القاهرة 10 سبتمبر 2022 الساعة 10:27 م
كتبت: إنجي عبد المنعم
كل منا له فترات انتظار وأوقات من التأمل، لحظات مع النفس نراها أحيانا في الوحدة على شرفات المنازل وشبابيكها.. هذه اللحظات بمثابة توقف عن الوقت للتأمل واسترجاع الزمن في صورة تخيل وشرود وعبر نافذة العقل الباطن، كل منا يمر بهذا اللحظات.. ففي جنوب مصر نشاهد البيوت القديمة ذات الشبابيك الكبيرة والضخمة.. كل منها يحمل طابع مختلف عن الآخر، يكمن بداخله رائحة مختلفة ويطل إطلالة جميلة مختلفة أيضا عن الآخر، شبابيك قديمة وحديثة ومتنوعة تحمل طابع مصري أصيل.
ومن هذا المنطلق نفتح شباكا جديد لرؤية إبداعات فنية جديدة مستحدثة للفنان عمرو عبد الوهاب عبر مشاركته لأول مرة بالمعرض العام في دورته الـ 43 بقصر الفنون بعمل فني يحمل عنوان "شباك 1"، منفذ بخامة الأكريلك على قماش وخشب، مقاس 180متر x 2متر.
وعن فلسفة العمل يقول عبد الوهاب في حديثه لـ "مصر المحروسة": الشبابيك ليست واحدة، فهناك شباك يأخذنا في إطلالة نحو أماكن غريبة، وشباك آخر يأخذنا نحو أماكن حميمة، نحو حالات من الشرد والغوص نحو وجدان الآخرين.
الشبابيك داخل مرسمي منها شبابيك خيالية وأخرى واقعية، شبابيك في اليقظة وأخرى في النوم، ولكن من أجملها شباك داخل لوحة.
فبقدر ما أحب أن أخلع حذائي وأغفل عن ذاتي، بل وأنسى وجودي وهمومي وانغمس في عالم آخر، عالم جميل مجهول، ومليء بالمصادفات وبأشخاص لا أعرفهم وأشياء لم تلتف بالورود والنباتات والجبال والوديان والأنهار والسماء الخارجية، والتي أشاهدها من حولي منذ ولادتي.
الشبابيك حول الأماكن متعددة، فلكل شباك روحه ولغته الخاصة تخاطبنا وتحاورنا، بعضنا يعود إليه مثل الأماكن التي نلجأ إليها بعد غياب طويل، فللخصوصية والتفرد انفراد يغوص خارج شباك الحياة ليعكس لنا الصفات الروحية من الاختلاط بالروح والحب المرتبطة بالمكان والحال.
واستكمل عبد الوهاب حديثه عن كيفية تبلور تلك الفكرة بداخله قائلا: كان علي أن أسجل تلك اللحظات من شخوص شاردة تلقي بهمومها في عمق النهر الذي يحمل على ظهره حركات متناغمة لمراكب شراعية تقاوم دوامات الحياة في صورة جميلة متحركة تأخذ عين المشاهد في حركة دائمة للأحداث التي يفكر فيها الشارد في عالمه الخيالي، في مشهد جميل يشفي عناء الأيام من تلك الهموم، في مشاهدة استراحة عبر نافذة قديمة عتيقة مصرية أصيلة.. حتى مجال البصر يسجل لنا مشاهد إضافية كلحظات الترقب والاقتناص لطائر صياد السمك، وكذلك الطيور تتوقف في الهواء للحظات وتترقب حركة ما في باطن النيل لتنال رزقها وتقتنصه.. لحظات عظيمة تعكس لنا جمال الخالق في التمعن والصبر واستعادة النفس (شباك 1).
.. تلك هي البداية، وسوف يكون لنا موعد مع شبابيك أخرى، قريبا..
كما أعرب عبد الوهاب عن سعادته بالمشاركة في المعرض العام، كونه حدث فني مهم يجمع الحركة التشكيلية الفنية في مصر، وأشار أنه هناك الكثير من الفنانين يتمنون المشاركة به، واختتم حديثه بالشكر لكل القائمين على هذا الحدث والمجهود الذي بذل في هذه الدورة الـ 43، متمنيا التوفيق ودوام الإبداع لكل الفنانين المشاركين.
وعن رأيه في الحركة التشكيلية أكد أنه لابد من الانتشار بشكل ونطاق أوسع، على الرغم أن الحركة الفنية في مصر أخذت مسار مختلف أو إضافي في صورة مهرجانات وملتقيات تجمع الفنانين مع بعضهم البعض، وظهور اتجاهات أخرى لابد من المحافظة من خلالها على الهوية المصرية البصرية، فيجب وجود ضوابط تحصر وتحدد الاتجاه وذلك للمحافظة على ذاتية الحركة التشكيلية، وهذه هي رؤية عنوان المعرض العام بهذا العام 2022 "ذات مصر المعاصرة"، والتي أحيي فيها الدكتور أحمد رجب صقر لإلقاء الضوء على كل ما هو أصيل، حيث أطلق من خلالها حرية التعبير في كل ما يشمل تلك الأصالة المصرية للفنان التشكيلي المصري، وأتمنى أن تجمع هذه الدورة كل ماهو مُلقي عليه الضوء من ذات مصر المعاصرة من خلال أعمال أصيلة تحمل عبق مصري ذا طابع معاصر.
عمرو عبدالوهاب حسين ، مواليد ادفو- أسوان 1979، بكالوريوس فنون جميلة "جرافيك" 2001، ماجستير فنون جميلة جامعة حلوان 2016،باحث دكتوراة، عضو نقابة الفنانين التشكيليين، وعضو نقابة المعلمين، يشارك في الحركة التشكيلية المصرية منذ عام 2005 حتى 2020، منها: فن الجرافيك القومى الدورة الثالثة والرابعة، ترينالى مصر الدولى الخامس لفن الجرافيك، صالون الجنوب الدولى (الرابع والخامس) بكلية الفنون الجميلة بالأقصر، سمبوزيوم "نوبيا الأول" لفن النحت والتصوير بأسوان، معرض ملتقى النوبة للتصوير – الهيئة العامة لقصور الثقافة – مركز الهناجر.
له العديد من المقتنيات، منها: مقتنيات لدى وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية، مقتنيات لدى مجلس الوزراء ودعم اتخاذ القرار، مقتنيات لدى بعثة ترميم الاثار الفرنسية، مقتنيات لدى كلية الفنون الجميلة بالأقصر، مقتنيات لدى الأفراد داخل وخارج مصر.
يذكر أن فعاليات الدورة الـ43 تستمر لمدة شهر، بقاعات قصر الفنون، بأرض دار الأوبرا المصرية، وذلك يومياً من التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراً، ومن الخامسة حتى التاسعة مساءً ، عدا يوم الجمعة.
|