القاهرة 07 مارس 2022 الساعة 12:48 م
كتبت:ياسمين مجدي
خامسا: الأعمال السينمائية
وجدت كمّا هائلا من الأفلام السينمائية سواء المصرية أو الأجنبية يمثل السلم فيها محورا مهمًّا ونقطة تحولية حيوية ومن هذه الأفلام:
1- فيلم "ذهب مع الريح" عام 1939 – هذه السلالم العريضة المغطاة بالسجادة الحمراء شهدت معظم المحادثات بين الأبطال في هذا الفيلم الذي تصل مدته إلى أربع ساعات عن الحرب والحب.
2- فيلم "ترومان شو" عام 1998 - ترومان بوربانك المسكين. عندما كان رضيعًا ، تم وضعه في أكبر استوديو تليفزيوني في العالم ونشأ دون علمه باعتباره النجم الرئيسي في برنامجه التلفزيوني الخاص. كانت حياته كلها كذبة، ولهذا نراه وهو يواجه خوفه من الماء ويكافح في طريقه إلى الحرية. تقدم لنا خطواته الأخيرة في المخرج المرسوم بالسماء نهاية مرضية بصريًا لفيلم رائع.
3- فيلم "روكي" عام 1976 – بلا شك، أشهر الخطوات في تاريخ السينما إلى متحف فيلادلفيا للفنون، حيث صعد روبرت بالبوا الشاب، في منتصف العمر، كان يستعد لقتال كبير، ويجري ويصعد درجات السلم حتى نهايته. وتشعر بالانتصار عندما تراه يصل لنهاية السلم الكبير والذي أصبح أيقونة فنية وعلامة بارزة ويقوم الرياضيون بهذا الفعل مثل روكي بالبوا وحتى الناس العادية تشعر بالفخر لمجرد ارتياد هذه السلالم التاريخية.
4- فيلم "طلاق سعاد هانم" عام 1947 – نرى البطل "أنور وجدي" الرجل الفقير العاطل صاحب المبادئ والقيم السامية الذي هو أيضًا مخرج الفيلم، والبطلة "عقيلة راتب" التي هي سعاد هانم، الثرية والمدللة، يتقابلان في حادثة وتنقله لمنزلها لعلاجه في الدور الأرضي من المنزل الفاخر، ويظل هو في الطابق الأسفل وهي في الطابق العلوي، ومن ثمَّ تحدث مفارقات عديدة تصل لزواجه منها في نهاية الفيلم، ويظهر السلم الكبير العريض في معظم المشاهد وتحدث عليه معظم الأحداث المحورية بالفيلم.
تحليل اللوحة تشكيلية "سلالم القلعة" للفنان محمد صبري – رائد فن الباستيل
ولد صبري في 21 ديسمبر 1917 بالقاهرة وتخرج في المدرسة العليا للفنون التطبيقية، قسم تصوير، عام 1937.
أقام معرضه الخاص الأول في صالون جولدنبرج بالقاهرة، عام 1943، وحصل على الجائزة الأولى في التصوير بالمهرجان الأدبي الفني الذي أقامته وزارة المعارف العمومية عام 1948.
برع صبري في استخدام ألوان الباستيل، وهي خامة صعبة ذات كثافة عالية وتحتاج إلى تمرس كبير في استخدامها، وأطلق عليه زملاؤه وتلامذته لقب "رائد فن الباستيل في مصر".
وتقتني الكثير من المتاحف والمؤسسات الرسمية أعماله ومنها المتحف القومي للفن الحديث بالقاهرة ومتحف الفنون الجميلة في بلنسية بإسبانيا ومتحف الفن المعاصر في غرناطة بإسبانيا ووزارة الخارجية المصرية والبنك الأهلي المصري.
تنوعت موضوعات لوحاته بين البيئة المصرية والآثار الفرعونية والريف المصري والقاهرة القديمة والآثار الإسلامية في الأندلس والحياة الاجتماعية في إسبانيا والمناظر الطبيعية في المغرب.
أرّخ بلوحاته لأهم الأحداث التاريخية التي مرت بها مصر فرسم (لوحة معركة بورسعيد) عام 1956 وهي من مقتنيات متحف الفن الحديث، و(لوحة السد العالي) عام 1966 وهي من مقتنيات مجلس السوفييت الأعلى في روسيا، و(لوحة العبور العظيم) عام 1973 وهي من مقتنيات متحف قصر عابدين.
