القاهرة 11 مارس 2021 الساعة 11:04 ص
طالعنا جميعا خلال الساعات الماضية فيديو المتحرش بطفلة المعادى، وسرعان ما ألقت قوات الشرطة المصرية القبض عليه بعدما أثار مقطع الفيديو غضب الجميع عقب نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعى؛ وسرعان ما سوف ينسى الغاضبون هذا الشخص وفعلته النكراء؛ وبعد أن يهدأ الجميع سنشاهد فى وقت آخر فيديو لمتحرش جديد؛ وهكذا تسير الأمور!.
إذا؛ ما الحل؟
الحل أن نضع وقائع التحرش فى إطار أعم ألا هو ظاهرة العنف المجتمعى؛ وأن نتعامل معها فى وسائل إعلامنا كظاهرة ليست وليدة اللحظة؛ بل كظاهرة تتضافر أسباب حدوثها؛ وهى أسباب ترتبط بالعديد من العوامل التى تتجاوز السياسي والاقتصادى والمجتمعى للثقافى.
سنة 2009، أصدر مكتب الأمم المتحدة؛ بالتعاون مع معهد التخطيط في مصر دراسة عن التحرش في خمس محافظات (القاهرة، الجيزة، الإسماعيلية، أسيوط، البحيرة)؛ وهي دراسة اقتربت من أن تضع أيدينا على أسباب العنف المجتمعى؛ لما قدمته من فئات تحليل لظاهرة التحرش فى مجتمعنا المصري؛ وعليكم ان تتأملوا نتائجها؛ وأهمها أن أبرز توقيتات للتحرش هى من الساعة (6 إلى 11 صباحا) و (12 ظهرا حتى 6 مساء)، وأنه كلما ارتفعت نسبة البطالة كلما ارتفعت معدلات التحرش، وأن المحجبات رقم 2 بعد غير المحجبات الأكثر عرضة للتحرش، وأن نسبة التحرش ارتفعت بعد ثورة 25 يناير 2011 عن قبلها؛ وجميعها نتائج ذات دلالات كاشفة لأسباب التحرش منها ما هو كما أشرت السياسي، والاقتصادي، و المجتمعي، وإن كانت الدلالة الأبرز لتلك النتائج هى غياب الوعي الثقافي الذى ساهم فى عزل معالجة ظاهرة التحرش بعيدا عن كونها إحدى مظاهر العنف المجتمعي؛ وهو الخطأ الذى وقعت فيه دراسة الأمم المتحدة؛ وتقع فيه دائما وسائل إعلامنا؛ وهو ما يساهم فى استمرار وقائع التحرش داخل مجتمعنا المصرى لسنوات قادمة نظرا لكوننا لم نتعامل مع الأسباب التى تؤدى إليه من جذوره؛ وهى كما أشرت كوننا لا نعالجه كونه يندرج تحت مظلة ظاهرة العنف المجتمعي الذى تتعرض له المرأة بشكل عام.
(الدراسة متاحة على محرك البحث جوجل؛ وتستطيعوا ان تصلوا لها بكل سهولة اذا اردتم ان تتطلعوا على ابرز نتائجها.)
ما المطلوب؛ إذا؟
المطلوب هو ضرورة إعادة النظر فى معالجتنا لوقائع التحرش ليس بمعزل عن كونه يرتبط بظاهرة العنف المجتمعى، وأن نستعين بالمحللين النفسيين، وأن نتناول الظاهرة من جذورها بدلا من تناولها بشكل عارض مرتبط بأحداث ووقائع لحظية، حتى يتسنى لنا أن نصل إلى حلول مجتمعية تساهم في القضاء عليها بدلا من الاكتفاء باتهام بعض الأشخاص المتسببين في وقائع فردية تحدث كل فترة ونغضب على أثرها؛ ومن ثم نهدأ؛ ومن ثم نغضب مرات ومرات!