القاهرة 07 اكتوبر 2020 الساعة 01:38 م
بقلم: سماح ممدوح حسن
ضمن برنامج "محكى الجنوب" الذى تقدمة مؤسسة "مجراية الثقافية" تم تقديم العرض المسرحي"سكة تلة" بمدينة ملوى فى محافظة المنيا، بطولة "عبدالله جودة، ومايفن أشرف"، من تأليف وأخراج "كيرو صابر"؛ حيث يُقدم العرض الدرامي، تلك الحكاية المألوفة فى صعيد مصر عن علاقة الرجل بأمه وعلاقته بمحبوبته، ومدى الإختلاف بين المرأتين وتمزق الرجل بينهما فى محاولة لإرضاء كلاهما.
وتبدأ المسرحية بمشد موت الأم ليعود العرض بنا إلى الماضى لسرد الحكاية، حكاية "حسن وياسمين" وقرون مضت من العادات والتقاليد، حسن شاب مزارع، من أحد قرى صعيد مصر، تخرج فى أحد الجامعات، يحب"ياسمين" الفتاة التى جاءت من العاصمة برفقة والدها الدكتور"خلف" والتى تعود أصوله لتلك القرية، يحب "حسن وياسمين" بعضهما، لكن تتآمر الظروف ضد إكتمال قصة حبهما؛ فترفض الأم زواج ابنها من فتاة تتكلم بلهجة أهل العاصمة، ولا تلبس كما تلبس الفتيات بالقرية ولا تتصرف مثلهن!، تتهم"ياسمين" حبيبها "حسن" بالتخاذل والضعف، ولكي يثبت لها العكس، يقرر مواجهة القرية كلها بحبه لياسمين، والأكثر من ذلك يواجه أمه بقراره الزواج من ياسمين، لتموت الأم من وقع القرار، فى اللحظة ذاتها يتلقى"حسن" خبر وفاة ياسمين بحادث سيارة، بعدما قررت أن تسافر لتجهز مستلزمات العرس؛ فيخسر "حسن" المرأتان.
الأفكار الرئيسية فى المسرحية:
تركز المسرحية على فكرتين بالأساس، الأولى: هى فكرة الزواج فى القرى بشكل عام، ففى أحد المشاهد بالمسرحية، تظهر أخت"حسن" فتاة ذات ثمانية عشر ربيع، تصّر أمها على تزويجها من رجل يكبرها بإثنى عشر عاما، والفتاة فرحة، وعندما سألها الأخ الذى كان يعتبرها ابنته أكثر من أخته عن رأيها فى الزوج، لم تجب إلا كما توقع من فتاة مراهقة لا تعرف من الزواج غير الفرح والملابس الجديدة والزغاريد، ربما لا يزال هذا يحدث فى الواقع، فبعدما تنهى الفتاة المرحلة الإعدادية -إن التحقت بالتعليم أو أكملته لهذه المرحلة أصلا- فإنها تبدء فى تلقي عروض الزواج وهي لا تدرى عنه غير الزفاف والصخب والملابس الجديدة، وبعد عدة أشهر تنجب وتصبح طفلة أنجبت طفل!
أما الفكرة الثانية، فهى علاقة الرجل بأمه -خاصة فى قرى الصعيد- فعلى الرغم من بديهية حب البشر لأمهاتهم، ربما الانصياع فى كثير من الأحيان لرغبات الأمهات، إلا أنه في الصعيد، تزيد تلك المسألة لدى الرجال أكثر من غيرهم خاصة فى القرى.
أبطال المسرحية:
بطلي العرض هما "جودة، ومايفن"، واللذان أديا كل الأدوار، أما عن"مايفن" فهى الممثلة التى تركت للتو الثانوية العامة وفى طريقها للالتحاق بالسنة الأولى من كلية الفنون الجميلة، ربما استغربت قليلا فى البداية، من السماح لأهلها باشتراكها فى العرض خاصة وهى من أهل أحد القرى التابعة للمدينة، وقد سألت الأم التى حضرت العرض، وأكدت على دعم ابنتها منذ الصغر لتحقق حلم التمثيل، أما عن "مايفن" فقد بدأت حياتها التمثيلية التى لا تزال فى بداياتها مع فرق الكنائس ومدارس التدريب الملحقة بها منذ الصغر، وعلى الرغم من صغر سنها إلا أنها أدت دور "الأم، وياسمين الحبيبة، والأخت" بكل براعة وأظهرت موهبة حقيقية.
أما بطل العرض"جودة" فهو طالب بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، فقد اشترك في أداء العديد من المسرحيات كما اشترك فى أربعة مسرحيات فى برنامج"محكى الجنوب" وهو الممثل الرئيسي بالفرقة، وقد أثبت كلا البطلين موهبة الكبيرة، كما ظهرت قدرات المخرج"كيرو صابر" ومنفذو الديكور والإضاءة "كيرو، حمادة، جدة، إيثار" خلال العرض.
أما عن برنامج "محكى الجنوب" فقد بدأ بالأساس كمحاولة لتغيير الفكرة النمطية عن أهل الصعيد التى تتناولهم بها الدراما المصرية، خاصة عندما حصرت الصعيد وأهله فى قصص الثأر وتجارة المخدرات والآثار، والعروض المسرحية بالبرنامج تعد جزءا ضمن مشروعات كثيرة، كالأفلام، وطباعة كتب الدراسات، والأنشطة الأخرى كمعارض الكتاب، ومعارض الفن التشكيلى، وعروض الموسيقى، وكلها بفرق محلية من المدينة.
وبالحديث مع مؤسس"مجراية" "حمادة زيدان" قال:
تقدم المؤسسة حاليا برنامج "محكى الجنوب" الذى يهدف لتغيير الصورة النمطية عن الصعيد المتداولة فى الدراما، من خلال عرض نماذج مغايرة لتلك الصورة، بالإضافة إلى أربعة عروض مسرحية "مونودراما، وديودراما" تحكى نماذج مختلفة عن شكل الصعيد النمطى، كما يتم إنتاج فيلم تسجيلى عن شخصية معاصرة وشهيرة بمدينة ملوى، ليسرد التطورات التى حدثت بالمدينة من خلال عمله، ويأتي البرنامج بالتعاون مع مؤسسة الدراسات العربية، ويأتي عرض "سكلة تلة" كختام للعروض المسرحية بالبرنامج.