القاهرة 06 ابريل 2021 الساعة 10:03 ص
إعداد: محمد جمعة توفيق
إيميليو دي أرخينتينا
يعود إيميليو دي لا روتا في أحد مراكب التهريب بعد رحلة تعليمية طويلة في أوروبا دامت لعشر سنوات بعد أن وصله خطاب من أبيه يخبره فيه بإصابته بالحمى الصفراء.
بعد وصوله بعامين تبدأ ثورة مايو 1810 -وبفضل خطبه الثورية التي ألهبت حماس الوطنيين الأرجنتينيين- يشارك إيميليو في كل المعارك التى دارت في الأرجنتين وبعض دول أمريكا اللاتينية -التي كانت تحت ظل مقاطعة ملكية إسبانية واحدة في ذلك الوقت- بين القوات الوطنية الأرجنتينية التي ضمت شعوب الكريول وقوات ثورية، وبين القوات الملكية الإسبانية الاستعمارية، حتى إعلان المجلس الوطني الأول في 9 يوليو 1816 الاستقلال الكامل للأرجنتين.
يمكن للقارئ أو الناقد وضع هذه القصة القصيرة تحت القصص التاريخية، وهو نوع أدبي معروف في الأدب الإسبانى؛ حيث تدور كل أحداث القصة في أمريكا اللاتينية، وبشكل خاص في الأرجنتين، في فترة حرب الاستقلال الأرجنتينية منذ عام 1810 حتى عام 1820 وما بعدها.
كل الأحداث والتواريخ، والمعارك، والجغرافيا، والشخصيات المذكورة هي أماكن، وشخصيات، وأحداث تاريخية حقيقية.
شخصية إيميليو دي لا روتا وعائلته وحواراته والحبكة الدرامية هي من من وحي خيال المؤلف.
مرحبا بكم!
يبدو لي أننى رأيت هذه الوجوه من قبل.. لا أدرى متى لكنى بالتأكيد قد قابلتها في إسبانيا.. إننى لا أنسى هذا الوجه الذي لوَّحته الشمس. وتلك القبضة القوية.. إنني أعرفها.. لقد تذكرها حين تصافحا.
أمواج تتلاطم هنا وهناك.. يبدو أن السفينة العائدة إلى الأرجنتين عن طريق الولايات المتحدة قد اقتربت.. أمل كبير بالوصل إلى الوجهة التي يقصدها منذ أن وصله خطاب أبيه، يطلب فيه عودته من إسبانيا بسبب مرضه القاتل.. الظلام حالك كسواد العالم المستبد الذي نعيش فيه الآن.
ليلة مظلمة مترقبة ومليئة بالألم والأمل في نفس الوقت.
من وراء زجاج النافذة تشرق الشمس ومعها الأمل المنتظر، يخرج مهرولًا وهو يرتدي ثيابه المهندمة، ليجد الشابين اللذين قد قابلهما بالأمس علي سطح المركب فرحين ومهللين:
-لقد وصلنا يا إيميليو!. قالها الشاب ذو العوينات، والشعر الرث الطويل.
رد إيميليو:
- نعم! إنه البحر الحلو -هذا ما أطلقه عليه البحار الإسباني خوان دياث دي سوليس عندما زار ريو دي لا بلاتا لانخفاض ملوحته- لقد وصلنا يا هوجو. لقد حلمت عدة مرات بتلك اللحظة، وأكثر منها اللحظة التى تشرق فيها الشمس على أرجنتين بدون استعمار.
عشر سنوات قضاها في أوروبا ليكمل تعليمه، ليتخصص في الحقوق، ومتخرجا في جامعة سلامنكا، حتى أصبح محاميا بارعا ذو فكر ثورى مستنير. وطوال تلك الفترة لم يترك ذاكرته لحظة فكرة ريكاردو ليفين، حينما قال "إن مجتمع بوينس إيرس يحتوي داخل نفسه -في عصر الرذيلة- على أقوى وكلاء التغيير، الذين سيتخذون الإجراءات عندما تسمح الظروف بذلك".