نال وسام الاستحقاق من درجة فارس من الحكومة الإسبانية عام 1961، ووسام الملكة إيزابيل من ملك إسبانيا عام 1988 وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من مصر عام 1997.
أقامت كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان معرضا لأعماله في 2017 بمناسبة مئوية ميلاده وهو المعرض الذي لم يستطع حضوره بسبب ضعف صحته.
في لوحته سلالم القلعة اختار ألوان الباستيل.. وهي خامة صعبة ذات كثافة عالية تحتاج إلى تمرس شديد. ويرجع تاريخ التعامل معها إلى عصر النهضة، فقد كان الفنان ليوناردو دافنشي يخط رسومه التحضيرية بألوان قريبة من الباستيل المعروف لدينا اليوم. فكان يخلط الأبيض والأسود والأحمر في مزيج من الدرجات اللونية التي تساعد على وضع الألوان الزيتية. بمعنى آخر استخدمها في رسومه التحضيرية.
في الحوارات الصحفيّة التي أُجريت معهُ، قال «صبري» إن فن الباستيل أعطاه قوة اللون ونصاعتهُ وشفافيته، وهي صفات صعبة في الألوان الزيتيّة «المعتمة»، مضيفًا أن: «خامة الزمان والمكان معًا.. لمسة الضوء من لون الباستيل تُحدد الزمن، ولمسة اللون تُحدد الأشكال وتُصبح لمسة المكان».
يُعد «صبري» واحدًا من أكبر فناني العالم القلائل الذين تخصّصوا في استخدام الباستيل، وهو مصوّر «القاهرة» العتيقة، وآثار الحضارة بالأندلس الأكبر، والذي بفضل تطويره لألوان الباستيل الهشّة في تصوير المناظر الحضرية والخلاوية، مستحضرًا طبيعة الضوء وآثار الزمن، أصبح آخر وأكبر مؤسس اتجاه فريد من التيار التأثيري العالمي، والذي يُعرفه النقاد ومؤرخو الفن التشكيلي الحديث بـ«التأثيرية، الواقعية».
غير أن إبداعه في تصوير معالم وأحياء القاهرة العتيقة، حيث تدور أحداث غالبية أعمال نجيب محفوظ الروائية والقصصية، نقاد ومؤرخو الفن التشكيلي المعاصرين في مصر والعالم، يقارنون إبداعات محمد صبري في التصوير بالباستيل بإبداعات نجيب محفوظ الأدبية والروائية والقصصية باللغة المكتوبة، إذ وصفهُ محمد إبراهيم وصدقي الجباخنجي بأنه: «نجيب محفوظ التصوير المصري»، لأنه أثر بقوة في الحركة التشكيلية العالمية المعاصرة، وبخاصة في أوروبا الغربية والشرقية على السواء، الأمر الذي يعكسه كثرة الجوائز التي أخذها من هناك، وكثرة ما نُشر عنهُ في المصادر الأوروبية المعتمدة.
وهنا في هذه اللوحة المبهجة يظهر بوضوح الخط التأثيري أو الواقعي، حيث تصور اللوحة الحارة المصرية القديمة والتي تنتصفها درجات السلم المؤدي لشارع آخر، والألوان زاهية ومريحة للعين المبصرة، كما نرى درجات السلم بوضوح في المنتصف، فدرجات السلم هنا هي البطل في اللوحة الفنية، ويجلس على جانبي السلم الباعة في مشهد يكاد يتحرك من الكادر الذي بالصورة.
هنا يصف الفنان محمد صبري الحارة المصرية بألوان زاهية وصافية في وقت الظهيرة وكلا في انشغاله بالحياة اليومية.
اللوحة هنا من زاوية مستقيمة بعيدة بعض الشيء لتبين لنا المشهد كاملا ودرجات السلم لآخرها، وهنا نجد التوازن في اللوحة حيث إنها تنقسم إلى ثلاثة أجزاء يمين السلم ويسار السلم والمنتصف الذي هو السلم نفسه، وهي لقطة بعيدة قريبة، والزاوية أمامية لتوضيح تفاصيل الصورة كلها، والإضاءة ذات طبيعة متدرجة نظرا لدرجات الظل والنور لأنها في وضح النهار تقريبا وقت الظهيرة، والخطوط فعلية رأسية وأفقية، ويوجد عمق في الصورة من خلال خطوط الطول التي تصل لعمق اللوحة.
|