القاهرة 24 يوليو 2020 الساعة 09:56 ص
حوار : زينب عيسي
الرئيس السيسي أوصل ما إنقطع من علاقات مصرية إفريقية
إنجازات عبد الناصر والسيسي أحدثت نقلة نوعية في تاريخ مصر
لو فشلت ثورة يوليو لأعدم عبد الناصر والسادات ومحمد نجيب
رغم مرور 68 عاما علي أنطلاقها لاتزال ثورة يوليو نموذجا تحتذي به حركات التحرر بالعالم ،و مايزيد عن مائة عاما علي مولد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلا أنه مازال حيا مؤثرا في أذهان وعقول الكثيرين في مختلف أنحاء العالم ، فهو أول من رفع شعارات العدالة الاجتماعية والتحديث والتنمية، كما ساهمت ثورة يوليو في مساندة الشعوب الأفريقية علي تحقيق استقلالها لما لها من تأثير كمد ثوري حقيقي، هذا ما أكد عليه الدكتور خلف الميري أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس واحد أبرز الباحثين الكبار في تاريخ مصر والعالم ،،فيري "الميري" أن ثورة يوليو قد أرتبطت بأهداف وأن أختلف البعض علي تطبيقها أو أتفقوا فقد أثرت بشكل كبير علي شكل المنطقة العربية وامتدت آثارها لمناطق في العالم .
في حواره مع " مصر المحروسة " تحدث الدكتور خلف الميري عن مواصفات الزعامة التي تخلق من رحمها الثورات ،مشيرا الي ان ثورة يوليو تتفق في كثير من أهدافها مع ثورة 30 يونيو ،ولفت الي ان مصر وقيادتها السياسية حاليا تسعي الي وصل الحاضر بما انقطع من علاقات مصرية إفريقية في العهد السابق .كاشفا عن سر بقاء ثورة يوليو ومفجرها الي الآن .
ساهمت ثورة يوليو في النهوض بمصر بين دول العالم، كما لعبت دورا مهما في مساعدة الشعوب الإفريقية في تحقيق حريتها واستقلالها ..كيف يقّيم التاريخ هذه التجربة، وما النتائج التي ترتبت عليها ونجنى ثمارها اليوم؟
كان عبدالناصر مدركا تماما للدوائر السياسية والإستراتيجية لمصر وخاصة العربية الإفريقية والعالم الإسلامي، ودون تناقض بين هذه المكونات الثلاث في انطلاقة أسمى إلى العالم الثالث، وكل من يصبو إلى التحرر والاستقلال، ولكن العلاقة أكثر تلازما في الدائرتين العربية والإفريقية، ولذلك كانت مصر أكثر دعما للحركات التحررية في هاتين الدائرتين باعتبارهما الخاص والخصوصية في اتساق مع التحرر العام من الاستعمار أينما كان ,ولذلك فإن هذا الرصيد من العلاقة الناصرية الإفريقية، مثّلت أرضية مشتركة, تحاول مصر من خلالها حاليا، وقيادتها السياسية في وصل الحاضر بما انقطع من علاقات مصرية إفريقية منذ أدرنا وجهنا بعيدا بعد محاولة تعرض الرئيس الأسبق حسنى مبارك لمحاولة الاغتيال، ولذلك التحية واجبة لما يقوم به الرئيس السيسى وهذا الإدراك الواعي في علاقاتنا بالأشقاء واستعادتها على غرار ما كان أيام الرئيس عبدالناصر، ,والعمل على تطويرها بصورة كبرى، وإذا كنا نقول بأن الأرضية متوافرة فإننا لابد وأن نعترف بأن الظروف الإقليمية والدولية مختلفة ، ربما تبدو الآن أكثر تعقيدا في تشابك المصالح وصراعاتها بين القوى الإقليمية والدولية، ومع ذلك فإن أفئدة الشعوب ووجدانها لا تنسى الماضي بسهولة، وربما استعادت الحنين إليه كلما تقدم العمر، والحمد لله نحن نفتخر وسعداء بالعلاقات الطيبة المتميزة حاليا مع الأشقاء العرب والأفارقة وهذه النجاحات والمكانة الدولية التي تتمتع بها مصر حاليا.