ربما تلك الأشعة تحمل معها ما يسمح بذك – قالها لنفسه دون أن يسمعه الشابان.
إنها المرة الأولى التى تطء قدمه شاطى جزيرة مارتين جارثيا فى ريو دي لا بلاتا.. كانت الظهيرة تماما.
يوم وليلة كاملة خلال السهول والتلال في ليلة مظلمة.. طرق وعرة.. كمائن الجنود الإسبان.. ليل حالك.. وصل في الصباح إلى ريو دى لا بلاتا.. نظرات عديدة يرسلها ذهابا وإيابا بحثا فى كل اتجاه عن أبيه - لم يعلم حينها أنه قد توفي منذ شهرين بالحمى الصفراء، التى لم تكن معروفة حينها- وتمر بجانبه امرأة جميلة تحمل طفلا رضيعا، فيتذكر إيلينا رودريجيث، الإسبانية ذات الشعر الكستنائي، التي ماتت بعد عام من زواجهما وهي تلد طفلها.
منذ ثلاث سنوات في عام 1804 -عندما كان نابليون يقترب من ذروة مجده- وفي باريس ايميليو دي لا روتا خلال رحلته إلى أوروبا أغرق نفسه في قراءة كتابات المفكرين الأوروبيين أمثال: جون لوك وتوماس هوبز وفولتير، ومونتسكيو، وروسو. وقد كان لهم تأثيرا عميقا على أفكاره السياسية وفي فلسفته للحياة .
مضى الآن شهران على وفاة أبيه، الذي كان أحد الأرستقراطيين الأرجنتينين من أصل إسباني، وقد ترك له ميراثا عظيما.
لم يلبث طويلا بعد عودته لوطنه حتى انضم إلى حركة استقلال أمريكا اللاتينية، حيث أدى غزو نابليون لإسبانيا فى عام 1807 إلى زعزعة السلطة الإسبانية، وفى مايو 1808 أسر نابليون كارلوس الرابع والملك فيرناندو السابع ونصَّب أخاه، خوسيه بونابرت على العرش الإسباني. هذه الحادثة هزت الاستقرار السياسي لإسبانيا، وكسرت الرابط مع بعض المستعمرات الموالية لآل بوربون، ورأى العديد من المستوطنين الإسبان في تلك الأحداث فرصة لقطع علاقاتهم مع إسبانيا.
ثورة مايو 1810..
استطاع إيميلو -فى تلك الفترة من الأحداث المليئة بموجات التحرر- تكوين مجموعات شبابية ثورية بخطبه الحماسية، مرسخا فيهم فكرة الاستقلال عن المملكة الإسبانية، وبمساعدات عسكرية استطاعت تلك المجموعات مهاجمة بعض تمركزات القوات العسكرية للجيش الإستعمارى، وقد كان هناك نوعان من الوحدات العسكرية: الأولى من الجيش الإسباني النظامي التي أُرسِلت أو تكونت بأوروبيين محليين، وتسمى "الاستطلاعيين"، ووحدات أخرى تسمى "المخضرمين" أو المليشيات، التي أُنشِئت في الأمريكتين.
في ذلك الوقت كانت حكومة المستعمرة الإسبانية لملكية ريو دي لا بلاتا -فى الوقت الحاضرالأرجنتين، و بوليفيا، و تشيلى، و باراغواى، و الأوروجواي- قد أصبحت ضعيفة للغاية بدون ملك شرعي يجلس على العرش الإسباني ليجعل منصب الملكية البديلة شرعيًا.
النخب المحلية المرهقة من قيود التجارة الإسبانية وضرائبها انتهزت الفرصة أثناء ثورة مايو عام 1810، وقاموا بخلع سيسنيروس، وكوَّنوا الحكومة المحلية الأولى، التي أطلق عليها المجلس الأول.
معركة توكومان 1812..
