القاهرة 09 فبراير 2021 الساعة 04:04 م
كتبت: سماح ممدوح حسن
صدرت الترجمة الفرنسية لرواية "حدث في برلين" من تأليف "هشام الخشن" وكانت الطبعة الأولى للرواية بلغتها الأصلية عن دار المصرية اللبنانية في عام 2018، وكما هو عنوان الرواية، فإن المحور الرئيس لها هو حادث وقع فى برلين أثناء حكم النازية.
يقام مزاد علني في مدينة برلين، في عام1993، وقد كان بطل هذا المزاد، التحفة المستهدفة بالبيع هي آلة الكمان الموسيقية، وكان اسمه "ستراديفاري" نسبة إلى اسم صانعه العبقري، والذي بات اسمه فيما بعد، عنوانا للدقة والجمال. ظلت المزايدات تعلو بسعر الكمان السحري، حتى اضطر القائم على عملية البيع إلى إيقاف المزاد والرجوع إلى ملّاكه الأصليين. لينفتح بعدها باب على تاريخ مضي عليه أكثر من نصف قرن، لنعرف قصة الكمان وصانعة وصاحبة وجزء من تاريخ دولة في النصف الشمالي من كوكب الأرض.
بعد تولي الحزب النازى بقيادة "هتلر" حكم ألمانيا في أربعينيات القرن الماضي إبان الحرب العالمية الثانية، انتهج هتلر والنازية، منهجا يُعد من أبشع المناهج التي اتبعت لإبادة مجموعة من البشر. إبادة النازية لليهود في ألمانيا وما يعرف بالهولوكوست.
تحكي الرواية كيف أن المرابي اليهودي "مائير" المقيم في برلين عام1938، والذي حضر"ليلة الكريستال" والتي شن فيها متظاهرون ألمان حملة تخريب كبيرة على كل محال اليهود التجارية، كيف أن المرابي أنقذ آلة الكمان التي كانت مرتهنة في محله ليهديها إلى عائلة الضابط "شمدت" أو بالأحرى لابنتيه "ليليان، وهيلدا" في مقابل ما فعله الضابط في ليلة الكريستال عندما أنقذ ابنته "راشيل" من أيدى المهاجمين الألمان.
خلال رحلة السرد سنعرف أن المرابي اليهودى "مائير" كان قد حصل على الكمان، من شاب موسيقي، رهنه لدية لحاجته إلى المال. وعرف المرابي أن الشاب لن يعود لفك رهان كمانه البديع، خاصة بعدما استشف عوز الشاب الذي كانت حبيبته تنتظره يومها خارج محل الرهونات، وتبين من نظراتهما إنهما عاشقان هاربان بحبهما بعدما رفض الأهل هذا الحب وتكليله بالزواج.
منذ عدة سنوات، كما جاء في تقرير نشرته الصحافة المصرية، عن موت أحد أهم وأشهر أطباء العهد النازي، ذلك الطبيب "أريبرت هايم" والذي كان أحد أهم الضالعين في عمليات التعذيب والتشويه التي حدثت لليهود المعتقلين في معسكرات النازية. لكن أحدًا لم يعرف هوية الطبيب هايم بالتحديد ولم تستطع أيدي المنتقمين الوصول إليه بعدما عاش الرجل عمرًا في مصر معتنقا الإسلام ويعيش في حي شعبي. سيتذكر القارئ ذالك التقرير، ومثله كثيرا، بعدما تحكي "ليليان شميدت" كيف هربت من جحيم الانتقام الذي بدأت منظمات تابعة للكيان الصهيونى بها، في تتبع أثر كل من شارك من بعيد أو قريب فيما حدث في ألمانيا النازية لليهود.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مات الضابط شميدت ولحقت به زوجته بعد قليل. وتركا البنتين، ليليان، وهيلدا، بمفرديهما. هيلدا كانت العازفة والتي استفادت بالكمان الذي أهداه الجار المرابى، فكانت موسيقية موهبة لها باع كبير في أوبرات ألمانية كبرى. أما ليليان فقد التحقت بالعمل كسكرتيرة فى أحد مكاتب القادة النازيين والذي استطاع الموساد الإسرائيلي في الستينيات تقفي أثره والقبض عليه وتهريبه إلى إسرائيل ومحاكمته وإعدامه بجرائم إبادة يهود ألمانيا. وبما أن ليليان كانت تعمل بمكتب هذا القائد، حتى لو سكرتيرة، كان لا بد وأن تنال هي الأخرى العقاب. لكنها وبرحلة الهروب تلك نالت أكثر من عقاب الإعدام.
