القاهرة 21 مارس 2022 الساعة 08:36 م
كتب: حاتم عبدالهادي السيد
يحتفل أغلب دول العالم بيوم الأم، أو فيما أطلق عليه بعد ذلك بعيد الأم، وهو يوم لتذكر الأم بعد أن رأت كثير من الدول إهمال العديد من الأبناء لأمهاتهم في العديد من بلدان العالم، أنا ديننا الإسلامي فقد أولى عناية خاصة بالأم، وأوصي الأبناء بالإحسان إلي أمهاتهم مصداقًا لقوله تعالى: " وبالوالدين احسانًا "، كما قال النبي ص : "الجنة تحت أقدام الأمهات"، والمواقف والأحاديث النبوية والآيات القرآنية كثيرة في ذكر فضل الأم، وهي كما قال أمير الشعراء عنها:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق
فالأم هي البذرة الصالحة التي تضعها الأم في تربة العالم لتنتج مجتمعات صالحة قوامها التربية الصالحة، وبها تتقدم الحضارة، وتعلو القيم، ويتحقق الأمن والسلام في العالم..
فما قصة الاحتفال بذلك اليوم العالمي، ومتي تم التفكير في تخصيص عيد لها، وتقديم هدية لتعبر عن تقديرنا، ولو رمزًا لدورها الفاعل في الحياة العامة والخاصة، ولعل هذا العيد الرمزي أقل شيء نقدمه لهان فهو يوم الوفاء لها وهي حية، وتذكرها والدعاء لها إن كانت روحها قد صعدت إلي بارئها العظيم.
وقد بدأ أول احتفال بعيد الأم عام 1908، عندما أقامت آنا جارفيس ذكرى لوالدتها في أمريكا، فقامت بالاحتفال بأمها كنوع من الوفاء والتكريم لها، وبعد ذلك بدأت بحملة لجعل عيد الأم معترف به في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من نجاحها عام 1914 إلا أنها كانت محبطة عام 1920 لأنهم صرحوا بأنها فعلت ذلك من أجل التجارة وبيع الهدايا.
وقد اعتمدت المدن "عيد جارفيس" وأصبح الآن يحتفل به في جميع العالم، وفي هذا التقليد يقوم كل فرد بتقديم هدية، أو بطاقة، أو ذكرى، للأمهات والجدات كنوع من الوفاء وتقديرًا لدور الأم في التنشئة والتربية، وتربية أولادها علي القيم النبيلة..
وظهرت العديد من الاحتفالات في أمريكا لتكريم الأمهات خلال عام 1870 و1870 لكن هذه الاحتفالات لم يكن لها صدى في المستوى المحلي، ولم تذكر جارفيس كيف كانت محاولات جوليا وارد لإنشاء عيد الأم من أجل السلامة في عام 1870، ولم تذكر أيضاً أي شيء عن المحتجين في الاحتفالات المدرسية الذين يطالبون بعيد الطفل بين الأعياد الأخرى، ولم تذكر أيضاً تقاليد مهرجان الأم في الأحد ولكنها كانت دائماً تقول بأن عيد الأم كانت فكرتها وحدها.
وأيًا كان من فكر في البداية، فكل الشكر للجميع في الملل والنحل الأخري لأنهم تذكروا يومًا للوفاء وتقديرًا للأم والجدات، والمرأة ودورها في خدمة الفرد والمجتمع والعالم والحياة.
وقد استمدت معظم المدن عيد الأم من الأعياد التي ظهرت في الولايات المتحدة، كما اعتمدته المدن والثقافات الأخرى، وعيد الأم له معانٍ عديدة مرتبط بأحداث مختلفة سواء كانت تاريخية أو دينية أو أسطورية، ويحتفل به في تواريخ متعددة - كما جاء في موسوغة ويكيبيديا العالمية، وهناك حالات أخرى، فبعض الدول سابقًا كان لديها يوم تحتفل به لتكريم الأمومة، وبعد ذلك اعتمدت العديد من الأمور الخارجية التي تحدث في الأعياد الأمريكية مثل :إعطاء الأم أزهار القرنفل أو الهدايا..
