القاهرة 01 يوليو 2020 الساعة 10:34 م
كتبت: زينب عيسي
يستغرب المار بقصر البارون التحفة المعمارية الكائنة بمنطقة هليويوليس بمنطقة مصر الجديدة أحد أهم الأحياء الراقية في مصر من مظاهر الإهمال التي طالت هذا البناء القديم الأسطوري، الذي بُني في عام 1911، وظل مهملاً أغلب فترات التاريخ، وأرتبط بالحكايات الخرافية والأساطير منها كونه مسكونا بالجن والعفاريت و شهد مصرع أخت البارون البلجيكي إدوارد إمبان مؤسس القصر بسبب سقوطها من إحدى الشرفات.
ورغم سعي الدولة في فترات سابقة للعناية بالقصر، لكنه لم يحظ أهتماما علي مستوي الترميم والحفاظ عليه كأثر شاهد علي نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ويعد تحفة معمارية متفردة تضم عدداً من التماثيل الهندية والزخارف الفريدةوالتي تعتبر مزيجاً من إحياء الطرز التاريخية، والولع بالشرق موطن الأديان والأساطير والغموض.
إعادة ترميم القصر:
وقصر البارون يستعد لاستقبال الجمهور لأول مرة بشكل رسمي حيث افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ان تم تأجيل الإفتتاح الذي كان مقدرا له فبراير الماضي وحالت ظروف فيروس كورونا دون ذلك، حيث جرى العمل بوزارة الآثار على وضع اللمسات الأخيرة تمهيداً لافتتاحه أمام الجمهور ، وذلك بعدما أنهت أعمال الترميم، والانتهاء من أعمال التدعيم الإنشائى لأسقف القصر وترميمها وتشطيب الواجهات والعناصر الزخرفية الموجودة به، واستكمال النواقص من الأبواب والشبابيك ونزع جميع الأسقف والكرانيش، البدء فى أعمال رفع كفاءة الموقع العام للقصر وتنسيق الحديقة الخاصة به، وبلغت تكلفة أعمال المشروع 100 مليون جنيه، وتخطط الوزارة لتحوله إلى مركز توثيق أثرى بالأيام القادمة.
ويعود بناء قصر البارون إلى مؤسسه البارون ادوارد امبان وهو مليونير بلجيكي جاء من الهند إلى مصر عام 1904، وكان لديه رغبة في العيش بمنطقة هادئة في القاهرة، وعشق البارون مصر وخصوصًا آثارها، فقرر شراء أراضي صحراوية في الجهة الشرقية من العاصمة القاهرة تحت اسم" مدينة الثراء" وأوكل التصميم للمهندس الفرنسي "ألكسندر مارسيل" وأنهاه عام 1911م؛ حيث أسسه على مساحة 12.5 ألف متر، وصمم بحيث لا تغيب عنه الشمس، حيث تقتحم أشعتها جميع حجراته وردهاته تحمل شرفاته على تماثيل الفيلةِ الهنديّة، وينتشر العاج داخل القصر وخارجه وتعلو نوافذ القصر وتنخفض مع تماثيل بوذيّة وهنديّة.
أما داخل القصر فهو عبارة عن متحفٍ يحتوي على تحف وتماثيل من المعادن النفيسة، كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن.
أشباح وصراخ:
وارتبط "قصر البارون"بكثير من الحكايات لجيران مجاورين للقصر وتدور الحكايات حول سماع أصوات لنقل أساس القصر بين حجراته المختلفة في منتصف الليل، والأضواء التي تضيء فجأة في الساحة الخلفية للقصر وتنطفئ فجأة أيضا، كما أن هناك حرائق تندلع فجاة في بعض الغرف وتنطفئ وحدها بعد فترة. كما أن هناك أشباحا لا تظهر في القصر إلا ليلا، وربما ما أدي إلى زيادة الغموض هو مقتل أخت "البارون" -البارونة "هيلانة"- بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية وقتما كان يدور البارون ببرج القصر ناحية الجنوب، وتوقفت القاعدة عن الدوران في تلك اللحظة بعدما هب البارون لاستطلاع صرخات أخته، وكانت هذه هي الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من غرفة أخت البارون لغرفته الشخصية.
نوبات صرع:
ويرجع البعض قصص الأرواح التي تناقلتها الأجيال عبر السنوات إلى حياة البارون التعسة حيث أصيب بعرج ظاهر في قدميه، بالإضافة إلى كونه مريضا بالصرع، وكثيرا ما كانت تنتابه النوبات الصرعية فيقع في حديقة قصره وتشرق عليه الشمس وكلبه يقف بجانبه إلى أن يفيق، فالبارون لفرط صرامته لم يكن يستطيع أحد من الخدم الاقتراب منه إلا بأمره، حتى لو كان ملقى على الأرض فاقد الوعي.
وقد توفي البارون إمبان عقب معاناة مع مرض السرطان في بلجيكا في 22 يوليو 1929، ليدفن هناك، قبل أن يعاد دفنه مرة أخرى في مصر بعد الاطلاع على وصيته بأن يدفن في مصر، حيث دفن أسفل كنيسة البازليك بمصر الجديدة بالقاهرة، والتي كان يتردد أنه يربطها بقصره من خلال نفق تحت الأرض..
الغرفة المحرمة:
يعود السبب في الغموض الذي يحيط بالمنزل أنه يوجد في القصر غرفة حرّم "البارون إمبان" دخولها حتى على ابنته وأخته البارونة "هيلانة" وهي الغرفة الوردية ببدروم القصر، وهذه الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب الطويل الممتد لكنيسة البازيليك والتي دفن فيها البارون بعد موته.
عبدة الشيطان:
وبسبب الأهمال في تأمين قصر البارون تمكنت مجموعة من الشباب صغير السن من الدخول إلى القصر خلسةً في الليل عام 1997، واستغلوه لتنظيم حفلات موسيقى "الهارد ميتال" الصاخبة والرقص عليها بطريقة هيستيرية، وأشاعت الصحف أنهم من "عبدة الشيطان" وتم القبض عليهم، وهو ما زاد من الشائعات المثارة حول القصر؛ حيث تركوا علامات وكتابات وشوهوا منظر القصر، ومنذ ذلك الحين لم يتم أي ترميم للقصر والكتابات والعلامات التي تركوها كانت موجودة، حتى بدأت وزارة الآثار في مشروع ترميم متكامل للقصر يستغرق عاما ونصف العام.
القصر والفن:
كما شهدت أروقة القصر تصوير عدد من الأفلام المصرية منها : فيلم "الهارب" للفنانة شادية وحسين فهمي وكمال الشناوي في عام 1974، وفيلم "آسف على الإزعاج" حين ظهر بطلا الفيلم أحمد حلمي ومنة شلبي داخل القصر. وصور
وصور الفنان محمد سعد بعض مشاهد فيلمه "حياتي مبهدلة" داخل القصر، وصورت دنيا سمير غانم ومحمد حماقي داخله مشاهد أغنية من "مسلسل لهفة"، كما صور المطرب محمد الحلو أغنية بطريقة الفيديو كليب قرب القصر.