القاهرة 08 نوفمبر 2022 الساعة 10:55 ص
حوار: أشرف قاسم
الشاعر عبده الشنهوري أحد أعلام الثقافة في جنوب مصر، وواحد ممن أخذوا على عواتقهم مهمة إحياء الفنون القولية التي كادت أن تندثر مثل فن الواو، والمربعات، حول تجربته الإبداعية كان لنا معه هذا الحوار الذي يشبه الشهادة:
• كيف كانت البداية؟
كان أبي عاشقًا للفنون القولية مثل فن الواو وفن الموال وفن الحداء والسير الشعبية كسيرة أبي زيد الهلالي.. ويحب الاستماع إلي أساطين تلك الفنون، ويذهب مع أقرانه إلي القرى المجاورة لحضور الحفلات والسوامر التي يحييها هؤلاء القوالون من ذوي الصوت والصيت الذائع، ويأتون من هذه الحفلات منتشين وحافظين للكثير مما قيل فيها من مواويل ومربعات جاذبة.
كما كان أبي يحفظ الكثير من فن الحداء الشهير في صعيد مصر، وهي أناشيد ينشدها الحادي أثناء العمل بغية التسرية وتسهيل العمل ومنها حداء الإبل وحداء المحراث وحداء النورج وحداء الشادوف، وهي أغاني تيسر العمل وترتاح لها حتي الحيوانات التي تستخدم في تلك الأعمال من إبل وأبقار تجر النورج والمحراث، كما كانت سيرة أبي زيد الهلالي وغيرها من السير الشعبية محل اهتمام جاذب لهم، يسمعونها من شعراء الربابة الذين يجوبون القري في مواسم الحصاد والذين يطوفون علي البيوت في باقي شهور العام ويغنون نظير بعض الغلال التي تثمرها الحقول ويخزنها الفلاحون في دورهم، أو نظير حزمة من أعواد القمح أثناء الحصاد و قبل دريسها. ولم يكن الاهتمام بتلك السير وتلك الأناشيد قاصرًا علي الرجال بل كانت النساء أيضا شغوفة بالاستماع من داخل الدور. كانت والدتي تردد بعض مربعات فن الواو وتتخذها كمضرب للمثل مثل مربع ابن عروس الذي يقول فيه:
ولابد من يوم مـعـلوم
تترد فيه الـمـظـــــالم
أبيض علي كل مظلوم
أسـود علي كل ظـالــم
أو قول الشاعر نفسه:
خشب المراكب من السنط
وسط البحور واخد مهاجه
واجب علي الأصيل السنط
لما الخسيس ياخد مهاجه
كما كانت والدتي مثل كل نساء الصعيد تردد عند وفاة أحد الأقارب مايسمي بالعديد وهي أناشيد باكية تُذكر فيها محاسن المتوفي ولوعة فراقه، وكنت من ناحيتي منجذبًا إلي تلك الفنون، فيطربني صوت شاعر الربابة وأناشيده فأسير خلفه لمسافات.
وكنت أعشق ركوب النورج وترديد ما أحفظه من حداء.
لاشك أن كل هذه الروافد والمؤثرات ساهمت في تشكيل وعيي الشعري المبكر والذي تمثل في حبي الشديد لهذه الألوان من الفنون الشعرية وحفظ الكثير منها ومحاولة تقليدها في أشكال صحيحة حينًا ومكسورة أحيانًا أخري. كنت أكتب وأمزق ما أكتبه إما لأنه لايعجبني بالقدر الكافي وإما لكونه تقليدًا لآخرين. في المرحلة الإعدادية ومع دخول مرحلة المراهقة التي تظهر فيها المواهب كنت مغرمًا بحفظ القصائد المقررة في كتب النصوص لكنها لم تكن تشبع نهما بداخلي لغيرها، إلي أن وقع في يدي ديوان شعري للشاعر نزار قباني وبدأت أنجذب لما به من أشعار مغايرة للقصائد المدرسية في شكلها وموضوعاتها وجذبتني قصيدة يقول فيها نزار:
زيديني غَـرقـــــــــًا زيديني
يا أحـلَـي نـَوبـات جُــــنوني
ياسَفَر الخِنجر في خاصرتي
ياغـلـغَــلـة الســــــــــــكين
زيديني غرقًا ياســـــــيدتي
إن الـبحـــــــــــــر يناديني
زيديني غَــرقًا علَّ البحــــر
إذا يقـتـلــــنـي يحــيـيـنـي
وأعجبتني تلك القصيدة وقررت أن أكتب معارضة شعرية لها فكتبت:
زيديني فَـرَحـــًا زيديني
يا أحــلَي أيام ســــنيني
يانغمًا يستَلُّ الإحســاس
يســافــر عَبر شــراييني
يانبعًا للضــوء الـرَقــراق
يداعِــب حَـبَّات عـيوني
ذُوبي كالسُـكَّر في كأسي
ودَعيني أرشُفُك دعـيني
وكانت تلك الأبيات هي الانطلاقة الحقيقية التي أكدت امتلاكي لموهبة شعرية يمكن أن يُبنَي عليها.