بعد هزيمة ألمانيا وتقسيم برلين بين الشطر الغربي والشرقي وإقامة السور الذي فصل المدينة، انفصلت الأختان أيضا، هيلدا انتقلت إلى الشطر الشرقي مع زوجها وظلت لليليان في الشطر الغربي وحيدة مع كمان أختها. في أثناء تواجدها هناك أرسل لها أعضاء الجمعية التي تطارد النازيين رسالة يعرفون إنها نازية وهم يتعقبونها، فهربت بمساعدة جماعة مضادة تنقذ النازيين. تم تهريبها إلى إيطاليا، وهناك تم اغتصابها على يد مهربها، وأقامت في دير إيطالي تولى مهمة تهريبها إلى مصر. وهناك وجدت عديدين مثلها خاصة الطبيب الذي عملت لديه، أيضا كسكرتيرة. لكن الموساد استطاع الوصول إلى ذلك الطبيب وقتله. وفي هذه الأثناء كانت ليليان أقامت علاقة مع أحد المصريين وحملت بفتاة، ولما رأت ما حدث للطبيب، قررت الهروب من مصر ولكن كان لا بد أن تتخلص من جنينها أولا. لكن أتاها من اقترح عليها البديل، وهو أن تهب ابنتها لإحدى الأسر المحرومة من الأطفال، وقد كان. اتفقت مع إيمان وزوجها على أن تهبهم الطفلة بشرط أن لا تتصل بهم أبدا. ونفذ الأطراف كلها المتفق عليه، وأنجبت "ليليان" طفلتها "ليلى" وتركتها في مصر ثم هربت مرة أخرى إلى تشيلي. لتكمل حياتها حتى الشيب والموت هناك.
أما "هيلد" فبعد أن انتقلت إلى الشطر الشرقي من برلين، هي وزوجها، وبعدما أنجبت هى الأخرى ابنتها "جريتا" تم القبض على الزوجين بتهمة معادة القيادة الشرقية، وتم عرض الطفلة جريتا للتبني. مات الأب وانفصلت هيلدا عن ابنتها ولم تهتدى لها إلا مؤخرا.
تمضى السنون بكل أطراف الرواية، هيلدا لا تكل من البحث عن ابنتها جريتا، وليليان تكمل حياتها في تشيلي، بعدما تزوجت من شخص ثرى هناك، وليلى تعيش مع أمها إيمان دون أن تعرف الحقيقة.
فى يوم ما تتلقى ليلى مكالمة هاتفية من أحد المحامين الألمان ليخبرها أن أمها ألمانية ويجعلها تسافر إلى برلين لأمر مهم، وهناك ستقابل جريتا ابنة الخالة التي كانت نزيلة أحد المستشفيات بعدما هلكت صحتها من تلك الهرمونات التى كانت تأخذها دون أن تعرف ماهي حتى تفوز بالبطولات التى تدخلها باسم بلادها، تحكي جريتا لليلى، المصدومة، كل شيء وتسلمها خطابا من أمها ليليان، التي تركت لها ثروة 2 مليون مارك. وكما كانت هيلدا وليليان شركاء في ملكية الكمان، تشاركت بنات الخالة أيضا فى ملكيته.
لكن يظهر من يطعن في هذه الملكية، أحد أعضاء المنظمة التي تطارد النازيين. لكن المفاجأة التي ستحدث في آخر الرواية، هو ظهور "راشيل ماثير" والتي ستشهد أن أباها قد أهدى الكمان لعائلة شميدت نظير إنقاذه لها ليلة الكريستال. لكن لن تشهد مجانا بل ستفعل مقابل مليون دولار. وتنتهي الرواية بفوز كل الأطراف.