القاهرة 13 مارس 2021 الساعة 09:38 م
كتبت: زينب عيسي
أثارت كتاباته قضايا كبرى مازالت مستمرة معنا حتى الآن، كان هو مفجرها، وأحيانا كان يصبح وقودها .. قضايا باتساع العلم والفن والسياسة والدين والأدب والثقافة .. هو الكاتب الكبير الراحل محمود عوض الذي صدر له حديثا عن سلسلة "كتاب اليوم" كتاب جديد بعنوان" الدنيا التي كانت"، ويطرح من خلاله أفكارا عديدة، ويصحح مفاهيم باتساع العالم، ويعيد صياغة قضايا كان هو مفجرها وفى احيان كثيرة اصبح وقودها ودفع ثمن الغوص فى غمارها.
إنها الدنيا التى عاش من أجلها وظل مناديا بأن: "كل كارثة يمكن أن تتكرر من جديد ما لم نعرف على وجه الدقة لماذا حدثت".. بهذا العمق والفهم والمسئولية والإحساس يصحبنا محمود عوض من الصحافة والصحفيين إلى الأدب .. ومن الفن إلى الاقتصاد .. ومن الدين إلى السياسة .. ومن التاريخ إلى الجغرفيا .. ومن الحاضر الى استشراف آفاق المستقبل ... ومن الشرق إلى الغرب .. من دولة داخل سندوتش إلى الأزمة العالمية والهم العام ووحوش الغابة الدولية.
عرف محمود عوض بامتلاك القدرة على البحث والتنقيب والتبسيط بأسلوبه السهل الرشيق، وتميز قلمه بصفات كاسحة للألغام، والسعي الدائم لتطهير أرضا خطرة، كاشفا للقارئ عن مصادر قوة كانت غائبة، ودافعا إلى اقتحام العصر كى يعيشه بندية وعقل مفتوح ورأس مرفوعة.. لهذا لم يكتف بطرح القضايا ولكن كان الطرح دائما مواكبا لطرح الأفكار الكفيلة بالنهوض من جديد.
ورغم ما تعرض إليه من سكاكين وحروب وضرب تحت الحزام ومحاولات لكسر قلمه؛ ظل هو نفسه الرجل الضمير .. لا المناصب أضافت إليه ولا انقطاعها خصم منه، وظل على قناعته وإيمانه بان مصر تكبر بقدر ما نضيف إليها، ويجب أن تكون الحقائق ولا شئ غيرها متاحة بالكامل أمام كل جيل؛ حتى يصبح كل إنسان بعد ذلك حرا فى تكوين رأيه المستقل حول الواقع الذى يعيشه، يجب ألا نسمح لأحد بحذف بعض الحقائق وحجب بعضها الأخر.
من خلال هذا الفهم قد تبدوا قضايا متعددة .. لكنها كانت بالنسبة لمحمود عوض همَ واحد ملئ بها عقله وقلبه وضميره، لأنها كانت هموم ومواجع من واقعنا وعصرنا وأشواقنا وأحلامنا التى كانت تمشى على عجلات.