كانت الإذاعة المدرسية في المدرسة الثانوية هي النافذة التي أطل منها قارئا لأشعاري وأشعار غيري من كبار الشعراء بالإضافة إلي بعض المقالات في مواضيع متفرقة، كما وفرت مكتبة المدرسة مرتعًا خصبًا لي في ذلك الوقت فقرأت أعمالًا لشوقي وحافظ والسياب والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ والأبنودي وفؤاد حداد وفاروق جويدة وأمل دنقل في مرحلة لاحقة وجذبتني بعض أعمال الأدب العالمي مثل روبنسون كروزو والعجوز والبحر، وكانت أمينة المكتبة تخُصُّني بكل جديد يأتي إلى المكتبة.
في الجامعة التي كانت تضم كليات التربية والعلوم والآداب بقنا كان التنافس أكبر ومجال الاطلاع أوسع وكانت مجلات الحائط وبعض المجلات الورقية هي المتنفس المتاح وبدأنا نحضر أمسيات لبعض شعراء القاهرة المعروفين الذين يأتون لزيارة قنا وبالتحديد في قصر الثقافة.
كما كانت هناك مناقشات لبعض النقاد المعروفين في وقتها كالدكتور محمد عبد المنعم خفاجي وآخرين لا تحضرني أسماؤهم، وبدأنا نذهب للقاهرة في مواسم معرض الكتاب، وعرفنا بعض نوافذ النشر كمجلة صوت الشرق وباب نادي أدباء الأقاليم في صحيفة الجمهورية واشتركتُ في مسابقة شعرية أقامتها مجلة الشباب -كان اسمها في حينها مجلة الشباب وعلوم المستقبل- وفزتُ بجائزة قدرها 150 جنيها وكانت فرحتي بها غامرة.
بعد التخرُّج عام 1982 تم تعييني مدرسًا للغة الانجليزية في أسوان فسعدتُ بالانضمام إلي نادي أدب أسوان وتعرَّفتُ علي أدبائه حجاج الباي ومحمد هاشم زقالي ومدثر سليم وفنجري التايه وأحمد يونس وبدر عبد العظيم وعبير عبد العزيز وعبد الراضي عبد الصبور وأيمن حسن وغيرهم وكنت أداوم علي حضور الندوة الدورية الأسبوعية وشاركتُهم في الكتابة في مجلة أقلام أسوانية.
في فترة التجنيد بالقاهرة تعوَّدتُ علي النزول إلي سور الأزبكية الشهير بالقاهرة و الزاخر بالكتب المقروءة والتي تباع بأسعار زهيدة فكوَّنتُ منها مكتبة قيِّمة.
بدأت أراسل بعض المجلات العربية حيث نشرت قصائدي المجلة العربية "السعودية" في بداية صدورها ومجلة الكويت وأصدرتُ مجموعة شعرية فصحي بعنوان "صدي القيثارة" وخُصِّصت لمناقشتها أمسية كاملة تم الإعلان عنها في مقر كليات العلوم والتربية بأسوان، وكان الحضور الطلابي للأمسية مُلفتًا ومشجعًا. وللحقيقة قمت بإخفاء هذا الديوان في مرحلة لاحقة لأنني رأيت فيه أخطاء البدايات من حيث عدم نضوج الأفكار وتغلب الشكل علي المضمون رغم احتواء هذا الديوان علي بعض القصائد الجيدة التي نشرت في دوريات أدبية.
