القاهرة 07 يناير 2021 الساعة 11:17 ص
توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام بات واقعا لا مفر منه؛ خاصة وأن البرامج والخوارزميات التي تقدمها شركات البرمجيات في مجال الإعلام أصبحت أكثر سرعة ومهارة في الاستجابة للمشاهد أو القارىء المتلقي.
خلال الشهور الماضية بدأت بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية توظيف الذكاء الاصطناعي فى بعض أقسامها التحريرية؛ وإن كان توظيفا مبدئيا لكنها بداية مشجعة لعل الذكاء الاصطناعي يصلح ما افسده الإنسان في مجال الإعلام من توظيف غير المهنيين في هذا المجال الحيوي الذي أصبح مهتزا بأكمله سواء على مستوى الشكل أو المضمون أو قيمة ما يقدم، ويكفي هنا أن نشير إلى عزوف الكثير من جمهور القراء والمشاهدين عن التعرض لوسائل الإعلام لغياب المصداقية؛ وهى سمة أصبحت غالبة في وسائل الإعلام كافة على مستوى العالم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا.
في 17 مارس 2014 ضرب زلزال بقوة 4.4 درجة جنوب كاليفورنيا؛ بعدها بدقائق معدودة نشر موقع لوس أنجلوس تايمز القصة الأولى حول الزلزال وهو تقرير تمت كتابته بالكامل بواسطة الخوارزميات، ومنذ ذلك الحين أنتج "المراسلون الآليون" قصصًا حول مواضيع تتراوح من ألعاب البيسبول في الدوري الصغير إلى أرباح الشركات والإعلانات؛ ومنذ ذلك تكهن البعض بأن وسائل الإعلام في المستقبل سوف تتكون إلى حد كبير من المحتوى المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ولأن التوجه نحو استخدام الوسائط المتعددة أصبح من أولويات اهتمامات جمهور وسائل الإعلام؛ فعلينا أن نشير إلى ما حققه موقع وتطبيق "نيتفليكس" الذي جذب ملايين المشتركين إليه منذ إطلاقه وحجم المكاسب التي حققها الذكاء الاصطناعي في مشاكل البحث والتوصية الخاصة باهتمامات المشتركين فيه وكيفية استخدام البيانات السابقة على تقييمات الأفلام الفردية للمستهلكين للتنبؤ بالتقييمات المستقبلية، وكيف أصبح تطبيقًا أساسيًا للتعلم الآلي.
وكذلك نجد ان فيلم "Sunspring" الذي نال استحسان النقاد عام 2016، تمت كتابته بالكامل بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي، وأول ألبوم موسيقي على الإطلاق بعنوان "Hello world" تم إنتاجه باستخدام الذكاء الاصطناعي.
حتى موقع "فيس بوك" أصبح تخصيص المحتوى والإعلان فيه في صميم الأعمال، رغم أن الدلائل تشير إلى أن الكثير مما يدفع الاختلاف في موجز الأخبار للمستخدمين هو مجموعة العناصر التي يشاركها أصدقاؤهم (مقترنة بالتنبؤات غير المخصصة للشهرة الإجمالية من المحتوى) بدلاً من التوصيات الفردية أو الشخصية المصممة بدقة؛ وهو ما حقق مكاسب كبيرة لموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".
في النهاية أود أن أشير إلى أنه رغم اعتماد كبرى مؤسسات وسائل الإعلام وشركات الصناعات الإبداعية حول العالم على الذكاء الاصطناعى؛ إلا أن الطبيعة الاستكشافية للعملية الإبداعية تتضمن تحديات تقنية مهمة للذكاء الاصطناعي، مثل قدرة التقنيات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على أن تكون دقيقة في ظل موارد البيانات المحدودة، على عكس نهج "البيانات الكبيرة"، أو القدرة على المعالجة، أو تحليل ومطابقة البيانات من طرائق متعددة (نص، صوت، صور، إلخ)؛ وهو ما يحتاج إلى بنية بياناتية تحتية تتناسب ومهام الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهامه بما يحقق المرجو منه؛ مع التأكيد أنه فى مثل هذه الحالات من المؤكد أنه سيصلح ما أفسده الإنسان فى مجال الإعلام وسيعيد جمهور القراء والمشاهدين لوسائل الإعلام مرة أخرى.