القاهرة 22 نوفمبر 2022 الساعة 11:01 ص
بقلم: د. فايزة حلمي
تقول جونيس ويب "Jonice Webb": لا تحتاج إلى أن تكبر في أسرة مثالية لتكون سعيدًا ومُعافى عاطفيا، ولكن يجب أن تكون عائلتك "جيدة بما فيه الكفاية"، قد يشعر الأشخاص الذين نشأوا في أسَر مُهمِلة عاطفيًا أن هناك شيئًا ما خطأ في أسرهم ولكن ليس لديهم فكرة عَمّا هو، لِذا؛ إذا كانت عائلتك غير مُهتمة بالمشاعر بشكل عام، فهناك أشياء يمكنك القيام بها للاعتناء بنفسك ومشاعرك.
• الأسرة المُهمِلة عاطفيا
يميل معظمنا كبالغين إلى تقليل تأثير عائلات الولادة، أو ما يسميه المعالجون "الأسرة الأصلية"؛ على خياراتنا وحياتنا اليومية، لكن الحقيقة هي أن العائلة التي ولدت فيها والتي رَبّتك لا تزال باقية في دماغك البالغ، مؤثرة على المشاعر وردود الفعل والاختيارات.
في عام 1953، قَدّم د. وينيكوت "Winnicott" للمرة الأولى مفهوم "الأم الصالحة بما فيه الكفاية" في كتاب رائد بعنوان "اللعب والواقع"، لقد غيّرت كلماته مجال علم النفس والصحة النفسية للأبد؛ مِن خلال ربط الطريقة التي مارست بها تواصلك مع والديك في الطفولة، بالطريقة التي أنت عليها كشخص بالغ.
كان مفهومه الأساسي هو أنك لست بحاجة إلى والد مثالي لكي تصبح على ما يرام، ما عليك سوى أن يكون لديك والد "جيد بما فيه الكفاية".
وجدت دراسة بحثية أجرتها سوزان وودهاوس "Susan Woodhouse" في عام 2019 أن الوالدين عليهم أن يحصلوا فقط طول الوقت علي نسبة 50 في المائة من كَوْنهم؛ والدين "جيدين بما فيه الكفاية".
• الإهمال العاطفي بالطفولة
يَحدُث الإهمال العاطفي بالطفولة، عندما يتجاهل والداك مشاعرك واحتياجاتك العاطفية بشكل كامل، بمعنى أنهم لا يلاحظون ما تشعر به، ولا يسألون عن مشاعرك، ولا يتواصلون معك على المستوى العاطفي، أو يؤيّدون مشاعرك بشكل مقبول.
عادة لا يكون لدى الآباء المُهمِلين عاطفيًا أية فكرة عن إهمالهم لمشاعر أطفالهم، هم عادةً أشخاص يميلون إلى غض الطرف عن المشاعر بشكل عام، بما في ذلك مشاعرهم ومشاعر كل مِن أصدقائهم، وعائلاتهم، وزملائهم في العمل، وأطفالهم، قد يقصدون الخير والعناية ويرغبون في بذل قصارى جهدهم من أجل أطفالهم، وربما ليس لديهم فكرة عَمّا ينقصهم.
هذا يمكن أن يُوجِد تَحدّي أمام اكتشاف العائلات المُهمِلة عاطفيًا، هم بالفعل "جيدون بما فيه الكفاية" بأكثر الطرق الظاهرة، قد يُزوّدونَك بمنزلً وطعام وملابس وطُرق لممارسة كرة القدم، لكنهم لا يجرون محادثات صريحة معك حول مشكلات تواجهها، أو تهدئتك بدرجة كافية عندما يجرح أصدقاؤك مشاعرك، أو يعلمونك كيفية ملاحظة، أو تسمية، أو إدارة عواطفك.
التقصير الوحيد للأسرة المُهمِلة عاطفيا هو عاطفي، قد يكون هناك ما يكفي من العناق، قد يكون هناك ما يكفي من المال، قد يكون هناك ما يكفي من طعام وملابس، لكن هذه العائلة لا تتمكّن مِن توفير وَعي عاطفي كافٍ أو تفاعل كافٍ، أوتعاطف كافٍ، أو رعاية عاطفية كافية للأطفال، وهذا ما يجعل مِن الصعب رؤية أو تحديد العائلات المُهمِلة عاطفياً، على خِلاف الإساءة العاطفية أو الإهمال الجسدي؛ يَصعُب رؤية التقصير العاطفي.
