القاهرة 02 مارس 2021 الساعة 08:55 ص
بقلم: أحمد صلاح
لا أنكر أنني أرتكب جريمة ، نعم ... أعترف بذلك، ولكن .. لابد وأن أسوق مبرراتي إليكم وبعضكم سوف يشاركني في الأمر، فأنا أشتري الكتب المزورة.
ومبرراتي مهما فندتها فهي واهية بالطبع .. ولكن ما بيدي حيلة أخرى، فالكتب تصدر وولعي بها كبير، أما جيبي وراتبي فلا يتحملان أن أشتري تلك الكتب القيمة، وقد أُصاب بالاكتئاب إذا لم أقرأ رواية فلان الجديدة، أو كتاب علان الجديد، والفايسبوك لا يتركنا ننام إذا قرأت عن إصدار جديد، ويا للكارثة إذا كان هذا الإصدار من كاتب عظيم يمتلك نواصي الأقلام، فأجد نفسي .. رغما عن نفسي .. أذهب إلى تجار الكتب المزورة! لأوفر ربع أو أحيانا نصف ثمن الكتاب!.
صناعة النشر في مصر تعاني أمرين، وقد تكلمت في إحدى نقاطها في المقال السابق، ولكن موضوع تزوير الكتب ـ برغم اعترافي ـ قد فتح للقراء الفقراء بابا لاقتناء تلك الكتب، ووضع دور النشر الكبيرة في ضائقة.
فدار النشر تقوم بمتابعة الكتاب والكاتب منذ أن يدفع إليهم بكتابه كمخطوطة وحتى يظهر للنور، وتدفع في المقابل لكل مرحلة أموالا كثيرة، تُحملها على ثمن النسخة، فيصدر الكتاب في بعض الأحيان متجاوزا بضع ونيف عشرات من الجنيهات، مما يسبب إرباكا وارتباكا لمن يريد اقتناؤه، ولكن ..
تفتق ذهن "البعض" وهم متابعون جيدون لكل ما يصدر، أن يختاروا الإصدار الذي يحقق مبيعات جيدة، والكتاب الذي يبيع أكثر، والكاتب الذي ينتظر القراء صدور عمله، فنجد بعد صدور الكتاب، تتلقفه أيدي هؤلاء "البعض" في توافق مذهل، وتقاسم لكعكة هذه الكتب، فيقومون بإعادة طبع الكتاب الذي يحمل مواصفات البيع الجيد، وبربع ثمنه الحقيقي، ويطرحونه في الأسواق لتتلقفه أيدي القراء الفقراء.
وفي ذلك ميزة وعيب، فالكتاب يتوافر، وتتخطفه الأيدي ، ولكن في المقابل، فإن دور النشر القوية صاحبة الصيت تحقق خسائر، وقد تغلق أبوابها، فالكتاب الأصلي لا يباع إلا قليلا، أما المزور فقد ينتج أكثر من طبعة ويحقق الآلاف بل الملايين لمجهول لا نعرفه.
المصيبة الأكبر أن مافيا تزوير الكتب لا تنعدم حيلها.. مهما حدث من تضييق عليها، وتمتلك آلة ضخمة من المطابع تستطيع أن تغرق السوق بالكتب، وتنتقي منها ما يدر المال..
ولكن هل ستتوقف تلك الآلة ..؟! لا أعتقد.