القاهرة 22 سبتمبر 2020 الساعة 10:57 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
لم تكن "كورونا" الشهيرة بكوفيد 19 سوى ملمح لتغييرات متعددة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ بل تجاوزتها نحو الكثير من جوانب الواقع وأحد هذه الجوانب التى كان عليه ابتكار الأفكار وإيجاد بدائل هى السينما؛ سواء من خلال ابتكار وسائل لعرض الأفلام السينمائية أو التفكير فى أدوات لمواكبة تلك الأزمة، لذلك تألقت المنصات وتطورت سريعاً لتسمح لنفسها أن تكون بديلا لدور العرض؛ رغم الخوف من السرقات الإلكترونية المحتملة بخسائرها التى ستلحق بالأفلام خاصة ذات الإنتاج الضخم.
وقد كان السبق فى مصر لفيلم "صاحب المقام" لإبراهيم عيسى ومحمد العدل، الذى عرض على منصة "شاهد" لمدة 12 أسبوعًا، ولن يعرض سينمائيا، وتجاوزت مشاهداته فى أربعة أيام 20 مليونا.
هذا التطور طرح التساؤل حول وضع صالات العرض السينمائية وتأثرها بغزو المنصات وهل يعنى هذا اختفاءها فى وقت ما!!
لذلك فالاجابة تكمن ببساطة فى أن بعض الأفلام لا يمكن الاستمتاع بمشاهدتها إلا فى دور العرض، فهذا هو الفن بصورته المتكاملة؛ لذلك لم يستطع جهاز التليفزيون بكافة تطوراته التكنولوجية أن يسحب البساط منها؛ ولكن على دور العرض أن تتطور هى الأخرى ليمكنها الانتصار فى تلك المعركة.
وعلى الجانب الآخر، استعان مهرجان المسرح التجريبى مؤخراً بتقنية الفيديو كونفرنس ليتم فعالياته النقاشية المسرحية العابرة للمكان؛ فكانت تجربة ثرية يمكن الاستعانة بها فى المستقبل والتفكير فى المزيد من الأفكار التى ستكون أقل تكلفة مادية وأكثر انتشارا.
لقد شكلت أزمة كورونا بخسائرها تحدياً خاصاً للأفلام ذات الإنتاج الضخم التى كان يرغب صانعوها فى استرداد الكثير مما انفقوا منذ لحظة العرض!! أو الانتظار شهور حتى تعاود صالات العرض تواجدها، وتحمل المزيد من الخسائر جراء الانتظار والالتزام بالإجراءات الاحترازية.
وسط كل هذه الخسائر يطل السؤال: هل المعضلة فى "2020" أم أن الموقف يتجاوز كوفيد 19 نحو ما بعدها لنرى نقطة انطلاق وتحولات؟؟
بكل وضوح 2020 جعلتنا نعيد الحسابات وكلمة "الحسابات" تعنى كل شيء بما فى ذلك "الفن"، لذلك ستمر الأزمة بكل خسائرها وستظل الأفكار المبتكرة والأسئلة التى تحتاج إجابات حول الإنتاج السينمائى على مستوى العالم وآلياته وتطور دور العرض و "المنصات" التى استطاعت أن تحصد جوائز كورونا.
لقد أطلت علينا "كورونا" بالأزمات والخسائر والتساؤلات التى كانت بحاجة إلى إجابات؛ تلك الإجابات ستشكل أنماط الحياة وبالتأكيد ستنتج "فناً" وآليات خاصة به، وقد نرى سينما أخرى تواكب التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمزيد من الابتكارات المبهرة، ومن يدري؟؟