القاهرة 25 يناير 2023 الساعة 02:02 م
بقلم: أحمد محمد صلاح
بدأ عصر الباروك في الفن بعدما انتهي ما يعرف بعصر المانرزم، وهو أسلوب في الرسم وفن العمارة انتشر في إيطاليا بخاصة، خلال القرن السادس عشر للميلاد، وتميّز بالتكلف وبالنزوع إلى إطالة الأشكال البشرية وتحريفها على نحو يجعلها تتكشّف عن قـَدر من القلق والتوتر الباطني، وذلك لتكثيف قدرة الأثر الفني على التأثير العاطفي، كما يعرفه الفنان محمود عباس مسعود.
ويستطرد محمود عباس مسعود : أتى أسلوب المانرزم كردة فعل على الإنسجام الكلاسيكي المألوف والتناغم الطبيعي اللذين ميّزا أعمال كل من دافينشي ومايكل أنجلو ورافائيل في الربع الأول من القرن السادس عشر، ففي تصويره للجسم العاري حدد مايكل أنجلو المعايير الأساسية للتعقيد أو لدقة الصنعة المتناهية، كما عمد رافائيل إلى وضع معالم واضحة للجمال المثالي.
أما المصطلح ذاته فمأخوذ من كلمة برتغالية (باركو) barroco والمؤنث منها تطلق على اللؤلؤة التي بها تشوهات، وكانت الكلمة في الأصل تستخدم للازدراء، وتشير إلى الفن الغريب، والذي لا يتبع أيضا القوانين والنسب وأن يصور كل شئ حسب هوى الفنان.
برز فن الباروك كأسلوب فني في أوائل القرن السابع عشر في إيطاليا، وظلت فترة طويلة تحمل معني احتقاريا، حيث أعتبر أسلوبا خداعا وغريبا ومبالغا فيه، إلى أن تم إعادة تقييمة بواسطة (بوركهارت) وآخرين في نهايت القرن التاسع عشر.
وقسم عصر الباروك إلى ثلاث فترات زمنية، الأولى من سنة 1580 وحتى 1630 ويطلق عليها الفترة البدائية، الفترة الثانية من 1630 وحتى 1680 ويطلق عليه الفترة المكتملة، وأخيرا الفترة المتأخرة والتي بدأت من 1680 وحتى 1750.
يُفهم الباروك عادة بانتسابه إلى فترة فنية معينة إلا أن المصطلح يشير من ناحية جمالية إلى أي أسلوب فني يقابل مفهوم الكلاسيكية الذي أطلقه هاينريش فولفلين عام 1915، ولهذا فإن مصطلح الباروك يمكن استخدامه كاسم أو صفة، ووفقا لهذا الطرح فعلى أي أسلوب فني أن يمر من خلال ثلاث مراحل: القديمة والكلاسيكية والباروكية.
الباروك من كثرة فروع النشاط الفني التي يضمها، وكثرة الأشكال المتباينة التي اتخذها في كل بلد وفي كل مجال ثقافي فإنه من المشكوك فيه أن يكون من الممكن رد هذا كله إلي شخص واحد، ولكنه كان اتجاها أسلوبيا، فالباروك في أوساط البلاط والأوساط الكاثوليكية يختلف كل الإختلاف عنه في مجتمعات الطبقة الوسطي والمجتمعات البروتستانتية.
ومن هنا يمكننا أن نطالع أعمال "برنيني" و"روبنز" والتي سنجدها مختلفة كليا سواء داخليا وخارجيا عن أعمال "رامبرانت "و"فان جوين"، بل أن الناظر إلى تلك الأعمال يستطيع أن يدرك وجود فوارق حاسمة بين الأعمال الفنية.
فقد انقسم الباروك إلى الباروك البلاطي الكاثوليكي وهو اتجاه أو تيار أو أسلوب حسي زخرفي مادي بالمعني للفظ الباروك، والقسم الثاني أسلوب كلاسيكي النزعة يتميز بأنه أكثر صرامة وأدق من الناحية التشكيلية.
صحيح أن الناحية الكلاسيكية كانت ماثلة في اتجاه الباروك منذ البداية ، ومن الممكن التأكد من وجوده بوصفه تيارا خلقيا في جميع الأشكال القومية ، ولكنه لا يصبح هو ( أي فن الباروك ) هو السائد إلا في عام 1660.
|