• عبده الشنهوري أحد رموز فن الواو، كيف بدأت تحربتك مع هذا الفن؟
كانت مَوجة الغموض التي بدأها شعراء السبعينيات تكتسح المشهد الشعري، فبدأ الجمهور ينسحِب رويدًا رويدًا من الأمسيات الشعرية تاركًا الشعراء يسمعون أنفسهم في أكثر الأحيان فوجدتُ ضالتي في فن الواو الذي بدأ يعود للساحة وظهر فيه بقوة الشاعر عبد الستار سليم. كان الجمهور وخاصة البسطاء في القُري والنجوع ينجذبون لفن الواو ويلِحُّون في طلبه وكان هو المنقذ الذي أعاد الجمهور إلي مائدة الشعر .
عُدتُ إلى مسقَط رأسي بمركز قوص نظرًا لحاجة الوالدين لمن يرعاهما في فترة دخلا فيها في صراع مع المرض، شاركتُ في تكوين نادي أدب قوص مع الشعراء المرحوم محمد أمين الشيخ وأحمد محمد حسن ورمضان عبد اللطيف ويس الضوي وأحمد عبد الجليل وغيرهم، وتولَّيتُ رئاسة النادي في غير مرَّة. كانت الحركة الشعرية ثريَّة بفعالياتها الدورية وغير الدورية. تعوَّدنا علي الخروج بأمسياتنا إلي القري والنجوع فتعرَّف البسطاء على كلمة أمسية وتفاعلوا معنا وعلي الأخص مع فن الواو المحبوب والشهير في تلك المنطقة ويقال إن أشهر قواليه "أحمد بن عروس" نشأ في هذا الإقليم، كما أن فن الموال وقصائد الشعر العامي الجاذبة وبعض قصائد الفصحي من الشعر الكلاسيكي وشعر التفعيلة كانت مادة شهية في تلك الأمسيات.
ومع اقتراب نهاية عقد التسعينيات أصدر لي إقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي ديواني الشعري الفصيح "ألحان ظليلة" وتناوله بالنقد والدراسة الكثير من النقاد مثل الناقد د. جمال الجزيري والناقد عبد الجواد خفاجي والشاعر والناقد مراد محمد حسن، ونشرت تلك الدراسات في الدوريات الأدبية المعروفة.
كان إنتاجي الشعري من شعر الفصحي يصنع أكثر من ديوان وكذلك في فن المربع، لكن نوافذ النشر كانت لا تزال ضيقة وكان الديوان يظل مركونًا في أدراج هيئات النشر الرسمية لعدة سنوات في انتظار الدور، ولم أكن أرغب في النشر علي حسابي الخاص حتي لايقال إنني نشرت بنقودي، هكذا كان تصوري وقتها. نشرت أشعاري في كثير من الدوريات الأدبية كمجلة الثقافة الجديدة وأخبار الأدب ومجلة إبداع وصفحة أدباء الأقاليم بجريدة الجمهورية والصفحة الأدبية بجريدة المساء ومجلة الكويت والمجلة العربية.
• ما أهم الجوائز التي حصلت عليها؟
شاركتُ في مسابقة إقليم وسط وجنوب الصعيد بقصيدة فصحي حصَدَت المركز الأول مناصفة مع الشاعر أشرف البولاقي . بعدها بسنوات قليلة شاركتُ في ذات المسابقة وفزت بالمركز الأول في شعر الفصحي أيضًا، وكان ذلك يعني لي أنني أسير في الطريق الصحيح.
سافرتُ في إعارة لمدة أربع سنوات إلي دولة اليمن واندمجتُ خلالها مع الحركة الأدبية هناك، فحضرتُ أمسياتهم ونشرتُ في دورياتهم وكانت فترة ثريَّة بالجديد والمفيد. سافرتُ خلال تلك الفترة إلي الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج مع زوجتي وابنتي الصغري وقد أتتا من مصر خصيصًا لأداء فريضة الحج عَبر اليمن. كل تلك التجارب كان لها الأثر المحمود ?عليّ? أدبيًا. وكان من ثمارها كتاب في أدب الرحلات بعنوان "في ضيافة بلقيس" رصدت فيه مشاهداتي للأماكن والشخوص والمواقف الجاذبة هناك ولايزال هذا الكتاب تحت الطبع.
