القاهرة 11 اغسطس 2020 الساعة 10:23 ص
بقلم: محمد حسن الصيفي
لازلنا في أجواء أفلام العيد، جدال عنيف حول "صاحب المقام"
وهل هو عمل أصلي أم مقتبس.
ومع ذلك فالفيلم يناقش أفكارًا مهمة ويستحق الجدال أو بمعنى أدق النقاش الموضوعي، لكني لا يعنيني أمر الفيلم المقتول بحثًا، ما يعنيني فكرة أوسع، يهمني يحيى بطل صاحب المقام وغيره من الأبطال والشخصيات في أفلامنا المصرية وهي تستحق وقفة. الأبطال المصريون أصابهم العطب، هناك مشكلة خطيرة عبر الأجيال في رسم الشخصيات والحبكة وتفجرت بعنف مؤخرًا.
أصبح البطل "سالك في الحديد" وفي أحد الأفلام جاءت جملة معبرة على لسان البطل يقول فيها:
"المصري يشغّل الجن الأزرق" وهذه الجملة تعد قاعدة أساسية في الكتابة هذه الأيام، البطل لا يواجه مشكلات حيث يخطو بطريقة "اللي معاه ربنا يمشي على المية" ولو لا قدر الله واجه مشكلات فإن الحل أقرب ما يكون، يكاد يمد البطل يده فيجده على المنضدة بجواره!
ومع الأسف ضعف الحبكة ورسم الشخصيات لا يشغل أحد، ما يشغل الكل هو التريند وقضية التلامس والمشاهد الغرامية وإلخ من القضية الفارغة الخارجة عن السياق الرئيسي للفن وصناعته، لكن من ينشغل بحدوتة الكتابة؟!
من يتحدث عن جزء خطير من صناعة السينما؟
من يضع يده على المعضلة ويتحدث عن حالة الفهلوة المتفشية في كتابة الدراما والسينما والحبكات المضحكة؟!
البطل مُسخر له الإنس والجن لإنه البطل!
البطل يرتكب أخطاء فادحة وساذجة في القانون ولا يلتفت إليه أحد لأنه بطبيعة الحال نمبر 1 وبالتالي لا يمكن أن يُخطأ وأن يخضع عمله للنقد الموضوعي!
هب المخرجون للعصف بالممثل الذي خرج ليعلن عن رأيه في المشاهد الغرامية، لكن لم يهب منهم أحد حول أخطاء إخراجية قاتلة في الموسم الرمضاني المنصرم، ولم يهب أحد ليتحدث عن عدد الراكورات المخيف في هذه الأعمال التي لا تنطلي على طفل صغير، لا أحد يتحدث عن كسر تابوه ال30 حلقة الذي أصبح بمرور الوقت حشو لا معنى له وهو الذي أشار إليه مؤخرًا النجم أحمد عز في تصريحات متلفزة.
أصبحنا نسير في الإطار الذي يحدده التريند، يتفضل علينا كل يوم بالفول فلا يجوز أن نطالب بطعمية، فالتريند هو ساقية البشر الجديدة، ونستعيذ بالله أن نتحول لمجموعة من الماشية يقودها العبث.
لا أدري أين اختفى النقد والنقاد بالمفهوم الصحيح والواسع. الجميع الآن يشيد بقوة أو يهاجم بعنف والمسألة خاضعة لتشابك المصالح.. وأعداء الأمس أصدقاء اليوم والعكس بالعكس، لكن النقد بمفهومه الحقيقي! بح، ذهب ولم يعد، وعلى ذلك سنظل نناقش قضايا جدلية بعيدة كل البعد عن لب الفن ولب تطوير الصناعة التي تدخل النفق المظلم بارتياح، وأصبح من النادر أن تجد فيلمًا مصريًا جيدًا ومتماسكًا دون استسهال واستظراف واستهانة بعقلية المشاهد، وأصبح من المستحيل أن تجد فيلمًا مصريًا مرشحًا لجائزة عالمية مثل سينمات عديدة كانت في المؤخرة وانطلقت بسرعة مذهلة لتتخطانا وتنطلق بكل أسف وتبتعد بمسافة كبيرة... لا يهم.
المهم الآن أن يعمل شباك التذاكر بكل قوة وكفاءة حتى يستمتع المراهقون بأفلام مسلية في العيد طبقًا لخطة الفيلم التجاري الكلاسيكي المتكرر عبر التاريخ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.. وكل عام وأنت بخير!