القاهرة 16 مايو 2021 الساعة 01:55 م
كتبت: زينب عيسي
منافسة درامية ساخنة شهدها السباق الرمضاني هذا العام، من خلال 26 مسلسلا تنوع بين والأكشن والرومانسي والاجتماعي، خالفت بعضها التوقعات لنجوم كبار وصعدت مسلسلات أخرى لنجوم غير نجوم الصف الأول ما يعني أن المسلسلات الأكثر مشاهدة ليست هي الأفضل بالضرورة، كما بزغ نجم أسماء أخرى في السباق من خلال موضوعات جديدة جيدة على غير ما اعتاد المشاهد من أكلاشيهات معروفة لموضوعات العنف والبلطجة والكوميديا بشكلها المألوف المعروف.
كالعادة تصدرت المسلسلات الوطنية السباق وفي مقدمتها مسلسل "الاختيار 2" تأليف هاني سرحان وإخراج بيتر ميمي، تناول المسلسل قصص حياة أفراد من الشرطة المصرية قتلوا في الفترة من 2013 وحتى 2020، كما تناول العديد من الأحداث خلال تلك الفترة كفض رابعة العدوية وغيرها. المسلسل بطولة الفنان كريم عبد العزيز والذي أضفى على العمل من روحه الخفيفة رغم جدية القضية التي يقدمها، ونجح المسلسل بشكل كبير في تقديم تضحيات رجال الشرطة في مواجهة العمليات الإرهابية، كما كان المخرج بيتر ميمي موفقا في الجمع بين المشاهد الوثائقية الحقيقية والدراما دون أن يشعر المشاهد بملل؛ بل قدمت بشكل مفعم بالمشاعر إلى درجة شعر معها المشاهد وكأن تلك الوقائع قد حدثت بالأمس، وهو ما كشفت عنه تعليقات الجماهير على مواقع السوشيال ميديا وتأثرهم بمشاهد استشهاد أبطال الشرطة وسخطهم على الممارسات الإرهابية التي أعادت إلى الأذهان ما فعلته الجماعات الإرهابية في مصر من تدمير وقتل وتخريب. فيما ساهمت البطولة الجماعية في إثراء المسلسل بشكل ملحوظ من خلال أدوار النجوم أحمد مكي وإياد نصار وهادي الجيار وماجد الكدواني وأسماء أبو اليزيد وإنجي المقدم وعدد من الممثلين الشباب.
ولعب الفنان أحمد عز دوره بشكل جيد وملفت وبه خفة ظل في مسلسل "هجمة مرتدة"، قصة من ملف المخابرات المصرية ويعود "عز" إلى الدراما بعد غياب دام عامين منذ مسلسل "أبو عمر المصري"، وحظي المسلسل بمشاهدة لكنه ربما يكون قد ظلم نظرا لتواجد أكثر من مسلسل وطني وبالأخص "الاختيار 2".
تدور أحداث المسلسل حول شاب مصري يعمل في الخارج ويحاول التواصل مع جهاز المخابرات بعد محاولة تجنيده من قبل استخبارات دولة أجنبية، ويبدأ بعد ذلك التدريب على يد مسئولين من المخابرات المصرية اللذان يقوم بدورهما نضال الشافعي وهشام سليم، ليتمكن من خداع الجهات المعادية.
نوع آخر من الدراما الوطنية تسابق فيها الممثلون في أداء رائع مميز في مسلسل "القاهرة كابول" من بطولة الفنان طارق لطفي الذي أثبت جدارته بأداء الأدوار العميقة الجادة من خلال دور "الشيخ رمزي" أو أمير المؤمنين كما أطلق على نفسه بعد أن تحول إلي إرهابي فرض سطوته في جبال كابول ويطبق مبادئ الشريعة على هواه الخاص ورؤيته المتطرفة ونجحت المخابرات المصرية في استعادته إلي مصر، والمسلسل يعد مباراة في حوار وطني بامتياز بين فئات المجتمع بانتماءاتها كافة جسده مجموعة من الفنانين على رأسهم الفنان نبيل الحلفاوي الذي جسد دور الحكمة والعقل والأمل في المسلسل في براعة مشهودة، كما قدم الفنان خالد الصاوي دور رجل المخابرات الغيور على وطنه وهو واحد من 4 أصدقاء منهم الفنان فتحي عبد الوهاب الذي قام بدور الإعلامي المتلون المدعي للمبادئ، وكعادتها برعت الفنانة حنان مطاوع في دورها بالمسلسل لتثبت أن ابن الوز عوام فهي ابنة العملاقين كرم مطاوع وسهير المرشدي.
وعلى غير المتوقع نافس مسلسل "ولاد ناس" تأليف وإخراج هاني كمال صاحب المسلسل الناجح "أبو العروسة" فى دراما رمضان هذا العام، ربما لغياب نجوم الصف الأول عنه، لكنه اقتحم قضية مهمة في المجتمع المصري ومسكوت عنها في الدراما، وهي قضية التعليم والمدارس الخاصة، ودور المدرسة والبيت في تشكيل شخصية وحياة الطالب، وحظي المسلسل بنسبة مشاهدة عالية.
