القاهرة 23 يونيو 2020 الساعة 11:09 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
لم تمر لحظات بعد التخمينات والإشاعات والتصريحات حول إنتاج مسلسل تليفزيونى يتناول السيرة الذاتية للفنان أحمد زكى، إلا وتوالت الهاشتاجات والمعارك فى كل الجبهات؛ وكأن ذكر اسمه كان كافياً ليشعل الحروب حباً فيه وحرصاً عليه، فقد اعتبره البعض ملكا له لابد أن يدافع عنه فى غيابه، وجاءت "الخناقات"؛ تارة اعتراضاً على اختيار الفنان محمد رمضان لأداء الشخصية، وأخرى تطرح اسمي عمرو سعد وآسر يس للأداء، والأكثر طرافة ما ذهب بعيداً نحو طرح اسم لكل مرحلة فى حياة أحمد زكى بدعوى أنه لن يستطيع أحد النجاح فى تلك المهمة!! أما الأكثر مفارقة فهو الاعتراض على تقديم مسلسل عن حياته رغم أن "أحمد" كان فى هذا الملعب هو الأستاذ!!
فقد عشق اللعب بالشخصيات والدخول فى خفاياها، وكأنه الطفل الذى يحمل قدراً من البراءة يجعله مستمتعاً بأداء كل هؤلاء.
لقد ذكر مصور المشاهير فاروق إبراهيم فى أحد الحوارات أن أحمد زكى أراد أن يبهر الحاضرين بقدرته على أداء عبد الحليم الحافظ، وبالفعل استحضر روحه فى لحظات لدرجة أحس خلالها "فاروق" أن العندليب يمشى بجواره!! ولم يكن عميد الأدب العربى سوى مباراة نجح فيها زكى لدرجة أنستنا أن طه حسين لم يكن ذلك الأسمر!!
لقد بدأ "أحمد" مبكراً حالة المراهنة على أداء الشخصيات مع طه حسين فى مسلسل "الأيام" الذى صاغته أمينة الصاوى وأنور أحمد ويوسف جوهر وأخرجه يحيى العلمى ، وكان الختام فيلم "حليم" لمحفوظ عبد الرحمن وشريف عرفه الذى حارب فيه الموت، ولتجعل الأقدار أحمد زكى يواجه "الهزيمة" وهو يسير على حبل مشدود مواجهاً المرض والموت اللذين كانا "الأقوى"، ولتصبح مشاهد جنازته جزءاً من الفيلم!!
أحب البعض أداءه للشخصيات؛ سواء طه حسين أو ناصر وبعده السادات حتى إن المقربين لهم شعروا أنه بعث بأرواحهم على الشاشة فى لحظات، ورآه آخرون مجرد "مشخصاتى" فى تلك الأعمال؛ خاصة فى فيلم "السادات" لأحمد بهجت والمخرج محمد خان.
ومع كل هذا التجاذب، يقف الحب لأحمد زكى كحجر تتعثر أمامه كافة الاقتراحات و المحاولات ويواجه فى كل لحظة بمزيد من الهجوم، فالبعض يخشى مجرد "الكلام" عنه لدرجةٍ جعلتهم ضد العمل ككل مهما كان، تلك الاختلافات والمشاحنات جعلت الكاتب الكبير بشير الديك الذى سيقوم بكتابة حلقات المسلسل يؤكد أنه سيميل دوما إلى الإنسان ومعاناته طوال مشواره الفنى وطبيعة شخصيته والتحديات التى واجهها ولن يهتم بما أطلق عليه "النميمة"؛ خاصة أنه كتب بعض أهم أعماله وهى: طائر على الطريق، موعد على العشاء، النمر الأسود، ضد الحكومة.
اختلف الكثيرون حول أداء أحمد زكى للشخصيات، مثلما اختلفوا حول عمل عن حياته؛ لكن الجميع عشقوه بريئاً ومهماً وهارباً وخائفاً ويتيما.. ولاعباً بالبيضة والحجر!!