في 24 و25 سبتمبر 1812 بالقرب من مدينة سان ميجيل دي توكومان، شارك إيميليو بمجموعاته الثورية خلال رحلة المساعدة الثانية إلى بيرو في سياق حرب الاستقلال الأرجنتينية. وفي تلك المعركة هزم الجيش الشمالي -بقيادة الجنرال مانويل بيلجرانو- القوات الملكية الإسبانية وأوقف تقدمها في الشمال الغربي الأرجنتيني. سمح انتصار توكومان لقوات ريو دي لا بلاتا أو الأرجنتينيين بتأكيد حدود المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم.
الصديقان..
خلال تلك الفترة الوجيزة استطاع إيميلو -الشاب الطموح ذو الفكر الثورى، والذي كان يملك لسانا فصيحا يشحذ به همم الثوار، ويلهب حماسهم - أن يشارك في اجتماعات مختلفة مع الجيش الثوري، الذي كان يهاجم الملكيين علي حدود بيرو لتحقيق هدف التحرر والاستقلال للأرجنتين. هناك قابل خوسيه دى سان مارتين -قائد الجيش الثوري حينئذ- وتأثر به تأثرا شديدا، وأصبحا صديقين، ولازمه لفترة كبيرة من حياته.
معارك و انتصارات 1813.. معركة سان لورينثو
لم تمض شهور قليلة حتى اندلعت معركة سان لورينثو في3 فبراير 1813 بجوار دير سان كارلوس بوروميو، الواقع في مدينة سان لورينثو في مقاطعة سانتا في الحالية بالأرجنتين، حينها كان ايميلو دى لا روتا عائدا مع المجموعات العسكرية والثورية من إحدى الحملات الليلية، التي كانت تراقب القوات الملكية بالقرب من سان لورينثو.
وهناك قابل إيميليو صديقه خوسيه دي سان مارتين، الذى كان قائد كتيبة تسمى خيالة غرناطة، والتى فاجئت قوة الملكيين الإسبانية من ميليشيا مونتيبيديو تحت قيادة أنتونيو ثابالا، واستطاعت هزيمتهم بعد أن تم تنفيذ هجوم القوات الأرجنتينية بحركة كماشة، خرجت من الجزء الخلفي من الدير، وأجبرت الإسبان على الهروب نحو سفنهم.
أصيب إيميليو فى هذه المعركة بعدة جروح ليست بخطيرة، ولكنه استعاد عافيته سريعا ليشارك بكل حماس فى معركة جديدة، وإصابة جديدة.
معركة سالتا..
عشرون سنتيمترا فقط.. لو لم ينحنى إيميليو لكانت الرصاصة اخترقته، ولكنها أصابت اوستوكيو دياث بيليث -القائد الثاني للقوات ورئيس الجناح الأيمن- بينما كان يسير على طول طليعة التشكيل . هكذا بدأت معركة سالتا، التى دارت في 20 فبراير 1813 في كامبو كاستاناريس، في الجزء الشمالي من مدينة سالتا.
طلقات مدفعية.. نيران قنابل يدوية.. سلاح الفرسان.. السياج المحيط بالمدينة.. مناورات ومناوشات في شوارع سالتا.
تجمعوا في بلازا مايور، وأخيرًا قرر تريستان -قائد القوات الملكية- الاستسلام، أمر جنوده بدق أجراس كنيسة لا ميرسيد.
هزيمة جديدة للملكين وانتصار جديد لجيش الشمال الأرجنتيني سمحا للوطنيين باستعادة السيطرة مؤقتًا على ألتو بيرو.
مغامرة جديدة.. معركة أيوهوما
أيوهوما، والتي تعني "رأس الموت" فى لغة الكيتشوا -لغة الأمريكيين الأصليين أو الإنكا- تلك اللغة التى لا يزال يتحدث بها أكثر من عشرة ملايين شخص في أمريكا الجنوبية على نطاق واسع، كما تعدّ في دساتير كولومبيا، وإكوادور، والبيرو اللغة الرسمية بعد الإسبانية.
