القاهرة 22 مارس 2022 الساعة 11:23 ص
حوار: سماح عبد السلام
عبر معرضه الأخير "على ورق" بمركز محمود مختار خاض الدكتور علي حسان، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر، تحديًا كبيرًا وذلك من خلال تقديم معرض كامل للرسم على الورق، تلك الخامة غير المتحفية ذات العمر الأفتراضى القصير والتي تتطلب آلية خاصة في التعامل معها، إلا أن د. حسان نجح في تطويع خامة تحمل دفقة الإحساس الأول للفنان وتقديم طرح فني مغاير ناقش خلاله بعض القضايا المعاصرة، ومن ثم كان حوارنا التالي معه..
• شهد متحف محمود مختار معرضك الأخير "على ورق" والذي جاء في مجال الرسم على غير عادة معارضك.. حدثنا عن هذه التجربة؟
يتضمن المعرض مجموعات من المشاريع أو الأعمال التي كنت بصدد العمل وتحضير دراسات مبدئية قبل الدخول للمشروع الذي ينُفذ بالألوان الزيتية، إذن هي بمثابة دراسات مسبقة قبل الدخول للمشروع الفني لاكتشاف الأنجح في التقديم وطرح المشروع نفسه.
من هذه المجموعات مجموعة السيدات اللاتي يقفن على حافة المياه بعنوان "قبل جفاف النهر"، جسدت خلالها جفاف نهر النيل وأزمة المياه التي يمكن أن تحدث في العالم، في العادة يشغلني تقديم وعرض القضايا المعاصرة، فالتخيل بالنسبة لي كان البنت العصرية التي تعيش عصر التكنولوجيا والحياة المدنية العادية ولكنها تذهب لجنوب مصر آخر منطقة يكون بها مياه، وترتدي زي جدتها وتأخذ زلعة المياه تقف على حافة نهر النيل وتتصارع مرة أخرى على المياه، من هذه النقطة نصل إلى أن أي شيء نملكه لا يساوى شيئًا في حال فقدان المياه.
أما اللوحتان المكملتان للأربع لوحات بعنوان "مياه راكدة" حيث أقوم بتغيير المياه للون الأخضر في دلالة إلى أنه في المرحلة القاسية يمكن أن نشرب من الماء الراكد. وهناك فتاتان قدماهما ممتدتان في المياه الراكدة وعيناهما شاردتان وتفكران فيما سيحدث مستقبلا. هناك أيضًا مجموعات مكملة من المعرض السابق حيث تعد في فكرة سياق الرسم واستخدام الخامات الجافة.
• وما هي دلالة حصان الجر المصري والكلاب الضالة ومراكب البرلس بلوحات "على ورق"؟
هو رمزية للتحمل الشديد رغم قسوة الحياة مازال متماسكا، أما فيما يخص الكلاب الضالة فكثيرًا ما يحدث لدي حالة تماس بينها وبين المشردين في الشارع كونهم الاثنين بلا مأوى، وفيما يتعلق بالمراكب فعندما ذهبت للبرلس وجدت بعض الأمور في المجتمع أثارت مخيلتي، حيث وجدت أن الفقراء هم من يقيمون على البحر وليس الأثرياء، لأن أمواج البحر تأكل البيوت، فالغني هو من يمتلك المقدرة على شراء منزل بعيد عن البحر أو ترميم بيته، ورأيت حالات غرق كثيرة لرب الأسرة سواء الأب أو الابن والزوج، ومن ثم سادت حالة حزن عامة، سعيت لإبرازها في العمل الفني.
• برأيك لماذا تتقلص معارض الرسم مقارنة بمجالات الفن التشكيلي الأخرى؟
خامة ورق الرسم عمرها الافتراضي قليل، كونها تتعرض للاصفرار وهجوم القوارض والحشرات، كذلك مادة صعبة الترميم مقارنة بخامات وتوال الزيت، فضلا عن أن التأمين على الورق في المتاحف أمر في غاية الصعوبة، ولذا فالرسم ليس فنا أو خامة متحفية، إذ تقوم المتاحف على النحت ولوحات الزيت بينما يعتبرون الرسم شيئا مكملا، ولكنه على الجانب الآخر فن ممتع وصادق حيث يستقبل الإحساس والانطباع الأول للفنان.
• لماذا خضت مغامرة تقديم معرض كامل للرسم على ورق رغم التحديات الصعبة لهذه التجربة؟
تصنيف المعرض على ورق حتى أنني عنونته باسم "على ورق"، لأن السطح ورق واستخدمت الفحم وألوان الباستيل معا، شعرت أنني يمكنني تقديم شيء مختلف عن فكرة التصوير أو ما اعتاد المتلقي رؤيته في تجربة التصوير، صنعت جوا عاما للعمل الفني يدور في إطار درجات الفحم القاتمة وأدفع المشاهد لطرح الأسئلة عن وظيفة الألوان في العمل ورمزيتها، فأعمل تقاطعات بين مساحة الأبيض والأسود ومساحات الألوان، ولكن الألوان كذلك خامة جافة وليست زيتا، فكان التحدي في تقديم طرح مختلف نوعًا ما في الرسم والفحم وألوان الباستيل، لأن الرسم له سقف محدد في التعامل، حيث إن إمكانياته غير متسعة مقارنة بالتصوير.
ولكن في النهاية هذه الرسوم وتلك الدراسات المتأنية التي تحمل بين طياتها شحنة المشاعر ودفقة الانفعالات الصادقة الأولى لتلك التوترات العصبية لحركة اليد ذهابا وإيابا فوق ذلك السطح المغاير.. ذلك السطح الذي تحمل دوما وطأة حمل الإحساس الأول بلا حسابات مؤرقة أو تخيلات مرهقة لما سيكون عليه العمل الفني عند انتهائه.
|