القاهرة 17 اغسطس 2022 الساعة 09:36 ص
كتبت: هبة صبحي
شهد مهرجان الأراجوز المصري في دورته الثالثة، الذي تنظمة فوقة «ومضة» لخيال الظل والأراجوز وبالتعاون مع مكتبة الاسكندرية، في ثاني أيامه اليوم الثلاثاء، إقبالا جماهيريا كبيرا وحضورا مميزا للأطفال، حيث شهد عروض للأراجوز وخيال الظل لاقى تفاعلًا كبيراً من جمهور المهرجان خاصة الأطفال والذين شاركوا الأراجوز في اللعبة المسرحية.
وقد بدأت فعاليات اليوم الثاني بكلمة للدكتور نبيل بهجت مؤسس ومدير المهرجان حملت عنوان "الكنوز البشرية الحية وأسلوب تكوين الكنز البشري" قائلاً: "هناك فروق بين الراوي الأصيل والراوي المزيف، وبعد تسجيل أي عنصر شعبي على القوائم العالمية اليونيسكو يتسارع إليه باحثو الشهرة وملتقطو الأضواء السريعة ويمثل هذا النوع خطرا حقيقيا على العنصر الشعبي بما يقدموه من معلومات ومصطلحات وتاريخ وروايات مزيفة عن العنصر يروجون لها في بعض وسائل الاعلام ويخدعون بها من ليس له خبرة بتلك الفنون، فقد حاول البعض أن يعبث بالأراجوز شكلا وتاريخا ومصطلحا، حيث أصبحنا نرى عروسه بلاستيكية بدون شارب على بوسترات رسمية! وهو ما يشكل رواية مزيفة لشكل الأراجوز الذي يجب أن يصنع من الخشب بملامح رجولية واضحة، هذا بالاضافة لادعاء البعض تاريخا غير حقيقيا أو انتحال روايات وتزييف أخرى.
وأوضح بهجت أنه عند التعامل مع التراث يجب أن نفرق بين مستويات الاستعادة التي نلتزم فيها بالعرض التراثي بحذافيره والتوظيف والاستلهام الذي يتيح للفنان حرية التصرف، مؤكداً أنه يجب الحفاظ على حقوق الكنوز البشرية من حملة هذا العنصر فالاستعادة خلاف التوظيف والاستلهام.
وأعقب كلمة الدكتور نبيل بهجت شهادة لخمسة من لاعبي الأراجوز الذين يعتبرون من الكوادر البشرية وكنوزها في فن الأراجوز وهم: الفنان صبري سعد متولي الشهير بصابر شيكو، والفنان على أبو زيد سليمان، والفنان مصطفى عبد العزيز الصباغ، والفنان محمود سيد حنفي، والفنان صلاح بهجت.
وفي البداية قال عم صابر شيكو أنه ولد تحت خشبة مسرح الأراجوز، فكان والده أحد أهم لاعبي خيال الظل ولاعبي الأراجوز وقد ورث عنه لفن الأراجوز، قائلا: "قد ولدت بأحد الموالد تحت المسرح، وكبرت وأنا أرى والدي بيروح من مولد للتاني وكنت طبعاً بروح معاه، شفته بيلعب بالخيال برضه واتعلمت أنا كمان شغل الخيال والأراجوز، والمزيكا بدق على الطبلة، يعني علشان كدا لما الدنيا كانت بتقفل كنت اشتعل مع بتوع حسب الله، شفت عم أحمد الكومي واشتغلت في الخيال مع حسن خنوفة، كنا بنقعد في شارع محمد علي كان الشغل زمان بيجي عليه".
فيما حكى الفنان علي أبو زيد سليمان عن تجربته مع الفنون الشعبية وكيف تلقاه وعايش اللاعبين الشعبيين قائلا: "لم تكن تجربتي مع خيال الظل تجربة فنية بقدر ما كانت تجربة إنسانية ووطنية تشعرني بالانتماء إلى وطن يمتلك من التاريخ والثقافة، وشعب مبدع بالفطرة منذ بداية الخليقة، وهذا ما فتح لنا أبواب العالم على مصراعيه لاستقبال هذا الفن بحفاوة شديدة جعلت الاستمرار فيه واجبًا، لخيال الظل سحره الخاص يشعرني أنني أمتلك مفاتيح عالم لا يعلم الكثير عنه أنه حالة من الإبهار والدهشة نراها في أعين الجمهور بمجرد إضاءة الشاشة وظهور المناظر".
كما تطرق الفنان محمود سيد حنفي إلى كيفية تعلمه الفنون وتكوينه ككنز بشري قائلا: "يعتبر انضمامي لفرقة ومضة لعروض خيال الظل والأراجوز، والتي قام بتأسيسها الدكتور نبيل بهجت للحفاظ على هذه الفنون التراثية من الاندثار مسارًا هامًا في حياتي، حيث فتح بابًا للشغف الذي لا ينتهي شغف تأصل فيّ منذ الصغر دون أن أشعر عندما كنت أتابع عروض مولد السيدة زينب فأنا أحد أبناء هذا الحي المفعم بكل ما هو مصري، وكانت هذه الفنون أهم ما يقدم، وأنتظر من العام للعام من خلال المولد وهو ما دفعني لدراسة التمثيل والإخراج بجامعة حلوان، وكانت ورش وعروض فرقة ومضة بابا للدخول إلى عوالم الفرقة التي ساعدتني على تجاوز صعوبات عالم الدمى".
وأعقبه كلمة الفنان صلاح بهجت عن مصاحبته للاعبين الشعبين على مدار عشرين عاما قائلاً: "أول ما يدرك الإنسان من ذاته هو ظله، ذلك الآخر المطروح منه، فالظل عالم وسحر وحياة، بدأت علاقتي مع خيال الظل منذ بداية فرقة ومضة وعروضها التجريبية في الأزقة والحارات، ثم من خلال ورش التكوين المتعاقبة التي كونت كوادرها -على مر الأجيال- حتى صارت على ما هي عليه، بدأت ومضة حلما لمؤسسها يؤكد أن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا، وانطلقت كمدرسة تفتح الباب لكل من أراد أن يتقن فن الأراجوز".
ويسعى مهرجان الأراجوز المصري الذي تأسس عام 2019 لإلقاء الضوء على الامكانيات الهائلة للفنون التراثية وتحديدا الاراجوز كوسيلة للتعبير الفني، ويمكن أن نقدم من خلاله مسرحا سهل الانتشار وواسع التأثير إذ يخاطب كل الفئات والاعمار، ويدعو المهرجان لتكرار تجربة "الأراجوز المصري" وتسجيله على قوائم اليونسكو لكافة الفنون الشعبية، كما يطلق الدعوة للاهتمام باقتصاديات التراث والاستثمار في الثقافة، وسيشهد ختام المهرجان إطلاق عدد من المشاريع للعام القادم وتوصيات للعمل بها للحفاظ على الفن.
|