• نظرة الأديان لعيد الأم :
يعتقد الكثيرون من عامة المسلمين بل ومن الدعاة خطئا بأن الإحتفال بيوم الأم هو بدعة وتقليد أعمى للغرب وليس له أصل من الصحة، حيث أن الاهتمام بالأم وبرها يكون طوال العام، وفي كل وقت من تعاليم الإسلام، بينما يرى البعض الآخر أن لا ضرر في الاحتفال به لما له من ذكرى رمزية للوفاء للأم وللتعبير لها عن الحب والتقدير ودورها العظيم في تنشئتهم.
وفي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية يرتبط عيد الأم بقوة مع الصلاة لمريم العذراء و في كثير من البيوت الكاثوليكية كانت بعض الأسر لديها مرقد استثنائي مكرس لمريم العذراء، في العديد من الكنائس الشرقية الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية وطتقام صلاة خاصة على شرف العذراء مريم.
• الولايات المتحدة وذكرى عيد الأم:
تحتفل الولايات المتحدة بعيد الأم في يوم الأحد الثاني من مايو، ففي عام 1872 دعت جوليا وارد هاو النساء للانضمام من أجل دعم نزع السلاح مطالبين في 2 يونيو 1872 بأن يقام عيد الأم من اجل السلام، "نداء إلى الأنوثة في جميع أنحاء العالم"، ويشار إليه أحياناً بعيد الأم، ولكن يوم جوليا لم يكن لتكريم الأمهات ولكن لتنظيم الأمهات المسالمات ضد الحرب.
وفي عام 1880 وعام 1890 كان هناك العديد من المحاولات من أجل إقامة عيد الأم في أمريكا لكن هذه المحاولات لم تنجح على المستوى المحلي، وأخيرا تم إنشاء العيد الحالي من قبل آنا جارفيس في جرافتون غرب فرجينيا في عام 1908، كانت جوليا تريد تحقيق حلم والدتها وهو الاحتفال بجميع الأمهات وظلت تعزز هذا الطلب حتى جعل الرئيس ويلسون هذا العيد عيداً رسمياً وطنياً.
• عيد الأم في مصر:
لعل أول من فكّر في عيد للأم في العالم العربي كان الصحفي المصري الراحل علي أمين -مؤسس جريدة أخبار اليوم مع أخيه مصطفى أمين- حيث طرح علي أمين في مقاله اليومي "فكرة" طرح فكرة الاحتفال بعيد الأم قائلا: "لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم، ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق"، ثم حدث أن قامت إحدى الأمهات بزيارة للراحل مصطفى أمين في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار ولم تتزوج وكرّست حياتها من أجل أولادها وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا واستقلوا بحياتهم وانصرفوا عنها تماماً، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير “فكرة” يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها، وبعدها انهالت الخطابات عليهما تشجيعا للفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط، لكن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وبعدها تقرر أن يكون يوم 21 مارس ليكون عيداً للأم، وهو أول أيام فصل الربيع ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.
• تاريخ عيد الأم حول العالم:
لقد تبنت العديد من الدول والبلدان حول العالم فكرة الاحتفال بعيد الأم وربطته بالأحداث التاريخية الكبري، فتعيرت الأيام ولم يتم الإتفاق علي يوم عالمي واحد في العالم لتكريم الأم، فقد تغيرت التواريخ في الاحتفال بعيد الأم من بلد إلى آخر حول العالم، كما تغير ليتناسب مع الاحتفالات الموجودة لتكريم الأمومة، مثل عيد الأم في يوم الأحد في الولايات المتحدة، وفي اليونان، وكان يحدث بها احتفالات الأرثوذكس لتقدمة يسوع في الكنيسة، وكان عيد الأم في يوم الأحد غالباً يعود لعيد الأم وكان غير معترف به.
كما قاموا في بعض البلدان بتغير التاريخ ليناسب أغلب الديانات فجاء الاحتفال بعيد مريم العذراء في البلدان الكاثوليكية، وبلدان أخرى اختارت تاريخًا ذا أهمية تاريخية، مثل عيد الأم في بوليفيا، وهو تاريخ للمعركة التي شاركن بها النساء.
وفي الدول الشيوعية مثل: ألمانيا الشرقية كانوا يحتفلون عادةً باليوم العالمي الاشتراكي للمرأة بدلاً من عيد الأم، ولكن بعض الدول الشيوعية الكبرى مثل روسيا لاتزال تتبع هذه العادة.أو تحتفل بكلا العيدين ، وهي عادة في أوكرانيا كذلك.
|