القاهرة 14 يوليو 2020 الساعة 10:08 ص
بقلم: أشرف قاسم
كيف يشتبك المبدعُ مع الواقع الراهن دون أن يفقد توهجه الإبداعي؟ ودون أنْ ينال هذا من طزاجة رؤيته؟ ومِن مُرتكزات خطابه الشعري؟ وتقنياتِ تعامُلِه مع اللغة؟ وكيف يكتب نصَّاً مفتوحاً على الاختلافِ والتأويل؟
إن من الإنصاف أن نعترف أن شعر العامية بالفعل هو سيد المشهد الشعري الآن، ولعل ظهور أصوات شعرية مختلفة خلال العقدين الأخيرين لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة طبيعية لمعايشة هؤلاء الشعراء لتجارب الأساتذة السابقين منذ بيرم التونسي وصلاح جاهين وعبد الرحيم منصور ونجيب سرور وأحمد فؤاد نجم والأبنودي وغيرهم ممن تركوا بصماتهم على تجارب الأجيال التالية، فرأينا مجدي الجابري و محمود الحلواني و مسعود شومان و سعيد شحاتة وغيرهم من الأبناء الحقيقيين الذين ساروا على هدى الآباء مع استقلالية تجربة كل منهم.
و لا شك أن تسيد شعر العامية للمشهد الشعري يعود إلى سببين:
أولا: بساطة النصِّ العامي وقربه من المتلقي غالبًا؛ إذ ترتكز قصيدة العامية على ركيزة مهمة هي "البساطة"، حيث يستطيع القارئ العادي أن يتفاعل معها وتصلح لأن تكون مادة للغناء بما تتمتع به من صفاء اللغة وانسيابية الصور وتدفق الأخيلة.
ثانياً: ضعف أغلب ما يُقَدَّم من نصوص الفصحى وعدم التجديد بما يتلاءم مع مقتضيات العصر، على الرغم من وجود بعض الأصوات المختلفة التي تكتب قصيدة الفصحى، ذات تجارب مهمة، أمثال حسن شهاب الدين، و ياسر أنور، ونادي حافظ وغيرهم، ولكن ربما تكون صعوبة اللغة أو غرابة الصورة الشعرية أحياناً هي العائق في التواصل بين المبدع والمتلقي.
هذا إلى جانب ضعف المستوى الثقافي بشكل عام لدى الجمهور، ومن هنا استطاعت قصيدة العامية أن تحفر لنفسها طريقاً في وجدان المتلقي ببساطتها وقربها من رجل الشارع.