القاهرة 21 يوليو 2020 الساعة 11:24 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
قد يظن البعض أن "الأناقة" تقتصر على حسن اختيار الملابس وتنسيقها بشكل مميز يلفت الأنظار فحسب وأن من يهتم بما يرتدى قد يختار ملابس باهظة الثمن أو يسعى للابتكار للفت الأنظار، لكن الأنيقة رجاء الجداوى التى رحلت عن عالمنا منذ أيام، عندما ذكرت أنه فى بعض الأوقات لم يكن لديها سوى طقم واحد تقوم بإعداده يوميا لترتديه، نسفت كل الأفكار التى لحقت بالأناقة والتى اعتدناها، والمفارقة أن الكلمة وتنويعاتها اللغوية بها الكثير من مواطن الجمال؛ فالأناقة تتعلق بالحسن والاختيار والتنسيق لذلك فالأمر لا يتعلق بتنويعات كثيرة أو ثروات مادية، لكنها رؤية للحياة أتقنتها "رجاء" فمن يحسن اختيار ملابسه سيمكنه فعل الكثير، ولذلك أحسنت اختيار كل شيء؛ حتى الصمت والابتعاد عن القيل والقال وكافة الأشياء التى لن تأتى بأى خير.
. اختيار "الأنيقة" ما يناسبها من ملابس وأدوار فى كل مراحل العمر ؛ والمقصود أدوار الحياة وليست الدراما فحسب التى شاركت فى كل صورها الإذاعية والتليفزيونية والسينمائية والمسرحية. فلم تكتفِ رجاء الجداوى بأن تكون عارضة الأزياء الأولى فى مصر و"ملكة جمال القطن"، وأدركت فى كل لحظة أن هناك دوماً المزيد، فتلك الإطلالة البريئة فى فيلم "دعاء الكروان" عام 1959 تبعتها الكثير من الإطلالات التى استطاعت أن تحسن انتقاءها جيداً، فقليل من الممثلات استطعن أن يمزجن بين العمر والإطلالة التى تتناسب معه ويتقبلن كافة مراحله ويدركن أن لكل منها جمالها، ولكن "رجاء" أضافت لكل ذلك "البريق"، فالمعتاد أن تحذف الفنانات من عمرهن بعض السنوات لتبدو شابة فى الستين وما بعدها؛ لكنها حافظت على مسافة ما بين العمر والمظهر ورسخت فى ذهننا مفهوم الجمال، فتلك البريئة عندما أطلت من صفحات فيلم "دعاء الكروان" عام 1959، جعلتنا ننتظر عودتها ونعشق بساطتها ونتساءل هل يمكن أن نمنح أنفسنا هذا "المظهر" المشرق دوما؟
لقد أدركت ذلك منذ بدء عملها كمترجمة وتجولها بين البلاد والثقافات؛ فإتقانها لعدة لغات جعلها ترى وجوه الحياة الأخرى، وذلك ما أسهم فى دعمها نحو حسن "الاختيار" كسلوك ومظهر وردود أفعال، واستطاعت أن تقبل كل أقدارها واللحظات المرة قبل الحلوة فصنعت جنتها وكانت كذلك جنة للآخرين. مشوار رجاء الجداوى لم يكتفِ بمجال فنى؛ فقد اتسعت دائرة الأعمال لتقترب من 400 عمل فنى إذاعى وتليفزيونى وسينمائى ومسرحى، كانت تعمل حتى النهاية وتحب بنفس القدرة على العطاء ومنح الحب. لقد أحبت أقدارها وحاولت "تنسيق" كافة الاختيارات وتقبلت نتائج الاختبارات بصدر رحب فعاشت دوماً فى كل الأذهان بصورتها "الأنيقة".