القاهرة 18 مايو 2021 الساعة 02:15 م
كتبت: سماح ممدوح حسن
"لكل فعل رد فعل، مساوٍ في القوة، ومعاكس فى الاتجاه" هذا هو قانون نيوتن الثالث، والمعروف بقانون الفعل ورد الفعل. وتلك تحديدًا هي قصة ومحور المسلسل الرمضاني 2021 "لعبة نيوتن" بطولة منى زكي، محمد ممدوح، سيد رجب، محمد فراج" وغيرهم. سلسلة من الأفعال وردود الأفعال من كل الشخصيات.
تبدأ القصة بقرار الزوجين "هنا، وحازم"، استغلال سفر "هنا، منى زكي" فى رحلة عمل إلى أمريكا ليقررا أن تقوم هنا عن عمد بكسر موعد تأشيرة الدخول والخروج من أمريكا، وترك الوفد المرافق لها، لتظل هي بأمريكا حتى تضع مولودها فى الولايات المتحدة ليحصل فور ولادته على الجنسية الأمريكية. وبعدما اتفق الزوج معها على أن يلحق بهما هو الآخر بعد عدة أيام تعثر حصولة على التأشيرة المزورة، مما حدا به إلغاء الخطة وأجبرته زوجته على عدم إكمال الخطة واللحاق بوفد عملها للرجوع لمصر. لكن هذا الإجبار ما لم تنصع له هنا.
إصرار "هنا" على السفر إلى أمريكا وحدها، كان أول رد فعل لها على تاريخ طويل من الاستخفاف بها من أمها وزوجها اللذين لم يكونا يعاملاها إلا على أنها شخص ضعيف تحتاج دائما إلى من يرعاها ويهتم بها، رغم حصولها على شهادة الماجستير وإنشائها لعمل خاص بجانب الوظيفة الحكومية، ودائما يقول زوجها "تغرق في شبر ميه" كان رد فعلها كالانتقام ممن لم يعترفوا بأي نجاح تحققه. وعليه، رفضت الرجوع إلى مصر وأكملت الخطة رغم تشردها عدة ليالٍ بالشارع، ورغم خلافها الكبير الواصل حد السباب بينها وبين زوجها حد الطلاق، والذي أدى إلى قطع الصلة بينهما حتى موعد ولادتها. وفي كل موقف تضعف فيه "هنا" يكون حافزها تلك الذكريات التي ترى فيها كل من حولها يستهين بها.
جاء موعد الولادة، تضع مولودها، يحصل على الجنسية وتعود، لكن وكرد فعل لخوفها ووحدتها كادت أن تفقد ابنها بعد الولادة. فى يوم ولادتها لم تفهم (بحاجز اللغة) أن الولد لابد له من الإقامة عدة أشهر فى حضانة لاكتمال شهوره التى نقصت فى بطن أمه. لكنها ظنت أنهم يأخذونه لإقامتها غير الشرعية في البلاد، فهددت بقتل نفسها حتى يعطونها الولد، لكن جاء رد فعل الخوف والوحدة وعدم الفهم، بفعل أبشع عندما نزعت السلطات منها حضانة ابنها لرؤيتهم عدم أهليتها لتربيته. وهنا استعانت بواحدة من أشهر شخصيات الجالية المصرية بأمريكا "مؤنس، محمد فراج" ساعدها بالوسيلة القانونية الوحيدة، وهي نسب الولد لنفسه، حتى تعيده إليها السلطات. وقد أحبها مؤنس، واستغل خلافها وزوجها وطلاقهما، وعرض عليها الزواج مستغلًا كل هذه المساعدات. وبعد لقائهما "هنا، ومؤنس" كانت دائمة المقارنة بين معاملته لها ومعاملة زوجها حازم، مما دفعها أكثر للاستكمال.
أما الزوج"حازم، محمد ممدوح" منذ اقتراح وتنفيذ خطة السفر والجنسية الامريكية للمولود، استمرت حياته في سلسلة من الأفعال وردود الافعال، بدءا من تطليقه لزوجته التى لم يصدق أنها عصت أمره بالرجوع عندما تعثر سفره إليها، وعند تطليقها مرة تالثة عندما عرف أن مؤنس كتب المولود على اسمه، لكنه لم يصبر ليعرف أن هذا لم يحدث إلا كأجراء قانوني ليحافظ على حضانة الولد لأمه، فسب زوجته واتهمها بالزني وهم بتقديم شكوى ضدها يتهمها بذلك، وهي عندما عرفت تزوجت مؤنس كرد فعل على ما فعله واتهمها به. أو ربما كان كل ذلك لرفضه تصديق أن زوجته نجحت من دونه، دون انتقاداته وتوجيهاته.
كل الشخصيات تورطت في الفعل ورد الفعل دون فهم أو تفكير. أو حتى عن حق. مؤنس المنافق كاره أمه، المتدين ظاهريا فقط، كان رد فعل لما زرعه أبوه بعقله عن أمه الراقصة، فاتخذ الدين كآلية دفاع. أخته الصغرى تركت البيت وسافرت إلى اليابان لتتعلم هناك كرد فعل للتضيق عليها فى لبس النقاب والحركة والحياة كلها. سيد رجب الذي حاول إشفاء "أمينة، عائشة بن أحمد" وهذا ما لم يتثن له فعله مع ابنته التى انتحرت كرد فعل لتحكمه بها.
