القاهرة 10 يونيو 2021 الساعة 12:41 م
أتابع منذ سنوات أبرز عروض مزاد "سوذبي" البريطاني المرتبطة بمقتنيات وآثار ومخطوطات أدبائنا وروادنا العرب بشكل عام، والمصريين على نحو خاص، والحقيقة أن ما يعلن عن بيعه في هذا المزاد كارثة بالمعني الحقيقي، خاصة وأنها تمثل جزءا مهما من التراث الحضاري المصري وتاريخنا الاجتماعي، وهو ما يدفع بتساؤل رئيس يستحق التوقف عنده قليلاً، ألا هو من يقف وراء تهريب تراثنا الحضاري إلى المزاد البريطاني؟
في الأيام القليلة الماضية نشرت تحقيقا صحفيا في جريدة "الدستور" بعنوان "خبيئة محفوظ".. يكشف النقاب عن السيدة التي حاولت سرقة مقتنيات أديب نوبل وبيعها بمزاد في بريطانيا، توصلت خلاله إلى وقائع جديدة تكشف لأول مرة في قضية خروج المقتنيات من منزل نجيب محفوظ بالعباسية عام 2011 ثم إخفائها، ثم محاولة وسيط غامض تدعى "بريتا ليفا" استطاعت الحصول عليها أكثر من مرة عبر عقد صفقات مع سارقها، ثم تهريبها خارج مصر وعرضها في المزاد ثم الاستيلاء عليها حتى يومنا هذا، وأسرار أخرى.
وقبل نشر التحقيق بساعات نشرت تقريرا أيضا عن عرض عدد من مقتنيات الإمام محمد عبده في هذا المزاد، وكذلك عرض لوحة نادرة للرسام والأديب اللبناني جبران خليل جبران عبر الموقع، وهو ما يكشف عن استهداف مزاد "سوذبي" البريطاني لتراثنا الأدبي والحضاري العربي على نحو عام، والمصري على وجه التحديد منذ 10 سنوات (2011 -2021) بشكل كبير للدرجة التي دفعت وزارة الآثار للبحث وراء وقائع تسريب المقتنيات والمخطوطات التي أعلن مزاد "سوذبي" عن عرضها فى معرض "فن العالمين الإسلامى والهندي" 2 مايو 2019، متضمناً أندر وأعرق الأعمال الفنية والمخطوطات العربية، ومنها نسخة خطية خزائنية لمصحف شريف برسم السلطان الجركسي "أبو النصر قايتباي" في مصر بتاريخ (894هـ - 1489م)، للبيع بمبلغ يصل إلى 800 ألف جنيه إسترلينى، رغم إعلان الدكتور عماد عيسى مدير الإدارة المركزية لدار الكتب والوثائق القومية أن الدار أُخطرت بالمزاد وتجرى مراجعة السجلات.
لم يمر سوى بضعة أشهر حتى أعلنت دار الكتب والوثائق القومية عن استعادة مخطوط إسلامي يعود تاريخه إلى فترة حكم السلطان قنصوة الغوري آخر حكام المماليك قبل الغزو العثماني لمصر، وذلك قبل بيعه في مزاد بالعاصمة البريطانية لندن، ومن قبله استعادة مخطوط "المختصر في علم التاريخ".
وفي نهاية عام 2019 أطل علينا الدكتور هشام عزمي رئيس دار الكتب والوثائق القومية آنذاك معلنا إنشاء وحدة خاصة لمتابعة صالات المزادات في العواصم التي تعرض المخطوطات والوثائق المصرية، إلا أن تفعيل دور هذه الوحدة في متابعة ما يعرضه مزاد "سوذبي" البريطاني يحتاج الى مزيد من بذل الجهد من أجل إيقاف ما تتعرض له ذاكرتنا العربية الجمعية من استنزاف لتراثنا الحضاري الذي ييرز في مقتنيات ومخطوطات أعمال كبار المبدعين فى العالم العربي.
وختاما أتمنى أن يكون لهذه اللجنة دور حقيقي خلال الفترة المقبلة حتى يتوقف هذا المزاد عن الإعلان عن بيع مقتنيات مبدعينا العرب والمصريين.