• كيف يؤثر الإهمال العاطفي بالطفولة في الأسرة؟
بصفتي طبيبة نفسية تعمل مع البالغين الذين نشأوا وهم يعانون من الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة، فقد رأيت كيف يؤثر ذلك على علاقات الناس مع عائلاتهم الأصلية، غالبًا ما يظهر في الأطفال البالغين؛ الذين يشعرون بأن هناك شيئًا ما خطأ معهم، ولكن ليس لديهم أي فكرة ماهو ، كما أنهم متحيّرون مِن مشاعرهم تجاه أسرهم.
• علامات الإهمال العاطفي التي يجب أن تنتبه لها في عائلتك
- تميل محادثاتك العائلية إلى أن تكون عن موضوعات سطحية، بِمعنَي أنها نادرًا ما تكون حول أشياء عاطفية، ذات مغزى، مؤلمة، أو سلبية، هذا ربما حتى يجعلها مملة.
- تشعر أحيانًا بالاستياء أو الغضب غير المبرر تجاه والديك (والذي قد تشعر بالذنب تجاهه).
- تذهب إلى المناسبات العائلية على أمل إبهاج نفسك، لكنك غالبا ما تبتعد، وأنت تشعر بالفراغ أو بخيبة أمل.
- عامة؛ يتم تجاهل المشاكل الصعبة أو الشخصية في الأسرة؛ بدلا من معالجتها مباشرة.
- يبدو أن أشقاءك يتنافسون مع بعضهم البعض، لكنك لست متأكدًا من السبب.
- يتم التعبير عن المودة في عائلتك من خلال العمل (فعل الأشياء للناس) وليس دوْما بالكلمات أو التعبير العاطفي.
- العاطفة؛ ربما المشاعر السلبية فقط، ولكن ربما كلها تبدو ممنوعة في عائلتك.
- تشعر بالوحدة بشكل مفاجئ أو بالاستبعاد؛ عندما تكون مع عائلتك.
يعاني أفراد الأسرة المُهمِلة عاطفيا، إنهم يعانون مما يَحدُث غَيْر مُتَكلّم عَنه، وغير مُشارَك، وغيْر مُناقَش، وغَيْر مُلاحَظ، وغَيْر مُؤيّد، إذا كانت عائلتك مُهمِلة عاطفيًا، وإذا انتبهت، فقد تلاحظ بعض العلامات المذكورة أعلاه عندما تقضي وقتًا معهم.
مثل كعكة جميلة مخبوزة بدون سكر كافٍ، ما قد يبدو رائعا ليس رائعا، تعاني الأسرة المُهمِلة عاطفيًا من غياب قَدْر كافٍ لعنصر أساسي قد لا يكون مرئيًا، ولكنه مُهِم بشكل كبير للحياة والتميّز، المشاعر التي ينبغي أن تكون تحلِية للروابط والدفء في الأسرة؛ يتم دفعها تحت الأرض.
هذا قد يكون سبب شعورك بالملل أو الاستياء أو خيبة الأمل أو الاختناق أو العزلة؛ عندما يتعلق الأمر بأسرتك، هذا هو السبب في أهمية تحديد مشكلة الإهمال العاطفي بالطفولة، واتخاذ قرار واع لمكافحتها في حياتك الخاصة.
• ما تستطيع فعله
لا يمكنك معالجة عائلتك، ولا تحتاج إلى المحاولة، لكن يمكنك البدء بتغيير نفسك، اختر عنصرًا من قائمة الثمانية أعلاه ينطبق على عائلتك، وابدأ التصرف بطريقة معاكسة في حياتك.
تحدث عن أشياء ذات مغزى، حارب الشعور بالذنب لمشاعرك، ركّز على الرعاية الذاتية عندما تكون مع عائلتك، تحدث عن المشاكل الصعبة، وعبر عن عاطفتك وحماسك تجاه الآخرين بالكلمات، وواجه مشاعرك السلبية، ليس عليك أن تفعل ذلك على أكمل وجه. ما عليك سوى أن تفعل ذلك بدرجة كافية.
العشرات مِن الناس الجيّدين كانوا في مكانك، ومَشوا في الطريق قبلك، والعديد من الأشخاص يسيرون معك الآن، أخيرًا وليس آخرًا، وفوق كل شيء، يُرْجَى العِلم أنك لست وحدك.
|