القاهرة 02 فبراير 2021 الساعة 10:10 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
لم تكن حالة الوفيات التى شهدتها الساحة السينمائية والإبداعية المصرية بصفة عامة هي الحصاد الوحيد الذي جاءت به كورونا، فقد أصابت بصورة ما كبار السن الذين تجاوزوا السبعين، والمتأمل للواقع يتذكر أن الأقدار صدمتنا بغياب الكثيرين مبكرًا على مدى السنوات السابقة إلى جانب أن بعض الغياب مؤخرًا لم يكن بسبب كورونا.
لقد وجهت كورونا العديد من الضربات التى جاءت مجتمعةً للسينما المصرية والعالمية مما جعلها موجعة على المستويات الإنتاجية كافة وجاءت بالخسارات المتتالية للجميع، بالإضافة إلى دورها فى تحويل آليات الإنتاج والعرض نحو المنصات الإلكترونية التي حاولت تقليل الخسائر قدر الإمكان؛ لذلك أتى الإعلان عن الفيلم الوثائقي الطويل الذي تبلغ مدته 115 دقيقة من مدينة "ووهان" للمخرج الصيني "إى ويوي" بعنوان "التتويج" ليوثق لما حدث صدمة بقدر كونه مفاجأة.
المفارقة أن المخرج سيخرجه عن بعد من مقر إقامته فى أوروبا، فهو يعد من المنشقين عن الحكومة الصينية نظرًا لمعارضته سياساتها وما يتعلق بها من تجاوزات، وقد أعلن المخرج أننا سنرى "ووهان" بكثير من التفاصيل من الداخل خلال فترة الإغلاق التام الذى يعد سبقا آخر تأتي به السينما، فتلك الفترة لم يرها أحد ومن الصعب بل من المستحيل رؤيتها بأي صورة ما؛ فالحصار الصيني للمدينة جعل الحصول على أي معلومة من الإعجاز؛ لذلك سيأتى هذا الفيلم بالكثير من التفاصيل التي لم نكن لنراها؛ خاصة مع الإجراءات المشددة التى اتخذتها الصين لحصار أى معلومة عما يحدث بالمدينة.
وها هي السينما تتجاوز الحصار والممنوعات؛ لتأتينا بالتفاصيل كافة بالإضافة إلى رؤية مخرجه أن الصين بصورة ما تسببت فى ظهور هذا الفيروس بالإضافة لتأخر إعلانها عن ظهوره وإخفاء المعلومات التي يمكن أن تساعد على تجاوزه.
لقد كتب المخرج البالغ من العمر 62 عامًا على صفحته فى تويتر: "يصور الفيلم النطاق الشامل لسيطرة الدولة العسكرية والاستجابة الطبية الطارئة وحياة الناس العاديين في ظلال دولة استبدادية.. إنها حكاية حقيقية عن أكبر أزمة تواجه البشرية اليوم".
يعد فيلم "التتويج" حالة خاصة؛ نظرًا لأنه يعد توثيقًا لهذا الحدث من عقر داره "ووهان" في فترة إغلاق تام لم يكن أحد ليستطع الوصول إليها، ولأول مرة سيرى المشاهد الحجر الصحي والمستشفيات وحالة الإغلاق التي لم تظهر على الشاشة، بالإضافة إلى رؤية مخرجه الصيني أن الصين تسترت على الوباء بشكل كامل لعدة أسابيع في 2019، قبل أن تبدأ في الإعلان عنه بداية 2020.
لقد استعان المخرج الصيني بأصدقائه الفنانين الذين أرسلوا له العديد من الفيديوهات والصور التى توثق للمدينة والمستشفيات فترة الإغلاق إلى جانب استعانته بالمواطنين العاديين كمساعدين محليين، كل ذلك سيجعلنا نرى المسكوت عنه فيما يتعلق بووهان في تلك الفترة الحرجة التي أثرت على صناعة وفن السينما، وها هي السينما تعود لتقدم فيلمها ورؤيتها التى سيتبعها الكثير بالتأكيد، لكننا بدايةً في انتظار "التتويج" الذي سيأتي بالمفاجآت وسيجعلنا نطمع في المزيد.