• الانتقال إلى أسوان محطة مهمة في حياتك، كيف كان أثر ذلك على تجربتك الشعرية؟
في منتصف عام 2011 خرج ديواني الفصيح "النهر يطهر مجراه" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، نلت بعده عضوية اتحاد كتاب مصر، وكان فاتحة خير حيث توالت بعده إصداراتي في شيء من اليُسر. انتقلت إلي مدينة أسوان بأسرتي بعد أن بنيت بها منزلًا، ارتاح له أفراد الأسرة المكونة من زوجتي معلمة الفيزياء وابنتي الكبري طالبة الطب وابني طالب الثانوية "حاليا مهندس" وابنتي الصغري تلميذة الابتدائي "حاليا في كلية تجارة إنجليزي". وكنت ?من جانبي? أرتاح كثيرا إلي تلك المدينة الساحرة. عدت إلي نادي أدب أسوان فاختاروني منذ حللت بهم سكرتيرًا للنادي ومن بعدها رئيسًا لمجلس إدارته. كان النشاط الأدبي في أسوان ثريًا وعدد الأدباء أكبر من عددهم في مدينة قوص.
أصدرت لي الهيئة العامة لقصور الثقافة ديوانًا بعنوان "أول كلامي" في فن الواو واحتفي به النقاد المهتمين بهذا الفن وبخاصة الناقد الشاعر مسعود شومان الذي أعد عنه دراسة في نحو عشرين صفحة نشرت في كتاب الدراسات الأدبية الخاص بمؤتمر أدباء مصر عام 2015.
شاركت في العديد من حلقات البرامج التي تتناول الأدب الشعبي مثل برنامج "شعبيات" الذي يهتم بفنون القول الشفاهية كفن الواو والموال والنميم والذي تقدمه القناة الثامنة والتي تم تغيير اسمها بعد ذلك إلي قناة طيبة الفضائية.
قدم هذا البرنامج في البداية الإعلامي عبد الله الأنصاري ومن بعده الشاعر عبد الستار سليم ومن بعده العبد لله "عبده الشنهوري" وقد استطعنا أن نصنع أرشيفًا مهما ليس له مثيل في تلك الفنون التي يندثر حُفَّاظها بمرور الزمن. أسعدني كثيرًا أنني ساهمتُ في جمع وتسجيل هذه الفنون القولية الأصيلة والمحبوبة في صعيد مصر وسائر أقاليمها.
ونتيجة لهذا الجُهد لم تعد هذه الفنون القولية قاصرة علي صعيد مصر بل انتشرت في باقي الأقاليم وأصبحت سوامرها منتشرة في قلب القاهرة تدعونا إليها ?مِرارًا? لتقديم إنتاجنا الأدبي في ليالٍ عامرة بمحبي تلك الفنون.
حَضَر لزيارة نادي أدب أسوان الشاعر عماد قطري والذي يملك مؤسسة ثقافية تُقدِّم خدمات جليلة للثقافة والأدب في مصر وشاركنا في أمسية شعرية ضمت معظم أدباء أسوان، وفي نهاية الأمسية طلب مني إعداد ديوان من فن الواو لنشره ضمن إصدارات مؤسسته الثقافية وكان الديوان جاهزًا في حينها وفي خلال شهر تم إصدار الديوان تحت عنوان :"غَنَّي الفلايكي".
لم يكد ينتهي العام حتي تقدَّمتُ بديوان في فن الواو إلي اتحاد كتاب مصر تحت عنوان "النهار" وفي خلال فترة وجيزة تمَّت الموافقة عليه وتم إصداره في فترة وجيزة أيضًا .
قررتُ أن أجرِّب حَظِّي في شعر العامية وكتبتُ بعض النصوص التي لاقَت استحسانًا هائلًا لم أتوقعه علي صفحات التواصل الاجتماعي التي صنعت انقلابًا في عالم النشر.
