعي الثقافي والإبداعي، كضمانة للإبقاء على سمة التفرد المصرية في "نشر التسامح بين فئات المجتمع بلا تمييز"، وأن تُصبح وزارة الثقافة جزءًا أصيلًا فاعلًا ضمن منظومة العمل على تطوير استراتيجية شاملة للقوة الناعمة، مع ضمان تكاملها مع الخطط الوطنية، والمتمثلة في إنشاء "المجلس الثقافي المصري للقوة الناعمة"، ليكون معنيًا بمتابعة تنفيذ البرامج والسياسات المستهدفة تحسين صورة مصر إقليميًا ودوليًا.
كما تضمن برنامج العمل الذى قدمه "هنو" بلورة استراتيجية خاصة بالصناعات الثقافية الإبداعية تُسهم في "إطلاق مبادرات داعمة للعلامة التجارية الوطنية -صنع في مصر-"، ومواصلة الجهود إزاء تسجيل العناصر التراثية المختلفة على قوائم التراث غير المادي لليونسكو، وتنفيذ استراتيجية عمل الوزارة الخاصة بتسويق المنتجات الثقافية بما يضمن صون الهوية الوطنية.
رفع الكفاءة:
كما جاء تأكيد وزير الثقافة أمام اللجنة البرلمانية على أهمية المضي قدمًا لاكتشاف ودعم وصقل قدرات الموهوبين في المجالات الإبداعية المتنوعة، وأهمية العمل على الارتقاء بمنظومة إنشاء وتطوير ورفع كفاءة منشآت البنية التحتية لقطاعات الوزارة، وأهمية حشد الجهود نحو الارتقاء بصناعة السينما المصرية، وتشجيع مختلف الآليات الداعمة للنهوض بالأدب وفنون الكتابة، وتعزيز حركة الترجمة بين اللغة العربية واللغات الاخرى بمختلف بمجالات الإبداع، وأن الفترة المُقبلة ستشهد تطورًا ملموسًا فيما يتعلق بتنفيذ العديد من المحاور والأفكار والمبادرات المرتبطة بالتحول الرقمي، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من "تكنولوجيا المعلومات" في تطوير القطاع الثقافي، مع أهمية اضطلاع وزارة الثقافة المصرية بدورها إزاء تفعيل الخطط الجادة والفاعلة الرامية لتعزيز الصادرات الثقافية، وزيادة معدلاتها بالشكل الذي يعود بالنفع على الدخل القومي المصري، وذلك من خلال تحسين مستوى جودة الأداء المصري في مجال الصناعات الثقافية.
وشدد الدكتور أحمد هنو على أن الوزارة ستعكف خلال الفترة المقبلة على تكثيف الاهتمام بتطوير منظومة الأداء بعدد من المشروعات الثقافية القائمة بالوزارة، ومنها: تكليف اللجنة العلمية العليا لمشروع أطلس المأثورات الشعبية المصرية "الفولكلور" التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، وذلك بعمل "أطلس الحرف التراثية"، ووضع خطط مدروسة لتسويق المنتجات الحرفية، بما يضمن تطوير الحرفة وعدم اندثارها، ووجود عائد منها يسمح بدعم الأنشطة الثقافية والفنية، والعمل على تأسيس المزيد من مراكز وقصور الثقافة المتكاملة، إلى جانب مواصلة إنشاء المسارح الحديثة، وبناء المزيد من المكتبات العامة في المحافظات والمناطق النائية، مع تحديث محتوياتها لتشمل أحدث الإصدارات في مختلف المجالات، وتيسير إتاحة الخدمات الثقافية والفنية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، مع التوسع في إطلاق الحملات الوطنية لجمع وتوثيق الموروثات الثقافية والفنية لمحافظات ومدن الجمهورية.
• تدريب الكوادر:
وعرض وزير الثقافة خطة الاهتمام بإقامة دورات تدريب وتأهيل للكوادر الثقافية، وتكريم الموهوبين والمثقفين والفنانين، والعمل على تنظيم المهرجانات الثقافية والفنية المتنوعة بشكل دوري في جميع محافظات ومدن الجمهورية، وتنظيم مهرجانات وفعاليات ثقافية تحتفي بالتنوع الثقافي في مصر، وتعزيز إسهام دور النشر التابعة للدولة في طبع وإصدار وترجمة المؤلفات المختلفة في المجالات الثقافية المتنوعة.
وأخيرًا وليس بآخر.. مثلما عرضت الحكومة الجديدة خطتها الاستراتيجية أمام البرلمان لاستكمال وتحقيق هذا الجانب من الخطة فى بناء ورفع الوعي الثقافي للإنسان، نطالب من وزارة الثقافة العمل على النظر فى خطط المتابعة وغرف العمليات الخاصة بمتابعة تنفيذ نشاط الوزارة، من خلال أذرعها الرئيسية وهي الهيئة العامة لقصور الثقافة لأنها تمثل أكبر هيئة ثقافية حيث تضم ستة أقاليم ثقافية تشمل كل محافظات مصر، والتى من شأنها أن تُفعّل بشكل حقيقي وفعال دور الحكومة فى وصول المنتج الثقافي لمستحقيه بشكل فاعل وليس مجرد بيانات وصور غير واقعية، ومن خلال دراسة وتفعيل لجان المتابعة وتدريبهم وثقلهم بخبرات وآليات جديدة تواكب العصر، وهذا التطور كفيل بنجاح هذا الجزء من خطة الدولة الشاملة فى رفع وبناء الوعي الثقافي لدى المجتمع، ويحسب لوزارة الثقافة قدرتها على تحقيق ذلك بقدر المستطاع.
|