المهم .. في موسم الأمطار، وفي أواخر عام 1813، وتحديدا فى الرابع عشر من شهر نوفمبر اندلعت معركة أيوهوما، حينها كان إيميلو مع المجموعات العسكرية والثورية عائدين من حملة ألتو بيرو بعد هزيمتهم على يد القوات الملكية في معركة بيلكابوخيو، التي وقعت في 1 أكتوبر 1813، وفي قرية ماتشا حاول الجيش الشمالي إعادة تنظيم صفوفه.
وفي 12 نوفمبر، وصلت قوات الجيش الملكي إلى توكيري، وهو ارتفاع يقع عند سفح نهر أيوهوما بامبا، وفي منتصف الصباح، بدأ الملكيون الذين نزلوا من موقعهم المرتفع على الجانب الأيمن من جيش ريو دي لا بلاتا في إطلاق النار بمدافعهم، مما أدى إلى تشتيت قوات الجيش الثانى، التي لم يكن لديها القوة الكافية لإلحاق الضرر بالجيش الملكي.
بعد عدة محاولات فاشلة هُزم الجيش الثانى للمرة الثانية على يد القوات الملكية بقيادة الجنرال خواكين دي لا بيثويلا، منهيا الحملة الغازية الثانية إلى ألتو بيرو.
"نساء أيوهوما الشجعان"، الاسم الذى أطلق على مجموعة من النساء اللواتي ساعدن الجرحى خلال المعركة، وبعضهن شاركن كجنديات.
الحروب الأهلية الأرجنتينية..
خلال تلك الفترة، وفي يونيو 1814، اندلعت سلسلة من الحروب الأهلية التي وقعت في الأرجنتين استمرت حتى عام 1880.
بالطبع كانت هذه الصراعات منفصلة عن حرب الاستقلال الأرجنتينية. كان الخصوم الرئيسون فى هذه الحروب -على المستوى الجغرافي- مقاطعة بوينس آيرس ضد المقاطعات الأخرى في الأرجنتين الحديثة، أما على المستوى السياسي، فكان الحزب الفيدرالي مقابل حزب الاتحاديين، كان السبب الرئيس للصراع هو المركزية المفرطة التي مارسها قادة بوينس آيرس، واحتكارهم لاستخدام ميناء بوينس آيرس كوسيلة وحيدة للتجارة الدولية لفترة طويلة، من المشاركين الآخرين في أوقات معينة كانت أوروغواي، التي أصبحت مستقلة عن المقاطعات المتحدة لريو دي لا بلاتا في وقت متأخر في عام 1828.
على إحدي ضفاف نهر ريو دي لا بلاتا الواقع على الحدود بين الأرجنتين وأوروغواي، وتحديدا على نهر بارانا، وبينما تسدل الشمس أستار أشعتها على تلك التلال الخضراء التى تزينت بالبياض كان الصديقان على الأحصنة يسيران ببطئ شديد.
فجأة توقف خوسيه ونزل عن حصانه متجها نحو الماء قائلا:
- لقد قررت ترك قيادة الجيش الثورى يا إيميليو.
- ماذا تقول؟ هل هذه دعابة؟ - رد إيميليو وهو يخفي ضحكاته التي تعبرعن مفاجأته.
- لا يا صديقى . سأتجه نحو تشيلى، فلكى تنجح الثورة علينا أولا طرد الإسبان من تشيلي، وبعدها نستطيع أن ننظم حملة ضد مراكز القوة الإسبانية في بيرو، وأريدك معى فى هذه المهمة.
- لا أدرى أيها القائد، ولكنى أثق بك تمام الثقة، سأبقى معك أينما كنت.
رجعا إلى المعسكر، وقد حل الظلام، وخلال عدة أيام يغادر ايميليو مع صديقه الكولونيل ومعهم بعض القوات باتجاه ميندوثا، الواقعة علي طريق رئيس بين الأرجنتين وتشيلي. أمامهم طريق طويل مرورا بإنتري ريّوس، وقرطبة، وسان لويس.
