القاهرة 28 يناير 2021 الساعة 12:41 م
عانت القرية المصرية على مدار عقود مضت التهميش والاستبعاد من أجندة المشروعات التنموية التى أعلنت سابقا من قبل بعض الحكومات -عمدا أو دون قصد- وهو ما أدى لتراجع مستواها وأدائها وأثر بشكل كبير على سكانها؛ وتعددت أشكال التراجع ما بين نقص الإنتاجية أو تراجع المساهمة بشكل قوي كما كانت في أوائل القرن الماضي في دعم اقتصادنا المصري، ويكفي أن نذكر ما قدمه الريف بالقرى المصرية من محاصيل كان أبرزها محصول القطن الذي تصدر قائمة المحاصيل الزراعية التي قام عليها الاقتصاد المصري في ثلاثينيات القرن الماضي وتلاها صناعة السينما؛ ولكن وبعد أن أعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم السبت الماضي على هامش افتتاحات بعض المشروعات القومية بمحافظة بورسعيد تطوير 4500 قرية مصرية خلال الـ3 سنوات المقبلة؛ عادت سنابل القمح وأزهار القطن تتنفس وتتفتح مرة أخرى في ريفنا المصري وارتسمت البهجة والبسمة وجوه سكان أهالينا في الريف المصري.
ولكن يبقى مكون أساسي إذا توفر إلى جانب عملية تطوير الريف المصري خلال السنوات الثلاثة المقبلة سيتغير وجه ريفنا المصري للأفضل ويصبح منافسا قويا وداعما رئيسا للإنسان وللآلات؛ ولكن ما هو هذا المكون؟!
المكون الثقافي والإعلامي هو ما يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع تطوير ريفنا المصري، و الذي أتمنى أن يتم إعداد برامج ثقافية وإعلامية له من قبل الوزارات المعنية ووسائل الإعلام والمثقفين لدعم وتيسير كل ما يقف حائلا أمام عملية التنمية في القرى المصرية ولقاطنيها من أهالينا؛ وهنا أذكر نفسي وأذكركم أن الريف المصري دائما وما زال يمثل تربة خصبة للعقول المصرية المفُكرة والمبدعة من المبدعين في مجالات الإبداع والثقافة والفنون والإعلام كافة، وإن استعنا بهؤلاء وسمعنا مقترحاتهم الخاصة بالتطوير الثقافي والإعلامي للريف المصري المتزامن مع عملية التطوير الصناعية والتجارية والخدمية التي أعلن عنها السيد الرئيس؛ سيتغير وجه الريف المصري تماما ويصبح منافسا قويا لأرياف مشابهة في المجتمعات المتقدمة.
وبالمناسبة؛ أود أن أشير هنا أيضا إلى واحدة من الإدارات المهمة التي تقوم بإجراء البحوث الميدانية والمكتبية والمسح الثقافي والتجارب بهدف الوصول إلى أنسب الخدمات الثقافية التي يجب أن تقدم إلى القرية المصرية بالإضافة إلى استطلاع وتشخيص المشاكل الثقافية بالقرى والنجوع المختلفة بقصد تحري أسبابها وتقديم المقترحات المناسبة لعلاجها؛ ألا وهي الإدارة العامة لثقافة القرية التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وهي إدارة غنية بالبحوث المتعلقة بالصناعات والحرف الخاصة بكل قرية من قرانا المصرية على حدة، والتي ترتبط بالقيم الاجتماعية والحضارية لمجتمعنا الريفي، وأنه إذا استعنا ببحوثها للمشاركة في تنمية القرية ثقافيا وفنيا على مستوى جميع قرى المحافظات وخاصة القرى الحدودية والنائية المحرومة من الخدمة الثقافية، ستتحول تدريجيا إلي بؤرة ضوء للتأكيد على قيمة الولاء والانتماء والوفاء في نفوس أبنائنا من الشباب.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد خلال لقائه بالإعلاميين يوم السبت الماضى "أن هناك فرصة للمصانع وقطاع الصناعة في مصر لجعل المستلزمات مصرية كافة من مواسير صرف وكابلات كهرباء ومحطات معالجة وكل ما يتعلق بالأشغال تصبح مصرية ولا نضطر إلى استخدام الدولار، ويكون هنالك قوة دفع لتلك الصناعات، مطالبا أهالي الريف بمساعدتنا في تحمل أعمال الحفر وما إلى ذلك من أجل التطوير"، وهو مشروع حقيقة سيعيد مرة أخرى شحذ الهمم والقطاعات ويفجر الإبداعات وينشط عجلة الإنتاج والاقتصاد وسيجعلنا نشعر بالفخر وهو شعور يصاحب كل افتتاحات المشروعات القومية التي يطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويجعلنا أكثر انتماءً لهذا الوطن العظيم، الذي مازال يحتاج منا جميعا لكل جهد ووعي وضمير يقظ للنهوض به وبمستقبلنا الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق كونه مستقبلا واعدا بامتياز.