بعد مرور سنوات علي ثورة 23 يوليو ..كيف تثمن دورها ؟
الثورات في تاريخ الشعوب هي ذاكرة الوطن وتعتبر النقلة النوعية التي تحدث فارقا عما قبلها ،ومن ثم تكون لها آثارها الايجابية مثلما لاتخلو كحدث انساني من بعض السلبيات .واذا قيمنا ثورة يوليو 1952 فتعتبر نقلة نوعية فارقة وملهمة في تاريخ مصر وفي مسيرة الثورات منذ ثورة عرابي ،وثورة 1919.
حلم العروبة والقومية العربية ..هل ستحقق يوما ما؟
الأفكار لا تموت ..قد تخفت حينا وتزدهر أحيانا ..والعروبة بدت حلما لدي جمال عبد الناصر والقوميين من قبله سواء كانوا من مصر أو الدول العربية.ولكنه صاغ الحلم إلي مشروع له أهداف جوهرها تجسيد القومية العربية والارتقاء بها وكل عربي ..وسرعان ما تم بلورة ذلك في تجربة ثورية أصبحت معبرة عن العزة والكرامة والتحرر من الخضوع للإستعمار ولذلك سارت في ركابها الملايين عن حب واقتناع.. وبالتالي غدت هذه التجربة الوطنية الإنسانية نبراسا يوقظ المشاعر والوطنية والعزة والكرامة ..وفي نفس الوقت ملهمة..ومن ثم إمكانية تحقيقها في كل زمان ومكان .. ولكنها قد تخفت حينا وتزدهر أحيانا.
وهل تعاظم الثورات الشعور بالانتماء العروبي ؟
العروبة والشعور بها والتفاعل معها متحقق بالفعل وموجود في الشارع العربي..متمثلا في المشاعر والمصالح والمواقف المشتركة علي صعيد الجامعة العربية ومن أمثلتها الباهرة اتحاد العرب في موقف موحد إبان أكتوبر 73 وحظر البترول التي بلورت قدرة الفعل العربي في حرب اقتصادية جنبا إلي جنب مع القدرة والقوة العسكرية التي تحقق بها الانتصار العظيم ،كما ظهر ذلك جليا في ثورة يناير 2011 وتبلور بشكل كبير أثناء ثورة يونيو حيث أتحد المصريون ووقفوا يدا واحدة ضد أخونة الدولة واختطاف الوطن ..ويحدث هذا في التجمعات العربية والمواقف الموحدة ..لكن الآمال تصبو إلي تفعيل التكتل العربي في اتحادات فاعلة علي غرار ما فعلته أوروبا في اتحاداتها العسكرية والاقتصادية والبرلمانية وما إلي ذلك.
ماهي ملاحظاتك علي الحقبة الثورية بعد مرور كل تلك الأعوام ؟
كانت تلك الفترة وفق ظروفها وما اتسمت به من سلوك ونظم حكم اختلفت بطبيعتها عما كان قبلها، فقد كانت نقلة نوعية من الملكية إلي الملكية ، وتحديد ثروات كبار الملاك، ولا أقول الإقطاعيين، لصالح التطبيق وفق المفهوم الاشتراكي، لتعميم وترسيخ المفهوم الاشتراكي.
