القاهرة 11 اغسطس 2020 الساعة 09:32 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
هل الروايات الخالدة ستصبح أفلاما بنفس درجة الخلود أو حتى "النجاح" الجماهيرى أو النقدى؟ وتستمر التساؤلات حتى نصل إلى السؤال عن علاقة الروايات بالأفلام؛ والواقع يخبرنا أن الكثير من الروايات عندما تحولت أفلاماً رفضها كاتبوها، بل وصل الأمر إلى تبرؤ بعضهم من "السينما"، وروايات إحسان عبد القدوس شاركه الكثيرون فى صياغتها سينمائياً حتى إن كاتباً بقدر نجيب محفوظ قام بكاتبة السيناريو والحوار لعدد منها: "أنا حرة" و "بئر الحرمان" و "الطريق المسدود" و "إمبراطورية ميم"؛ بل إن الفيلم الوحيد الذى كتب السيناريو والحوار له إحسان "هذا أحبه وهذا أريده" لم ينل الشهرة والنجاح التى حققتها رواياته التى شاركه فيها سينمائياً آخرون!!
أتذكر ذلك مع ظهور الكاتب إبراهيم عيسى بصفته الصحفية فى فيلم "خيانة مشروعة" لخالد يوسف وطريقته فى الكلام؛ وأردد قد يكون ذلك منطقياً؛ لأنه ليس مثلا ويمارس وظيفته ويتحدث بلسان آرائه السياسية والإنسانية وبخاصة أن ذلك يتناسب كذلك مع "الفيلم"، لذلك مرت تلك المشاركة بسلام!
ولكن مع توالى ثلاثة أفلام له؛ آثار كل منها الكثير من النقاشات والخلافات والاتهامات، لابد من طرح السؤال: هل نجحت أفلام "عيسى" فى اتقان لغة السينما؟
من المنطقى أن يذكر الكاتب آراءه على لسان شخصياته وذلك فى حد ذاته ليس الاتهام؛ ولكن كيفية ذكر تلك الآراء سينمائياً هو السؤال؟ فليس كل كاتب بقادر على التعبير من خلال وسيط آخر بنفس ذات الدرجة، فمقالات إبراهيم عيسى من المعتاد أن تحمل آراءه، ولكن طرح تلك الآراء على شاشة السينما يحتاج أشياء أخرى غير التعبير المباشر عنها. فالمسافة كبيرة بين السينما والرواية وكتابة المقالات، لذلك فالنقد لسينما "عيسى" لابد وأن يكون من خلال ذلك وليس التوقف عند الموضوعات أو الآراء فى حد ذاتها، ولو بدأنا بذلك سنجد الكثير مما يقال.
فقد طرح إبراهيم عيسى من خلال "مولانا" لمجدي أحمد على 2017 و "الضيف" لهادى الباجورى 2019. و "صاحب المقام" لمحمد العدل 2020 العديد من القضايا الشائكة على كافة المستويات؛ لكنها بلغته التى تميل بطبيعة التجربة إلى المقالاتية وتحتاج إلى "الفطام" من أسلوبه وشخصيته لتظهر أكثر وضوحاً، ويمكنها أن تستجيب إلى الوسيط المختلف وهو "السينما"؛ لتنال النجاح والإعجاب بعيداً عن ارتباطها بكاتبها الذى يقلل وجود اسمه من رؤيتها بوضوح والتوقف عند تفاصيل صياغتها السينمائية ومسئولية كل مخرج تعاون معه فى الوصول إلى لحظة "النهاية"، ورصد كافة الإيجابيات والسلبيات، فوجود اسم إبراهيم عيسى ينقل الحوار نحو أشياء أخرى ليس من بينها "السينما".