القاهرة 27 ابريل 2021 الساعة 12:13 م
حاوره: صلاح صيام
رمضان شهر يحمل بين طياته عدة معان دينية وروحية، ويأتينا كل عام في وقت مختلف، والعوام يصومون نهاره ويحاولون إحياء ليله بقدر المستطاع، فماذا عن المبدعين وماذا يمثل لهم هذا الضيف الكريم؟! هل هو فرصة للراحة والاستجمام والبعد عن العالم المادي، والغوص في الروحانيات والانكفاء على الذات، أم أنه ملهم للإبداع على اعتبار أن كثرة الطعام لا تعطي مجالا للعمل الذهني؟ أم أنه مزيج من العمل الإبداعي، والنهل من بركته..
يقول شاعر العامية والمؤلف المسرحي المبدع أشرف عتريس:
كما قالها والد الشعراء فؤاد حداد (دي ليالي سمحة ونجومها سبحة) ننتظر بشرى رؤية الهلال وبداية الشهر الكريم ومعه فؤاد حداد ومكاوي ورفعت والنقشبندي وعبد المطلب وعبد العزيز محمود، وكأنها علامات الشهر الفضيل بطول وعرض هذا الوطن ونكهة شديدة الخصوصية، وهي حالة خاصة بتدفق الإبداع وتصيد لحظات الفرح بالكتابة (كل في مجاله) وهذه صراحة اعتدنا عليها كسلوك إنساني لاننكره، لكن ليس معنى هذا الابتعاد عن الروحانيات وسماع القرآن قبل الإفطار وبعد السحور وقد يعتكف البعض منا في المنزل أو المسجد لتلاوة القرآن بنفسه ومحاولة ختمه مع الدعاء..
يظل الشهر الفضيل له نكهة خاصة في مصر حيث السهرات والغناء والبحث عن الجمال والفن الجميل، وقد رصد التاريخ تلك الظاهرة في مصر -سيدنا الحسين- حي السيدة زينب، والجميع يعرف هذا جيدا ويرتبط بالفعل وجدانيا مع الأدباء والفنانين بحالة (مزاجية)، والدليل أيضا مشاركات مؤسسات (وزارة الثقافة كمثال) في إحياء الليالي الرمضانية طوال الشهر، وبرنامج ثقافي فيه من الفنون والمتعة والبهجة ما يروح عن النفس ابتهاجا ورغبة في الترفيه عن الجمهور الذي ينتظر ماذا نحن فاعلون..
في المنيا (عروس الصعيد ) نجد الفنانين أصحاب (المزاج) والأريحية في الغناء على مقاهي وسط البلد (المشربية، التكية، ليالى الحلمية) يمتعون الجمهور بلا مقابل..
حسن مازن، الدمشاوي، العطيفي، يحيى أبو يوسف، ومن يغني لشيخنا ومولانا الشيخ إمام، هو فنان الجيل مدحت المغربي، وكذلك يفعلها حسن الدمشاوي، ويغنى لمسعود شومان ومحمود الطويل وعمر الصاوي، ينضم إلينا سيد البحيري وكريم حسين في مباراة لعزف الكمان وأغاني الست وألحان بليغ وعبد الوهاب، كل هذا بطول الشهر ونحن نلتف حولهم جميعا في مسامرات لا تنتهي، وساعات من السعادة تفوق الوصف (ليت رمضان بطول العام)..
(الريق ناشف والعين تدمع حنين) في صلاة المساجد نهارا قبل آذان المغرب حلقات من الذكر والدرس وتحفيظ القرآن وتسميعه على المحبين من تجويد وترتيل في مسجد الفولي، كان يقوم بهذا كل من مولانا الشيخ إبراهيم البلطي وحماد الحلوة أصحاب الأصوات الجميلة..
هكذا نعيش نفحات الشهر الفضيل بين بهجة الروح والبحث عن الفرح والإبداع، وكل عام وأنتم جميعا بخير.