القاهرة 29 سبتمبر 2020 الساعة 11:16 ص
حاورتها: زينب عيسى
* الرواية الرقمية قربت بين المبدعين لكنها لم تؤرخ بعد
* نعاني من أزمة نقد والصحافة الورقية تراجعت
* التعليم في بلادنا لا يسير في خط متواز مع الوعي
تسجل الروائية الأردنية ليلى الأطرش ريادة في ثنائية المشهد الروائي والإعلامي لاتكائها على تجربة ثرية استندت على رحلة من اللقاءات الثرية لكبار الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية في الوطن العربي، ومن ناحية أخرى تصويرها الدقيق لواقع المرأة العربية من خلال إبداعها الروائي والإنساني مستثمرة رحلاتها وحواراتها ومعطيات فكرها من خلال تطوير أدائها ليواكب الواقع الرقمي الجديد الذي تري "الأطرش" أنه قد خدم المبدعين وقارب بينهم رغم أنه لم يؤرخ بعد ولم تتحدد هويته بشكل دقيق.
الروائية ليلى الأطرش تعتبر من أبرز الإعلاميات العربيات اللواتي امتدت تجربتهن بالعمل المجتمعي ما مكنها لتسجل مكانة متميزة بين أفضل الشخصيات المؤثرة في المجتمع، حيث اختارتها مجلة "سيدتي" الصادرة بالإنجليزية عام 2008 كواحدة من أنجح 60 امرأة في العالم العربي. كما اختارتها جامعة أهل البيت، ثم جامعة عمان الأهلية وحركة "شباب نحو التغيير" كشخصية العام الثقافية في الأعوام 2009- 2010-2011.
كرست ليلى الأطرش كتاباتها للدفاع عن قضايا إنسانية واجتماعية، ورصدت معاناة المرأة العربية. ومن خلال أعمالها، ومقالاتها، وتحقيقاتها الصحفية وبرامجها التلفزيونية، وأخيرا الكتابة للمسرح، وترجمت روايتها وقصصها القصيرة إلى عدة لغات من بينها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية مثل: مرافئ الوهم، وتشرق غربا، إمرأة للفصول الخمسة، ولا تشبه ذتها، وترانيم الغواية.. وغيرها.
ورغم أن ليلى الأطرش ترى أن الفضاء الإعلامي صار لغة العصر؛ لكنها تؤكد أنها مازالت في حيرة من مصطلح "الواقع الرقمي "لأن الرواية التفاعلية والرقمية مازالت موضوعا غير مؤرخ، متسائلة هل معناها أن أكتب بطريقة مختلفة، أم أن أوضح الوسائط الإلكترونية.. وبالتالي الرواية، وقد دللت على ذلك روايات لها منذ عام 2005 اتخذت شكل البرنامج التلفزيوني من حيث التصوير والإضاءة وجاءت روايات أخرى فيها شات وسكايب وغيرها من الوسائط قائلة ل "مصر المحروسة": إذن هذه الروايات لم تكن بعيدة عني وعن غيري، والآن عندما نطلع علي موقع "جوتنبرج" نجد أن كل الإنتاج الإنساني الاجتماعي السياسي والفكري موجود على طريقة "وورد" بمعنى أنك تستطيع أن تقتبس منها ليس على طريقة "البي دي إف" ما يعني الرواية ليست بعيدة عن استيعاب لغة العصر والرقمنة ستأخذ بعض الوقت لفهمها.
هل استطاع النقد أن يحدد مفهوم "الواقع الرقمي"؟
كثير من الكتاب بدأوا يكتبون بأدوات العصر؛ لكن النقد مازال في طور التعرف علي هوية تلك التقنيات بل مازال محتارا في تعريف المصطلح، في بداية القرن عندما بدأت الأغنية والأسطوانات وظهر الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي أسكنه الشاعر أحمد شوقي في بيته حتى يغني له، ثم كتب الأخطل الصغير الشعر المغنى، ثم ظهرت السينما في مصر كثاني دولة في العالم واعتمدت على بعض النصوص وحولتها لأفلام عن روايات؛ لكتاب كبار مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس الذي تحولت روايته "الفرافير" لمسرحية صارت عليها مشكلة كبيرة وقتها.
وهل واكب الأدب تحولات العصر؟
حين كنت أعمل بالإعلام سألت نجيب محفوظ في حوار تلفزيوني لماذا لا تكتب السيناريو لأعمالك وتكتب سيناريو جديدا بالاشتراك مع فريد شوقي والمخرج صلاح أبو سيف الذي سبقهم جميعا.. أعتقد أن الآداب بشكل عام لم تكن بعيده عن التحولات التي تحدث بزمانها ونحن أخذنا وقتا حتى تعودنا أن نفكر ونطبع في نفس الوقت فنحن عقل إنساني، وقد كنت أكتب مقالاتي ثم تحولت لطباعة فليس من السهل أن يبرمج الإنسان. اليوم لا أستطيع أن أكتب بعد ظهور الكمبيوتر.
