القاهرة 02 مارس 2021 الساعة 08:39 ص
كتب: أكرم مصطفى
يطرح إبراهيم فرغلي في روايته الجديدة "قارئة القطار" التي صدرت مؤخرًا عن الدار المصرية اللبنانية أسئلة الهوية وعلاقة الإنسان بوطنه وقيمه، وما يميزه عن بقية الأمم.
يشتغل الكاتب على التاريخ القريب لمصر من خلال توظيف حكاية الثورة العرابية التي حدثت في نهايات القرن التاسع عشر، حيث وقف عرابي ومن معه من رجال الجيش المصري للخديو والإنجليز، ليعلي من قيم الوطنية المصرية ومدافعا عن هويتها.
يكتب فرغلي مصائر شخصياته مثل محمود وفاطمة بطلَيْ الرواية؛ حيث يعيشان قصة حب ملتهبة، لكن الاحتلال كما أجهض حلم الوطن، أجهض حلمها، فلم يفلحا في الفرار من قيود التقاليد أو التحرر من قسوة الفقر ليصلا إلى متاهة من الخذلان والانكسار.
ويكمل فرغلي في روايته الجديدة مشروعه الإبداعي الذي ركز في السنوات الأخيرة على العوالم الغرائبية التي قاربها في "معبد أنامل الحرير" دون أن يتخلى عن انشغاله بموضوع الذاكرة كما تجلى في روايته "أبناء الجبلاوي"، أو سؤال الهوية الذي طرحه في روايته "جنية في قارورة "، لكن ما يتجلى في الرواية الجديدة يمضي خطوة أبعد في تبني اختيار أسلوبي جديد يقوم على استثمار الأجواء الكافكاوية وتقنيات السرد الغرائبي كما نعرفها عند الكاتب الأرجنتيني بورخيس وفي تراث "ألف ليلة وليلة"، ليقدم رواية تتسم بالتشويق والمغامرة والانتقال السلس بين مسارين سرديين.
يركز المسار الأول على البطل الذي يسعى للحاق بقطار قبل أن يفقد ذاكرته، وداخل عربات القطار يكتشف أنه تورط في عالم مغلق لا يملك حتى حق الفرار منه، ويجد نفسه في مواجهة قارئة لها ملامح غريبة تدعى "زرقاء" تمسك بكتاب تقرأ فيه ولا تغادر مكانها أبدًا في قطار يخلو من المسافرين.
وتُخبره القارئة ا?نها تقرأه كي لا يتوقف القطار وأن عملها الوحيد هو منع القطار عن التوقف. وعبر حواراتهما معًا تروي "قارئة القطار" للراكب قصته الشخصية التي نسيها؛ ليقف القارئ أمام لغز آخر من شقيقتها "ذكرى" التي تختفي فجأة لتزيد من ألغاز القارئ.
أما المسار الثاني فيتعلق بحكاية محمود الوهم وفاطمة اللذين التقيا بالأقصر على مركب كان في طريقه للقاهرة، وجمعت بينهما قصة حب لم تكتمل صاغت لهم تغريبة المصير المشترك في لحظة كانت تزدهر فيها آمال الثورة.
وعبر صفحات الرواية يدرك القارئ أنه أمام سردية تؤرخ لنوع من القهر تعرض له المصريون الفقراء وسبيكة تاريخية تربط بين مصائر الأفراد بحركة التاريخ العام، كما تحتفي الرواية بالمعرفة، وتحتفل بلعبة الحواس.
يذكر أن الكاتب والروائي إبراهيم فرغلي، يعيش في الكويت منذ 15 عامًا وعمل صحفيا بجريدة (الأهرام)، ومجلة العربي الكويتية، ونشر له عدد من الروايات والمجموعات القصصية من بينها روايات (كهف الفراشات، وثلاثية روائية بعنوان جزيرة الورد تضم روايات: ابتسامات القديسين، وجنية فى قارورة، ومفتاح الحياة، ثم أبناء الجبلاوي، ومعبد آنامل الحرير، وثلاث مجموعات قصصية: باتجاه المآقي، أشباح الحواس، شامات الحسن، وفى مجال الكتابة للأطفال والناشئة: ثلاث روايات للفتيان)، ونال جائزة ساويرس الأدبية فئة كبار الكتاب لدورتين، كما رشحت روايته "معبد أنامل الحرير" ضمن اللائحة الطويلة لجائزة البوكر العربية دورة العام 2015 / 2016، وترجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.