القاهرة 06 مايو 2021 الساعة 01:44 م
مع انتهاج نظام الرئيس الراحل محمد أنور السادات نظام الانفتاح الاقتصادي فى منتصف سبعينيات القرن الماضي، والذي تزامن معه سلسلة من التشريعات القانونية التي سمحت للمستثمر المحلي والعربي وغير العربي الاستثمار في مصر في أي وكل شيء!
الآثار التي تزامنت مع هذا التحول الاقتصادي اجتماعيا وثقافيا كانت بمثابة المرحلة الثانية في تغير جلد هذا المجتمع بعد المرحلة الأولى التي أطلقتها جماعات الإسلام السياسي منذ بداية القرن الماضي لتغيير هوية هذا الشعب؛ ومن أبرز سمات هذا التحول الذي صاحب المرحلة الثانية، أننا أصبحنا من الشعوب ذات الثقافة البصرية التي تخلت عن القراءة والكلمة إلى عالم الصورة، وهنا نلاحظ أنه في ثمانينيات القرن الماضي نشط ما عرف بـ "سينما المقاولات" التي جذبت إليها عددا كبيرا من المشاهدين، ومع مرور نظامنا الاقتصادي إلى نظام السوق المفتوح في عصر الرئيس الراحل محمد حسني مبارك تغيرت ممارساتنا الثقافية فمثلا تجد أن عددا كبيرا من المصريين عزفوا عن الذهاب إلى المتاحف والبالغ عددها 77 متحفا عام 2019 موزعة بين 19 محافظة على مستوى الجمهورية، وكذلك غياب الجمهور عن زيارات المكتبات ودور عرض السينما هروبا إلى عالم الإنترنت والكمبيوتر، مما ساهم فى جعل السلوك الاجتماعي والثقافي المصري خليطا غير خالص من الهويات الثقافية العالمية التي شاهدها واحتك بها المصريون من خلال شاشات الكمبيوتر والوسائل التكنولوجية.
وعلى الرغم من أن وزارة الاتصالات المصرية نجحت في إيصال إشارات شبكة الإنترنت والاتصالات لهواتف وحواسيب سكان محافظات مصر خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنه مازال حتى اليوم هناك بعض المحافظات في مصر لا يوجد بها سوى متحف واحد فقط، ومنها محافظتي الفيوم وسوهاج التي جاءت كأبرز محافظتين تضما أقل عدد المتاحف المصرية، وفي الوقت نفسه تأتي محافظة القاهرة كأكبر المحافظات التي تضم العدد الأكبر من إجمالي عدد المتاحف حيث بلغت نسبتها 31.2 %، يليها محافظة الجيزة 16.9%، ثم محافظة الإسكندرية بنسبه10.4%، إلا أن عدد زائري المتاحف الإقليمية 229.5 ألف زائر فقط عـام 2019 من إجمالى 100.4 مليون مواطن وهي نسبة لا تذكر، ولكن بمقارنتها بعدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعى في مصر ستجد أن عددهم وصل إلى 45 مليون شخص، وهو ما يكشف عن تبدل الممارسات الثقافية في المجتمع المصرى منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم بسبب ممارستنا التكنولوجية.
من عالم السينما والمتاحف ننتقل أخيرا إلى عالم الموسيقى، فبالنظر إلى عدد مبيعات شريط الكاسيت في العقود التي أعقبت تحولنا اقتصاديا من عالم الاقتصاد الاشتراكي للانفتاح ثم إلى عالم السوق المفتوح، ستجد اختفاء شريط الكاسيت مقابل التحول إلى تطبيقات الموسيقى الإلكترونية التي لم تخل هواتفنا المحمولة منها، لدرجة أن أحد تطبيقات الموسيقى الذي يتم تحميله مجانا ً وصل عدد مرات تحميله 100,000,000مرة في مصر وحول العالم، وهو ما ينقلنا أيضا للملاحظة الأولى المتعلقة بتحول ممارستنا الثقافية من شعب كان يفتخر بطباعة الكتب في القاهرة وقراءتها فى بغداد، فأصبحنا نفتخر بكوننا ننحاز لثقافة الصورة والصوت على حساب ثقافة الكلمة!
وللحديث بقية..