والتجربة الناصرية شأنها شأن أية تجربة تكون في إطار ظروف عصرها محليا وإقليميا ودوليا، كما أن شخصية الرئيس تلعب دورها باعتبار أثر الفرد في صناعة الأحداث ، وإن كان الحراك العام الشعبي. وما يحققه أو يتحقق له يكن أكثر أثرا وقوة.في الإطار العام
هل التاريخ ظلم جمال عبد الناصر أم أنصفه..وماذا كان سيحدث اذا فشلت ثورة يوليو ؟
التاريخ لا يظلم أو ينصف .. المرء يدخل التاريخ بأفعاله إن كانت سلبا أو إيجابا .. وعبد الناصر أصبحت له مكانته التاريخية، شاء من شئ وأبي من أبي وبالمناسبة كذلك السادات وقبلهما محمد نجيب..ونجيب بالذات لو كانت ثورة 52 فشلت لكان أول من يتم إعدامهم.. رغم أنه لم يكن مؤسس الضباط الأحرار وإنما عبدالناصر.
من وجهة نظرك هل انتهي عصر الزعامات ؟
لكل عصر ظروفه ومعاييره السياسية والشخصية والسلوكية وما إلي ذلك ،وكذلك توجد فروق في الكاريزما من شخص إلي آخر، سواء كانوا ملوكا أ و رؤساء وهناك رجل الدولة وهناك الرئيس الذي يشغل منصبه ويؤديه طبقا لما تقرره المؤسسات، وهناك الذي لديه القدرة الإبداعية غير التقليدية في القيادة..أشياء ومعايير كثيرة، تجعل لكل عصر ظروفه، لكن الزعامة هي من ينجز أعمالا عملاقة تمثل نقلات نوعية في حياة الإنسانية وهذا ما اتفق فيه الزعيمان جمال عبد الناصر والسيسي.
تري أن ثمة تشابه بين ثورة يوليو وثورة 30 يونيو ..حدثنا عن اسباب ذلك؟
هناك تقابلية واضحة بين الثورتين من حيث مواجهتهما للتيارات الدينية المتشددة التي كانت ولاتزال تسعي لاختطاف الوطن لمصالح لاتقترب من قريب أو بعيد عن الدين والوطن ،كما ان ثورة يوليو وان كانت قد قامت ضد الأحتلال والملكية لكن كانت هناك قوي وتيارات ضربتها الثورة في مقتل، وحاولت أن تجهضها لكن لم تقض عليها ثم جاءت ثورة يونيو بالضربة القاضية .فثورة يوليو قامت للتحرر والاستقلال وهو ما سعت اليه ثورة 30 يونيو للتحرر من قبضة الأخوان المتأسلمين .
ومن حيث الدور الذي قامت به كلتا الثورتان ؟
كان لثورة يوليو دور قومي و أقليمي أساسي لكنه تعرض لانتكاسات خاصة في العهد المباركي بل أنتهي هذا الدور ،وقد أستعاد الرئيس السيسي هذا الدور بعد أن فوضه الشعب ليتخلص من المد الأخواني الذي كان يسعي الي اختطاف البلد الي مصير مظلم يسوده الافكار المتطرفة،وفي يوليو 1952 قام الجيش بدور وطني قوي وقدأستمر هذا الدور و تحقق مع ثورة يونيو بشكل قوي .وأستعاد الرئيس السيسي الدور القومي والافريقي كما عاد المد الأقليمي .
من النقاط الهامة التي تتفق فيها الثورتان الأهتمام بملفات المياه ..كيف تجد هذا الأهتمام يصب في مصلحة الوطن؟
أهتم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالعديد من القضايا ابرزها قضية المياه كما اهتم بملفات عدة وأبرزها ملف المياه الذي قدم له حلول ربما تصلح اليوم لحل مشكلة سد النهضة، وكان ذلك في اطار التعاون الافريقي لصالح دول حوض النيل ،واليوم قد عادت مصر الي هذا الحضن تسعي القيادة السياسية بكل الطرق الي ترسيخ أواصر التعاون مع الدول الأفريقية فيما يخص حل مشكلة سد النهضة والسعي لحفظ حق مصر في نصيبها من مياه النيل شريان حياة المصريين.