القاهرة 30 اكتوبر 2022 الساعة 04:39 م
نهض الصحفيون العرب بعد ركود وشتات لجهود فردية كادت أن تضيع هباءً في مجال الصحافة العلمية لولا تأسيس الشبكة العربية للصحافة العلمية التي عقد مؤتمرها الأول في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، واستضافته كلية الاقتصاد والعلوم السياسية -وتحديدًا قسم الإعلام السياسي- بجامعة المستقبل، ووجد العشرات من الصحفيين والباحثين العرب من يجمعهم ويوحد صفوفهم ويعزز جهودهم نحو إعلاء قيم الصحافة وخاصة المتخصصة منها.
يومان هما مدة انعقاد المؤتمر الأول للصحافة العلمية العربية في عصر التحول الرقمي، وأقيم خلالهما جلسات حوار ونقاش وورش تدريبية ذات قيمة علمية غير محدودة؛ وشهدت الجلسات والورش فتح باب الحوار والنقاش بين الصحفيين العرب المبتدئين والمخضرمين وطلاب جامعة المستقبل من أجل المحاكاة والتواصل والترابط بين الصحفيين العلميين والمهتمين بهذا التخصص والطلاب الدارسين للإعلام، وكذلك الأساتذة الأكاديميين ورؤساء التحرير وجميعهم بعضهم البعض عبر شبكة عربية مهنية متخصصة أنشئت لتكون قادرة على عبور الحدود في الفضاء الإلكتروني والواقعي لدفع التعاون المشترك والتعلم الجماعي عن كيفية الكتابة العلمية وتوظيف المهارات والمصادر والمراجع في إنتاج المواضيع الصحفية العلمية.
يقيني الذي يدفعني إلى الاستمرار فيما بدأته منذ سبع سنوات بالاهتمام بالقضايا البيئية وتغير المناخ والعلاقة الوطيدة بين الطاقة والبيئية، هو ما أوصلني إلى المشاركة في هذا المؤتمر العلمي، كي أشاهد وأستمع وأشارك في حوار علمي عربي حول مستقبل الصحافة العلمية المتخصصة في ظل التحول الرقمي، وربما كنت أبحث عن شخص ما ورد في خاطره ما جال في خاطري حول الصورة المنعكسة في خلفية العلاقة بين الطاقة والبيئة، والتي تكشف عن سر جوهري للطاقة وقدرتها على تدمير كوكب الأرض وأيضًا إنقاذه.
سنوات من البحث والقراءة والاطلاع وتدوين الملاحظات في العلاقة بين الطاقة والبيئة وأهداف التنمية المستدامة وظاهرة تغير المناخ قبل الاعتراف بأنها كارثة بيئية، وكنت أظن أنه لن يأتي اليوم الذي سوف يستمع فيه أحد إلي ما أريد أن أقوله حول هذه القضية وأثرها على مجتمعاتنا العربية والأفريقية، ربما ساعدتني دراسة العلوم السياسية والاقتصاد الأفريقي كثيرًا في فهم أبعاد هذه الظاهرة، وكانت البلدان العربية والأفريقية مثالًا يعزز اليقين الذي كان منعدمًا لدي العلماء والباحثين في الغرب عن مهددات آثار الاضطراب البيئي على حياة الكائنات الحية، ولكن ما كان يشعرني بالقلق هو عدم انتباه الباحثين العرب والأفارقة إلى أهمية هذه القضية.
مرت السنين واحدة تلو الأخرى، وفي العام 2018 نشطت المراكز البحثية هنا وهناك، وأخرجت الجامعات العربية دراسات ورسائل علمية تبحث في التنمية المستدامة والقضايا البيئة وآثار التغير المناخي على حياة الإنسان والبيئية وتأثير هذه العلاقة على شتي مجالات الحياة، وشعرت ببوادر ثورة علمية من أجل القضايا البيئية، ولكن قلقي ظل حبيس صدري وعقلي، من أجل نصفي الأول -الصحافة- الذي ظل ساكنًا، عدا بعض الجهود الفردية من الصحفيين النشطين في بعض المواضيع العلمية المتعلقة بالصحة العامة على المستوي المحلي، ولكنها جهود حميدة.
وجاء عام الوباء، وحل كوفيد-19 ليكشف عن أمية إعلامية وصحفية بالمواضيع العلمية، ولكن سريعًا ما استطاع الإعلام العربي أن يدير الأزمة ويتعلم منها، ويسيطر على الأوضاع ويجابه الأخبار الزائفة ويدحضها بالبيانات والمعلومات الموثقة، وفرضت المواضيع العلمية نفسها على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي، ولكن هذا المشهد كان بحاجة إلى التنظيم لعدم إهدار الجهود وشتاتها.
ومن هنا، وبعد أن أصبح هناك شبكة عربية للصحافة العلمية، فلماذا لا يكون في مصر رابطة للصحفيين العلميين العرب والأفارقة؟!
|