القاهرة 21 مايو 2021 الساعة 11:22 م
بقلم: زينب عيسى
رغم توقع البعض أنه سينجو من براثن فيروس كورونا، لكن اللعين قد هزم صاحب أكبر رصيد من الضحك في قلوب الملايين.. الفنان الكبير سمير غانم، الذي توفي بعد أن تسبب الفيروس في إصابته بفشل كلوي حاد ودخوله في غيبوبة لتتدهور حالته ويرقد تحت أجهزة التنفس الصناعي، لتنتهي حياة واحد من أهم فناني الكوميديا في مصر والوطن العربي، صاحب قصة نجاح وكفاح امتدت لأكثر من ستين عاما تربع خلالها على عرش الكوميديا في مصر، وقدم مايقرب من 300 عمل فني ما بين السينما والمسرح والتلفزيون، وستظل ذكراه ممتده في قلوب محبيه.
سمير غانم 84 عاما الذي ينتمي لأسرة صعيدية من جهة الأب الذي كان يعمل مأمورا للقسم في مدينة أسيوط، هو أحد أضلاع المثلث الفني "فرقة أضواء المسرح" التي شاركه فيها الراحلان الضيف أحمد وجورج سيدهم ليلحق بهما بعد رحلة من العطاء الفني ساهم من خلالها في رسم البهجة علي وجوه محبيه من مصر والبلاد العربية، حيث توفي الضيف عام 1970 تاركا الثنائي سمير غانم وجورج سيدهم، لكن تعرض الأخير لمحنة مرض أثرت عليه لسنوات طويلة حتى توفي في مارس الماضي تاركا الرفيق الأخير سمير غانم في حالة حزن على انفراط عقد الفرقة التي اشتهرت شهرة كبيرة في مصر والوطن العربي.
وتعود قصة ثلاثي أضواء المسرح حين التقى سمير غانم المولود في 15 يناير 1937، والمتخرج فى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، بكلٍ من جورج سيدهم والضيف أحمد، وكونوا معا فرقة ثلاثي أضواء المسرح الشهيرة، وهو فريق غنائي كوميدي لمع على المسرح من خلال تقديم مجموعة من الاسكتشات والمسرحيات الكوميدية، كان أشهرها "طبيخ الملايكة" و"روميو وجوليت"، ثم قدم الثلاثة بعدها عددًا من الأفلام والمسرحيات الناجحة.
وبعد وفاة الضيف احمد اتجه الرفيقان جورج وسمير إلى عمل عدة أعمال مشتركة أشهرها مسرحية "المتزوجون" و"أهلا يادكتور" حتى اتجه سمير غانم إلى العمل منفردا.
من منا ينسى شخصية "فطوطة"، التي ابتكرها سمير غانم وأحبها الأطفال والكبار، حيث تم مقارنته في ذلك الوقت بشخصيات "ديزني" لما حققته من شهرة ونجاح منقطع النظير، أيضا شخصية "مسعود" في مسرحية "المتزوجون"، حيث قدم خلال مشواره الفني الممتد ما يجاوز 250 عملاً منذ عام 1963 حتى وفاته، وفي فترة الثمانينات لمع في سماء الفوازير، فقدم سلسلة من فوازير رمضان تحت اسم شخصيتي "سمورة" و"فطوطة"، ثم عاد في رمضان في أوائل التسعينيات ليقدم فوازير المطربون والمضحكون.
عاش نجاح غانم طوال أجيال كاملة، واستطاع أن يخلد اسمه في عالم الفوازير الرمضانية، فضلا عن عدد كبير من الأعمال الدرامية منها "حكايات ميزو" و"كابتن جودة"، وغيرها من الأعمال مثل "يوميات زوجة مفروسة"، و"لهفة"، و"في اللالا لاند"، و"تزوج وابتسم للحياة"، و"أبو ضحكة جنان" وغيرها.
والذي لايعرفه الكثيرون أن سمير غانم قد التحق بكلية الشرطة في بداية حياته بسبب رغبة والده ضابط الشرطة أن يكون ضابطا مثله، لكن حبه للفن غلب عليه ليترك الكلية ويتجه للقاهرة تاركا قرية عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط ويلتحق بكلية الزراعة، ثم في المسرح الجامعي حقق أول خطوه في طريق الفن، وبدأت الأبواب تتفتح أمام موهبته وخفة ظله، فبعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة أسس مع جورج سيدهم والضيف أحمد فرقة ثلاثي أضواء المسرح، ولمع نجم سمير غانم حينها، وتحديدا في مسرحية "طبيخ الملايكة" عام 1964، التي تعد ميلادا فنيا كبيرا لسمير غانم.
تربع الفنان الراحل سمير غانم علي عرش الارتجال في المسرح ويعتبر أسلوبه من أساليب "الضحك الهزلي" أو الضحك القائم على عامل السعادة والبهجة فقط، حيث تميز بإلقاء الكثير من الإفيهات وليدة اللحظة، المرتجلة الخارجة عن النص مما جعله يتعرض للكثير من المشاكل مع كبار المؤلفين، لكنه أصر أن يدخل البهجة علي قلوب الكثيرين بتلك الطريقة البسيطة لخفة ظله التي ميزته عن كثير من أبناء جيله.
وكما تألق غانم في أدوار البطولة فإنه أبدع أيضا بل تفوق في أداء الدور الثاني وأحيانا ضيف الشرف، مما جعل لها قيمة فنية وأصبح لها شروط تتوافر في ممثل الدور الثاني.
الفنان سمير غانم والمتزوج من الفنانة الكبيرة دلال عبد العزيز التي ترقد حاليا في مستشفي العزل مصابة بفيروس كورونا ولا تعلم مع الأسف أن رفيق دربها قد مات، ووالد الفنانتين دنيا وإيمي سمير غانم..
سيظل علامة بارزة في مدرسة الضحك في الوطن العربي، ويعتبر رائد من رواد جيل الكوميديا الموقف، أجاد في التلقائية على خشبة المسرح لسنوات طويلة مع عمالقة المسرح العربي، وأحد أهم الفنانين الذين استطاعوا أن يرسموا البهجة على وجوه الملايين بعد رحلة كبيرة من العطاء الفني.