وماذا عن إشكالية الرواية الورقية والرواية الرقمية وأيهما له الغلبة؟
الرواية المطبوعة والقراءة الورقية لها متعة وخصوصية، لكن مشكلة المصطلح ما هي الرواية الرقمية هل هي لغة مختلفة أم أنها نفس اللغة.. هل وظفنا الوسائط المتاحة؟ المؤكد أنه مازال أمام الرواية العربية الكثير لتتبنى تلك وجهات النظر. المشكلة أننا نتبنى الأفكار التي تأتينا من الغرب، خاصة فيما يتعلق بنظريات الحداثة وما بعد الحداثة.. وعندما ظهرت نظريات الحداثة في الفنون والآداب وجدنا أن النقد احتار ثم تركها الغرب الذي تجاوز هذا المفهوم.
وماذا عن التجريب في الرواية؟
استطاعت الرواية أن تقطع شوطا طويلا في مواكبة العصر، خاصة في مصر التي تعد شهادة ميلاد لأي كاتب عربي. ومن لم يمر على مصر تنقص تجربته الكثير. فعندما كتب محفوظ القاهرة 30 كان يتحدث عن التحولات التي حدثت في حياة القاهرة، إذن هناك مراحل عمرية لمتابعة الرواية حتى في الشكل والمضمون والموضوعات. وقد عملت في التلفزيون "مرافئ الوهم".. وذهبنا إلى لندن والكاميرات تحركت تصور الفريق، كما صورنا الضيف من الرواية التي أرى أن فيها تجريبا بخلاف النقد.
هل أثرت التقنيات الحديثة على الرواية بشكل إيجابي؟
بالطبع على الأقل صرنا نعرف بعضنا البعض.. لم نكن نعرف كل الروائيين من قبل وصرنا نبحث عن أعمال الغير التي تظهر في بعض المواقع "بي دي إف". وهناك برنامج تبنته الجامعة العربية للآسف توقف اسمه "الذخيرة" كان يترجم و ينشر على الموقع روايات لكل كاتب، وترجمت أعمال لي مثل "امرأة للفصول الخمسة".. وقصص قصيرة ترجمت مبكرا جدا ونشرت بالموقع؛ لذا أرى أن المواقع الإلكترونية قد خدمت الرواية.
من ناحية أخرى، شاركت في برنامج الكتابة الإبداعية في جامعة أيوا وانتقلت في عدة جامعات بعضها مع الروائي طارق الطيب. وقد تعرفت الجامعات في الغرب على أعمالي من خلال الانترنت، إذن الغرب تعرف على الإبداع على العربي من خلال الإنترنت.
ترجمت أعمالك لأكثر من لغة.. هل المحلية أسهمت في ذلك؟
فعلا، وأذكر أنني عندما كنت في لقاء تلفزيوني مع الأديب الكبير نجيب محفوظ وسألته: هل عندك فوبيا من السفر؟ غضب مني وقال "أعمل فيها إيه العقدة دي" ورغم ذلك جاءته نوبل ولم يغادر مصر، واستلمت ابنته الجائزة عنه، وكذلك تلميذه وصديقه الكاتب محمد سلماوي. من هنا نستطيع القول إنه لولا المحلية لما كان هناك أمثال محفوظ وماركيز وإيزابيل اللندي التي لولا أنها تحدثت عن بلدانها أو عن أمريكا اللاتينية لم نكن نعرف هذا العالم البعيد، وإن لم تكن هناك الترجمة والكتب والإعلان عنها ما كنا عرفناها.
تم اختيارك من أكثر 60 امراة ضمن الشخصيات النسائية الأكثر تأثيرا في العالم العربي.. ما الذي أهلك لهذا الترتيب؟
تحتل قضايا المرأة جزءا كبيرا من أعمالي الروائية واهتماماتي بشكل عام، الأهم بالنسبة لي أن جائزة الشباب نحو التغيير في بعض الجامعات شخصية العام لأعوام متتالية وتقرير التنمية الإنسانية الصادر عن الأمم المتحدة اختارني من الكاتبات القليلات اللواتي أثرن في مجتمعاتهم. هذه اعتبرها الشهادات الحقيقية والإنجاز الحقيقي بالفعل. مازلت مرتبطة بالعمل المجتمعي، البداية كانت من خلال العمل الروائي ثم اتجهت للمسرح وعملت بالتلفزيون.. هاجسي الوحيد التثقفيف. ثانيا أري انه طالما الرجل هو المطبق للقوانين فيجب أن يكون مستنيرا حتى تستطيع المرأة أن تحقق إنجازا كبيرا وأن نقول إنها تحررت، فأنا ضد أن يقال أن هذه كاتبه فقط همها النساء لكن أنا دائما عندي تحرر المرأة يسير في خط متواز مع تحرر الرجل؛ لأن عقل الرجل الشرقي هو الذي يتحكم في وضع المرأة، للاسف التعليم ليس مؤشرا حقيقيا على تحرر المرأة، فالمرأة تحررت اقتصاديا؛ لكن الوعي لا يسير في خط متواز مع التعليم وهو شهادة لكسب العيش وهو ليس معيارا للتحرر.
الثقافة العربية.. هل تمر بأزمة نقد؟
الأزمة الحقيقية أزمة نقد، والدليل أن السوق الروائية غارقة بالغث أكثر من الثمين وعدد قليل من الإنتاج الأدبي الجيد في مقابل الكثير من الإنتاج دون المستوى.
وأعتقد أن تلك الظاهرة أثرت على جوائز كثيرة.. للأسف معظم آليات الجوائز مصابة بنفس العطب المصاب به وضعنا الثقافي وأمراض الثقافة وصلت للجوائز ومنطق المصالح المتبادلة، بعيدا عن التقييم الصحيح.