"مش كل أبيض شفته كان واضح ولا كل أسود جاي وراه أحزان".. مقطع من تتر المسلسل لخص قضية اجتماعية مهمة هي أولادنا والتعليم وماذا نعرف عنهم وما الذي يحتاجونه منا؟ يطرح المسلسل تساؤلات مهمة مثل: هل المستوى الاجتماعي العالي كاف ليمد أولادنا بما يحتاجونه من مثل ومبادئ؟ هل توفر المدرسة الإنترناشيونال التربية والتعليم المطلوبين للطلاب؟ وهل الثراء واللهث وراء المادة يشفعا للآباء بعدهم عن أولادهم؟
تدور قصة المسلسل حول حادثة أتوبيس تابع لمدرسة دولية معروفة يصاب فيها عدد من الطلاب، تكشف عن خلل اجتماعي رهيب لآباء وعائلات تتوهم أنها ربت أولادها وأنهم أفضل أبناء في الدنيا لتتكشف الحقيقة، فمنهم من يتعاطى المخدرات، ومنهم من يعاني مرضا نفسيا يدفعه إلى الانتحار نتيجة إهمال الأب له، وطالبات يقمن علاقات محرمة وخاطئة، الحادثة تدفع الآباء والأمهات إلى إعادة التفكير في علاقتهم بأبنائهم لينتهي المسلسل بحالة تصالح مع النفس ومع الأبناء.
مسلسل "ولاد ناس" يعتمد على البطولة الجماعية، حيث يشارك فيه عدد كبير من النجوم، ولعل من أبرزهم رانيا فريد شوقي وصبرى فواز وأحمد وفيق وبيومي فؤاد ومحمد عز ومحمود حجازى وناصر سيف وصفاء الطوخي ووفاء صادق وإخراج وتأليف هاني كمال.
موضوع جديد لم تتطرق إليه دراما رمضان قدمه مسلسل "خلي بالك من زيزي"، بطولة الفنانة الشابة أمينة خليل التي جسدت دور الفتاة المصابة بمرض فرط الحركة الشديد والذي لا يعتبره كثير من الآباء مرضا يحتاج إلى علاج، بل يعتبرونه نوعا من " الشقاوة" لدى الأطفال، المسلسل قدمه المخرج كريم الشناوي في إطار خفيف كوميدي، لكنه قدم رسالة مهمة جدا تعاني منها كثير من الأسر دون أن تدري، وتميز المسلسل بتسلسل الأحداث بشكل منطقي وطبيعي وساهمت فكرة المقارنة بين حالة "زيزي" التي يعاني زوجها من تصرفاتها التي أدت إلى مشكلات كبيرة بينهما وبين الطفلة "عطيات أو تيتو" التي تعاني من نفس المشكلة وتلجأ كل منهما إلى المساعدة الطبية والمجتمعية حتى تشفيا وتستقر حياة كل منهما.
من ناحية أخرى غابت المصداقية عن بعض الأعمال التي حظيت بمشاهدة عالية مثل مسلسل "نسل الأغراب" من تأليف وإخراج محمد سامي، ورغم أن المسلسل من بطولة النجم الكبير أحمد السقا يشاركه الفنان أمير كرارة البطولة وبطولة نسائية مي عمر لكن غابت الدقة عن المسلسل خاصة فيما يتعلق بكثير من التفاصيل التي تتعلق بصعيد مصر بدءا من اللهجة وحتى الأحداث التي غلب عليها عادات دموية سيئة كتجارة المخدرات والقتل المجاني لكل من يخالف الرأي، وهو ما علق عليه الكثيرون سواء من أبناء جنوب مصر وحتى الجمهور العادي والنقاد أيضا الذين يرون أن الصعيد لايوجد به تلك القضايا الدموية بتلك السطحية التي قدم بها المسلسل، لم يكن محمد سامي الذي انتقده الجمهور للترويج لشقيقته في المسلسل موفقا في شخصنة قضايا صعيد مصر وتلخيصها في صراع بين"غفران" و"عساف" على من الذي يفوز بقلب جليلة، وكأن الصعيد قد عدم من القضايا المهمة الحيوية ما يمكن أن تفرد له مساحة درامية، بل ذكرنا المسلسل بروائع دراما الصعيد مثل ذئاب الجبل وغيرها والكاتب الراحل محمد صفاء عامر الذي أنصف الصعايدة.
الفناة نيللي كريم وقعت في فخ المقارنة بين مسلسل "ب100 وش" الذي قدم في رمضان الماضي ولاقي نجاحا كاسحا وبين مسلسل "ضد الكسر" الذي خسر الجولة الحالية ليلقي على "كريم" مسئولية كبيرة فيما سوف تقدمه رمضان المقبل، ونفس المشكلة وقعت فيها الفنانة الكبيرة يسرا مع مسلسل"حرب أهلية" وهو مسلسل حظي بنسبة مشاهدة عالية وجيد المستوى لكن "خيانة عهد" كسب الرهان.
أما دور موسى الذي قدمه الفنان محمد رمضان في المسلسل الذي يحمل الاسم نفسه، حمل العديد من المغالطات التاريخية وهو ما دفع بنقاد وكتاب بوصفه ب "الفاشل" من حيث القصة والإخراج واللهجة، واحتواؤه على مجموعة من الأكاذيب والتضليل التاريخي، بل قال البعض إن أزمات محمد رمضان الشخصية المتتالية كشفت عن غياب الثقافة والكياسة في التعامل فنيا وإنسانيا، وهو ما يجب أن يلتفت إليه "رمضان" الذي كون قاعدة جماهيرية كبيرة لكونه ممثلا جيدا ليته يحاول أن يصالح جمهوره قبل فوات الأوان.