القاهرة 25 يونيو 2024 الساعة 10:07 ص
بقلم: لنكولن براون
ترجمة: سماح ممدوح حسن
يعتبر التأمل الذاتي أمراً مستحباً، لكن متى يكون مبالغاً فيه؟ دائما ما نسأل أنفسنا، هل أنا سعيد؟
يطاردنا هذا السؤال فى حياتنا اليومية، لكن علم النفس يقول إن ما يرغب فيه الناس حقًا، هو إيجاد معنى للحياة.
أفادت دراسة أجراها استطلاع لشركة "هاريس بول" عن السعادة الأمريكية، بأن ثلث الأمريكيين فقط يشعرون بالسعادة. وماذا عن الآخرين؟ نعم ليسوا كذلك!
في العصر الذي يشجعنا الآخرين على ترقية مكانتنا في العالم باستمرار، وبالتالي، ترقية شعورنا تجاه وجودنا فيه، فإن البحث عن السعادة لا يصبح مملاً فحسب، بل محبطًا أيضًا. ويصير التأمل الذاتي، جزءًا اضطرارياً من ثقافتنا، ويطلب منا إعادة تقييم وظائفنا وعلاقاتنا ومنازلنا وحياتنا المثالية. وحينها لا تكون النتائج مرضية كفاية.
تؤكد دراسة أجريت عام 2011 أن البحث الدائم عن السعادة لا يؤدي إلا إلى الشعور بالتعاسة.
وفي دراسة بعنوان "هل البحث عن السعادة يجعل الناس تعساء؟ الآثار المتناقضة لتقدير السعادة"، توضح هذه الدراسة القيّمة السبل التى نحاول بها تحقيق السعادة، وكيف يؤدي ذلك إلى الإحباط فقط.
وتقول الدراسة "إنه كلما زاد تقدير الناس للسعادة، زاد احتمال شعورهم بخيبة الأمل"
حتى مع تغيّر الحياة للأفضل، يستمر الناس في الشعور باليأس والوحدة. إذاً، على ما يبدوا هذه هى المشكلة؟
وبحسب أحد علماء النفس فإن الحل لا يكمن فى السعي وراء السعادة بل فى معني الحياة.
الأشخاص الذين يسعون لإيجاد معنى للحياة يصبحون أكثر إيجابية ويكتسبون شعورا أفضل تجاه كل ما يفعلونه، بدءًا من المتعة وحتى العمل.
وبينما يكون البحث عن المعنى مهمة كبيرة كالتوق إلى السعادة، إلا أن الباحثين يقولون إن هناك اختلافات كبيرة بين الاثنين.
يتلخص إيجاد معنى للحياة في أربع خطوات أساسية:
-
التحكم فى تصورك للحياة.
مشكلة البحث عن السعادة هي أننا في بعض الأحيان لا نجدها
نجلس ونتأمل. وعندما ندرك أننا غير سعداء، فإننا غالبًا ما نتراجع محبطين.
لكن عندما يسعى الشخص إلى إيجاد المعنى، فإنه بدلاً من ذلك ينظر إلى ما هو أبعد من الوضع الحالي وينظر إلى الصورة الأكبر.
الحياة مليئة بالصعود والهبوط، والسماح لأنفسنا بالغضب من العثرات بين لحظات السعادة لا يساعد إلا في خلق الشعور باليأس في حياتنا.
إن العثور على طريقة للبحث عن المعنى دون التركيز على ما إذا كنت سعيدًا في هذه اللحظة أم لا، يسمح لك بإيجاد حل غير مرتبط بالوقت.
-
ابحث عن أشياء أكبر من ذاتك.
ابحث عن أشياء أكبر مما أنت عليه وما تعرفه. بكلمتين، أسعى للسمو.
لا ينغي أن يكون السمو شيء روحي أو أي شيء ديني.
فالسمو، هو أن تسمح لإحساسك بذاتك أن يختفي، أو الأفضل من ذلك، أن يندمج في جزء أكبر من واقعك.
يشعر العديد من الناس بالسمو بأشكال مختلفة، لكنه غالبًا ما يوصف بأنه ابتهاج، وشعور بالانتماء إلى شيء أعظم.
قد يكون السمو بالنسبة لك هو الرهبة وعدم القدرة على الكلام. بالنسبة لشخص آخر، يمكن أن يكون السمو انعكاسًا ووعيًا ذاتيًا.
يمكنك استحضار السمو من خلال وضع نفسك في مواقف تضعك أنت والعالم جنبًا إلى جنب، مما يسمح لك بتجربة واقع أكبر غير واقعك بوضوح.
-
احط نفسك بالحب.
غالبًا ما نلجأ إلى الأشخاص من حولنا بحثًا عن السعادة، وفى البحث عن المعنى، لا يوجد فرق كبير.
في كثير من الأحيان نشعر كما لو أننا وحدنا، وأن وجودنا في الكون ليس له أي تأثير على الصالح العام.
قد نعجز عن اختبار وجودنا في مواجهة الاحتمالات الأكبر، إلا لو وجدت طرقا تضمن إحساسنا بالذات من خلال الانتماء. أي مع العائلة.
فمع الأصدقاء. ومع الأحباء. ومن خلال إحاطة نفسك بالأشخاص الذين يحبونك، ستتمكن من إدراك أن وجودك يتردد صداه مع الأشخاص المحيطين بك.
وبالتأكيد، هذا مختلف عن أن تكون مشهورًا بسبب الأشياء التي تمتلكها أو الأشياء التي تؤمن بها.
الروابط العميقة تتجاوز الأفعال وأحيانًا التفكير. ومن خلال إنشاء هذا النوع من الروابط العميقة مع شخص ما، نكون قادرين على التواصل مع أشخاص خارج أنفسنا وإيجاد معنى يتجاوز ما نقوم به.
-
خلق الغاية.
يعتقد معظم الناس أن هدفهم في الحياة ينتظرهم لإيجاده. لكن هذا التحديد أو الوضوح يمثل مشكلة، لأنه يجعل الفعل البشري عديم الفائدة. ولن تستطيع تحديد هدفك فقط من خلال أجرك فى العمل، ولا حتى خلال جدول زمني. بل يتحدد هدفك من خلال قدرتك المبهجة على العطاء للآخرين.
ليس غريب أن نجد الهدف في وظائفنا لأننا نساهم في المجتمع من خلال ما نقوم به.
ومن ناحية أخرى، فإن إيجاد وسائل أخرى نستطيع من خلالها تأكيد إحساسنا بذواتنا بشغف، سيساعدنا على إيجاد الطريق في الحياة.
فالهدف هو إيجاد معنى للأشياء غير المرتبطة بأشياء محدودة. يمكن أن تنتهي الوظائف، ويمكن للعلاقات أن تختفي، والمال يذهب أدراج الريح. لكن ما يتبقى عندما ينهار كل شيء هو إحساسك بالهدف، ولا يمكن لأحد أن يسلبك ذلك.
|