في عام 2018 أعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة عن مسابقتها المركزية فتقدَّمتُ إليها بديوان شعر عامي مخطوط بعنوان "بياع الدوم" حيث حصد هذا الديوان المركز الثالث وتم نشر الديوان في سلسلة "الفائزون" التي تصدرها الهيئة وكان له تواجده المحمود في معرض القاهرة الدولي للكتاب بعد صدوره بأيام قليلة.
في عام 2020 تقدَّمتُ إلي الهيئة العامة للكتاب بديوان شِعر عامي بعنوان "فرعين نبق" وتمَّت الموافقة عليه في وقت قصير وتمّ إصدارُه ليلحق بالمعرض الدولي للكتاب بالقاهرة في الأسبوع نفسه وعلِمتُ أنه سافر بعدها إلي عدة معارض دولية أخري.
• ما الذي يحرص عليه عبده الشنهوري في كتاباته؟
حاولتُ في كتاباتي أن أجمع بين القيمة الأدبية والجماهيرية والبحث دومًا عن روح الشعر وليس شكله. لم يهمني أن يكون شعري صورة لعصر محدد بقدر ماهو إنساني يصلح لكل زمان ومكان.
حاولتُ الابتعاد عن الذاتية والموضوعات الخاصة. كان تطوير أدواتي هو شُغلي الشاغل، فلم أكتف بالشكل الكلاسيكي الذي بدأتُ به ولكني دخلتُ إلي شعر التفعيلة بجرأة ومن بعده قصيدة النثر. وتعاملت مع فن الواو وفن الموال علي أنها قصائد شعرية يلزمها كل مايلزم الشعر من أخيلة وتراكيب ورموز ودلالات وأن تكون وحدة الموضوع في النص نُصب عيني حتي لوتغافل عنها السابقون.
ّكنتُ علي الدوم أفضِّل معايشة الحدث في موقعه وليس من داخل الغرف المغلقة وأجدُني ?تمامًا? بين البسطاء من جمهور الشعر الحقيقي في الخيام القروية والموالد والسوامر الساهرة .
الفعل الشعري فعلٌ طموح كالفعل الثوري، والشاعر دائما يطمح إلي الأفضل، والشعراء يريدون الحرية في أعلي درجاتها ولايقنعون بها تدريجيًا، ومن ناحيتي كنت أراني معارضًا لكل قبيح، والعالم لايخلو من القُبح، والشعر يحلم بمستقبل أجمل، والواقع لايكون جميلًا إلا في عيون السُذَّج.
برغم أن الأدب في عمومِه جهد خاص فإن الحركة الأدبية في الجنوب تحاول جاهدة تحسين مستوياتها ومواكبة حركة الإبداع المصرية والعربية والعالمية ونظرًا للبعد عن العاصمة ووجود كبار النقاد فيها، اضطر أدباء الجنوب إلي خلق حركة نقدية مصاحبة لحركة الإبداع من بينهم.
وتبذل الأندية الأدبية ماتستطيعه بإمكانياتها المتواضعة في خدمة الأدباء بتوفير احتكاك مستمر عبر الندوات الدورية وتقديم الجيد من المواهب للنشر من خلال مشروع النشر الإقليمي والمسابقات الإقليمية والمركزية.
ونصيحتي للأدباء خاصة الشباب منهم أن يواصلوا القراءة الواعية والدقيقة للمنتج الأدبي قديمه وحديثه المحلي منه والعالمي، خاصة أن شبكة الإنترنت وفَّرت فرص الحصول علي كتب بلا مقابل أحيانًا، والأديب الجيد جزء من بيئته يتأثر بها ويؤثر فيها وتتولد تجاربه من هذا التأثير والتأثر.
الأديب قد لايعطي رؤيته في مشاكل بيئته بشكل مباشر وإنما من خلال نصوص أدبية، والكثير من الاختراعات التي تمت كانت في بدايتها خيالاً في ذهن الأدباء، والأديب الجيد يستطيع أن يستشرف المستقبل وينبه بالمخاطر المحدقة فيه، بل ويضع حلولا لها.
|