خلال طريقهم واجهوا الكثير من الصعوبات، فمن ناحية بعض التمركزات للقوات الملكية الإستعمارية، ومن ناحية أخرى تضاريس المنطقة الوعرة، حيث سلكوا جبل أكونكاغوا، أكبر جبال الأمريكيتين والنصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
هذا ليس كل شيء، فلم يفرغوا من مهاجمة أحد النقاط الأمنية للقوات الملكية حتى عبروا جبال الأنديز-التي تمتد على طول الساحل الغربي في سبع دول هي الأرجنتين، والإكوادور، وبوليفيا، وبيرو، وتشيلي، وكولومبيا وفنزويلا- مرورا بمنحدرات وطرق مقفرة ووعرة، وفي ممرات ترتفع خمسة آلاف متر عن سطح البحر في مسعاهم لتحرير تشيلي.
أخيرا قد وصلوا إلى ميندوثا رابع أكبر مدن الأرجنتين، وهناك استطاع خوسيه دي سان مارتين -بمساعدة صديقه إيميليو الذى ألهب حماس الشباب الثورى- تجنيد الوطنيين التشيليين الذين فروا عبر الجبال بعد هزيمتهم في رانكاغوا، وحاول أن يضم الأرجنتين إلى جانبه، وبعد عامين نجح في جمع جيش مدرب من التشيليين والأرجنتينيين، و كان هناك جيشا قوامه نحو ثلاثة آلاف من المشاة وألف من الخيالة بالإضافة للمدفعية.
فى نفس الوقت في سان ميجيل دي توكومان، وقَّع المجلس الوطني الأول الإعلان الرسمي في 9 يوليو 1816، يعلن فيه عن الاستقلال الكامل للأرجنتين، مع وضع أحكام لدستور وطني، وقد حدث ذلك بعد أن وُقِّع دستور الأرجنتين في 1853، معلنًا تأسيس جمهورية الأرجنتين.
الآن تحررت تشيلى، بعد هزيمة الجيش الإسباني في معركة تشاكابوكو في فبراير 1817، وبعدها البيرو حيث قام الإسبان بإخلاء ليما، ودخلها سان مارتين، وعُيّنَ حاميا على البيرو معلناً استقلالها.
بعد نصف عقد من المعارك والمناوشات بين قوات الملكية الاستعمارية وأحرار أمريكا اللاتينية، وعبر جبال الأنديز، إلى تشيلي، وبيرو وبوليفيا؛ ها هى الآن الأرجنتين حرة.
أنتم مستقبل الأرجنتين..
تشرق شمس يوم جديد على ضفاف ريو دي لا بلاتا.. شمس بلا استعمار.. شمس بلا استعباد..
يغمض إيميليو عينيه مسندا ظهره على أحد الصخور الرصاصية اللون مستعيدا ذكريات الكفاح، ويمر أمامه شريط صور ملئ بالحرية.. رصاصات البنادق.. قوات الملكية الإستعمارية.. مناوشات.. رصاصات طائشة.. خوسية دي سان مارتين.. جبال الأنديز وميندوثا.. أصوات طلقات المدافع.. خيالة الغرناطيين.. سلاح الفرسان.. حروب أهلية لا زالت مستمرة.. انتصارات وحرية.
أخيرا تحقق حلم الأرجنتين.. حرية الأرجنتين.
- بابا!.. بابا!..
صوت خافت لولد صغير يبلغ من العمر عشر سنوات، صاحب وجه مستدير، عيون زرقاء، وشعر بنى اللون، مرتديا بنطالا قصيرا، وقميصا كتب عليه أرخينتينا.. من بعيد يقترب الصوت أكثر فأكثر.
يفتح إيميليوعينيه ويعتدل.. إنه ألخاندرو.
يجلسه إلى جانبه وهو يرنو ببصره إلى شروق الشمس، ويمسك بيده قائلا:
الآن أستطيع أن أقول أن حلمي قد تحقق يا ولدي، كافحنا لمدة عشر سنوات.. عشر سنوات يا ألخاندرو، وها هي الآن أرجنتين بلا استعمار ولا استبداد.. الآن حان وقت البناء.. الآن جيل جديد يشرق مع أشعة الشمس. ابني ألخاندور!
أنتم مستقبل الأرجنتين.