حتى تنتهي حلقات المسلسل، تدور الشخصيات فى دائرة من الفعل ورد الفعل، ربما صادف أو عاش الكثيرون مثل هذه الدائرة. لكن ما يلفت الانتباه حقا هى احترافية نجوم العمل وفى مقدمتهم "منى زكى، ومحمد فراج، ومحمد ممدوح".
"هنا" التى لم تعد رد فعل
فى كل عام يثبت أحد، أو بضع من نجوم المارثون الرمضاني، حرفيتهم وقدرتهم على إثبات براعتهم التمثيلية ومواهبهم الفذة. ومن ضمن النجوم القلائل الذين سطع نجمهم هذا العام خاصة بعد ابتعاد عن الشاشة قليلا، هي النجمة "منى زكي" والتي أثبتت أنها أهم نجوم الوطن العربي من أول مشهد ظهرت فيه بالمسلسل فى الحلقة الأولى. مشهد اختلافها مع حازم ومضيها في تنفيذ الخطة. لم تبرع فحسب فى تجسيد كلمات حوار مكتوب، لكنه انفعال صوتها ورعشاتها، تحكمها فى كل نبر حرف تخرج منها. وبعدها مشاهد إصابتها بالانهيار العصبي عقب الولادة. ويجيء المشهد الكبير في المحكمة، والتي كانت تشرح فيها للقاضية الظروف التى أوصلتها إلى هنا.
الشيخ مؤنس، صنيعة خدعة أبيه
جسد شخصية الشيخ مؤنس فى المسلسل الممثل الشاب"محمد فراج" والذي على الرغم من أنه ضمن الممثلين الشباب، إلا أنه أثبت أن موهبته أكبر كثيرا من عمره، بعدما خلق أمام أعيننا "الشيخ مؤنس" والذي عاش عمره كله مخدوعا بفكرة غرسها أبوه فى عقله عن أمه، السيدة التي تمتهن الرقص الحديث، والتى أحبها الأب وهو شاب وتزوجها وأنجب منها مؤنس، وكان يأمل أن يغير تلك السيدة ويحولها إلى شخصية يريدها هو، لكنها رفضت وتمسكت بما هى عليه ولم تنصاع لنفاق الزوج، وكنتيجة لذلك أبعد ابنها عنها طوال عمره ولم يذكرها أمامه إلا بالمكاره، وأشنع الصفات. حتى كبر الابن وصار الشيخ مؤنس واكتشف خديعة أبيه له، وعندما ذهب ليرتمي بحضن أمه بعد اكتشاف الخداع وتيه السنين، كان الأوان قد فات، وهاجرت الأم. أحب الشيخ مؤنس"هنا" حبا لا يوصف، قبل منها بأى شيء حتى الكذب، ولمّا لم تبادله نفس الحب واستنفذ في استجداء حبها كل السبل حاول خطف ابنها المكتوب باسمه، لكنها استطاعت استعادته فى اللحظة الأخيرة. لكن تجسدت براعة محمد فراج فى التمثيل فى كل مشهد ظهر فيه، عندما كان يستميل هنا، بالجملة الدينية الجديدة، لتتزوجه وبالحب الكبير، والمساعدة. وبعدما حاول اغتصابها وذهب ليصالحها. ومشهده الاخير عندما استسلم للأمر الواقع وطلقها وحلق الذقن المزيفة وغادر بيت ابيه ورجع إلى حيث أتى.
سيد رجب
"سيد رجب، بدر". شخصية غريبة، منعزلة، غريب الملبس والمعاش والافكار، لكنه استطاع إقناع الجميع بأن ابنته تركته وتعيش بعيدا، لنكتشف فى النهاية أنه ماتت منتحرة، كرد فعل تسلطه الأبوى عليها، فعاش نادما منعزلا، بجوار قبرها فى بيت العزبة التى يعيش فيها، ولم يعلم أحد من المقربين والمقيمين معه بالبيت سوى أنها ليست هنا، ليكتشف حازم بالصدفة أنها مدفونة بالقرب منهم.
زياد"آدم الشرقاوي"الموهبة الشابة الأكثر حرفية هذا العام
رغم وجود عدد كبير من الممثلين الشباب فى المسلسل، لكن أكثر من تميز من بينهم شخصية "زي" أو زياد "آدم الشرقاوي" شخصية الشاب المصري المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، الممثل الشاب الذي لفت الأنظار إليه في هذا العام خلال مسلسل لعبة نيوتن. من أكثر الممثلين الشباب الذين ظهروا هذا العام لأول مرة، بموهبته الكبيرة، وطريقة نطقه للغة العربية المتأثرة كثيرا باللغة الإنجليزية، وفي الحقيقة هو كذلك شاب مصري مقيم في أمريكا منذ زمن ويشارك فى أدوار صغيرة فى هوليوود. وقدم شخصية زين الشاب الذي ساعد منى زكي في بداية رحلتها في أمريكا حتى صارا أصدقاء.
بما أننا فى عصر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تؤثر كثيرا على مسار ومصير الأعمال الفنية، فقد لاقى مسلسل "لعبة نيوتن" الإشادة من الجماهير والنقاد طوال شهر رمضان، في تعليق شبه يومي على الأحداث والشخصيات والنجوم أثناء عرض الحلقات. لنصل إلى نهاية الشهر وقد أصبح المسلسل من أمتع وأفضل المسلسلات هذا الموسم.