القاهرة 14 يناير 2021 الساعة 08:34 ص
توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام تتطور يومًا بعد يوم؛ ومن آخر مستجداته ما يعرف "بالبلوك شين نيوز"؛ وهو ببساطة عبارة عن صناعة محتوى إعلامي بشكل ثابت في قاعدة البيانات المركزية التي يمتلكها أي مستخدم حول العالم عبر نسخة منه على جهازه، وفي المقابل يحصل الإعلامي أو صانع المحتوى على عملات بيتكوين ثمينة كحافز لحماية الشبكة التي تتضمن محتواه وأخباره من الفساد.
الدراسات الحديثة في مجال إعلام الذكاء الاصطناعي توصلت إلى نتائج تتمثل في أنه يمكن للمستخدمين نقل القيم وتخزين المعلومات دون فرصة تغييرها أو الاعتراض عليها مرة أخرى من قبل الحكومات أو الأنظمة، كما أنه يتم توثيق المعاملة بسرعة بدلًا من أن يستغرق ذلك عدة أيام، على سبيل المثال التحويل المصرفي الأجنبي، وأنه كما أشرنا من قبل لا يمكن لأي حكومة أو أي شركة في العالم التأثير أو تخريب شبكة blockchain، حيث يمكن لغالبية المشاركين فقط تحديد التغييرات على قواعد البيانات، وهو ما يضمن أن أي عملية تزوير متعمد للبيانات من قبل مجموعة من الأشخاص سيكون مستحيًلا.
يجري الحديث في الدوائر والأوساط الأكاديمية حول توفير قاعدة بيانات دقيقة تمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي القيام بمهامها فى مجال الإعلام؛ وهى إشكالية تواجه مجتمعات العالم الثالث رغم استخدام شبكة الإنترنت وتوظيفها في إنجاز مهام الأعمال؛ إلا أن مسألة ضبط البنية التحتية في مجال المعلومات والبيانات مازالت تحتاج لتضافر جهود كل مؤسسات الدول لجعلها متاحة للمستثمرين في مجال الصناعات الإعلامية والإبداعية، في الوقت نفسه يتوجب تدريب الكوادر الإعلامية الشابة على مثل هذه النوعية من التقنيات؛ لأن من سيتخلف عن ذلك سيتجاوزه قطار المعرفة والإنتاج القائم على التقنيات الرقمية الجديدة ومنها تقنيات وبرامج وأدوات صحافة وإعلام الذكاء الاصطناعي.
خلال الأسابيع القليلة الماضية كنت فى زيارة لأحد أساتذة كلية الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة؛ للتعرف منه على أبرز الخوارزميات التي تعتمد عليها تطبيقات وسائل الإعلام والتي تقوم بمهام المحرر التقليدي في غرفة الأخبار؛ فإذ به يشرح أبرز الخوارزميات التي تعتمد عليها تطبيقات الإعلام الدولية والعربية واقتصادياتها وإنجازاتها في إنتاج محتوى إعلامي دقيق وسريع وموفر اقتصاديًا وهو ما جعلني أوجه له سؤالًا حول مدى قيام الخوارزميات بمهام المحرر التقليدي وما إذا كان توظيفها في مؤسساتنا الإعلامية العربية سيجعلها تتخذ قرارًا باستبعاد العامل البشري من غرف الأخبار؛ كانت إجابته وبكل تأكيد "نعم؛ و موفرة اقتصاديًا؛ ولكن يجب أن يتولى عدد قليل من المحررين ضبط الخوارزميات بما يتناسب واتجاهات قراء وسيلته الإعلامية!".
في مقال نشر للمحرر "لوكاس ماريان" بموقع "Computer World" بنهاية العام الماضي بعنوان "هل ستقضي تقنية بلوك شين نيوز على الأخبار المضللة؟"، قال صاحب المقال إنه بحلول عام 2023، ستتم المصادقة على ما يصل إلى 30? من محتوى الأخبار ومقاطع الفيديو العالمية على أنها حقيقية من خلال دفاتر blockchain، وذلك لمواجهة "تقنية Deep Fake"، وفقًا لما ذكره نائب رئيس Gartner للأبحاث والمؤلف المشارك لـ "Fueled by Social".
وأنه رغم أن موجز الأخبار مثل Facebook وGoogle News، يتم استخدام الأخبار المزيفة بشكل متزايد من قبل الحكومات المعادية للتلاعب بالانتخابات؛ إلا أنه غالبًا ما تجذب المقالات والمحتويات الأخرى التي تستند إلى معلومات خاطئة مشاهدين أكثر من الأخبار الواقعية - وهي ميزة للمعلنين والتقييمات، ولكنها تمثل مشكلة للخطاب العام.
وضرب كاتب المقال مثلًا، أن أهم 20 قصة إخبارية مزيفة حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 تلقت تفاعلًا أكبر على Facebook مقارنة بأهم 20 قصة انتخابية من 19 وسيلة إعلامية رئيسة، وفقًا لإحدى الدراسات.
إذًا؛ وبالنظر لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام يتوجب فتح نقاش علمي مستمر بين كليات الإعلام ووسائل الإعلام حتى يتسنى للأخيرة اللحاق بركب مستجدات المعرفة والتكنولوجيا، والاستفادة منها في العمل الإعلامي الآمن والسريع والذي يتناسب واهتمامات واتجاهات متابعيه، وهو ما بدأت فيه كلية الإعلام جامعة القاهرة بتنظيم جلسة نقاشية متخصصة في المؤتمر السنوي ال26 لكلية الإعلام جامعة القاهرة والذي يقام في شهر مارس المقبل، مع مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف، ومقرها دولة الإمارات العربية، وبحضور خبراء دوليين حول أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى الإعلامي.