القاهرة 02 يونيو 2020 الساعة 12:11 م
ماذا يعنى هذا للناس فى الكوارث الإنسانية؟
ترجمة: سماح ممدوح حسن
الآن، أصبح فيروس كرونا يتنقل عبر القارات الست. وهذا من الشواغل الرئيسية لأولئك البشر الضعفاء للغاية، والذين هم بالفعل آسرى حالات طوارئ إنسانية مستمرة، مثل هؤلاء الموجودين فى سوريا، وجنوب السودان، ولاجئيين الروهنجا.
بالنسبة لهؤلاء البشر الذين يعيشون تحت حالات الطوارئ هذه، ستكون استجابة الصحة العامة بالنسبة لهم تحديا. لكن هناك عامل آخر تم تجاهله إلى حد كبير، وهذا العامل هو، دور الشبكات الاجتماعية للأشخاص وكيف تؤثر هذه الشبكات الاجتماعية على الوباء.
فى وقت الأزمات، سواء كان التهديد جفاف شديد، أو فيضانات، أو مجاعات، أو الصراعات، أو النزوح، فإن الناس عادة يلجأون طلبا للمساعدة، فى المقام الأول إلى شبكاتهم الاجتماعية. فى العديد من البلدان أظهرت الأبحاث إن الترابط الاجتماعي هو المصدر الرئيسي (فى بعض الحالات ربما المصدر الوحيد) للمساعدة التى يمكن أن يحصل عليها الناس العاديون فى وقت الأزمات. والمساعدة فى هذه الشبكات عادة تشمل الغذاء، والمأوى، والمال والمساندة، والتوظيف، والدعم العاطفى، والمعلومات، و المشورة.
لكن ماذا سيحدث عندما يكون التهديد متضمنا لهذه الشبكات الاجتماعية ذاتها؟ ماذا سيحدث لمصدر الدعم الذى تعّلم الناس الاعتماد عليه؟ ماذا سيحدث عندما يتأثر الجميع وتهدد صحتهم وسبل عيشهم؟
الوباء العالمي الحالي، هو وضع غير مسبوق، حيث سيصبح مورد البقاء لأضعف الناس فى العالم "شبكاتهم الاجتماعية" عرضة للخطر والمخاطر الإضافية، لأن الفيروس يتنقل بين الناس.
وهذا له آثار ضخمة على الاستجابة لهذا الوباء. وكيف سيضاعف هذا من أثر الأزمات الإنسانية القائمة؟
الشبكات الاجتماعية فى خطر
خلال سلسلة الصدمات التى ضربت الصومال (الجفاف والتضخم والصراع) فى عام 2011 تعثرت وكالات الإغاثة بسبب القيود المفروضة من "حركة الشاب" الحركة الإرهابية التى تسيطر على معظم المناطق المتضررة. وبتشريعات مكافحة الارهاب فى الدول الغربية المانحة، والتى تجّرم المساعدات التى تصب فى النهاية فى أيدى الجماعات الإرهابية. ونتيجة لذالك، تأخر وصول معظم المساعدات الرسمية التى من شانها تجنيب الأزمة، لكن الأزمة خرجت عن نطاق السيطرة وحدثت مجاعة أدت إلى موت ربع مليون شخص.
وقد ظهر بالبحث، أن فى أغلب المناطق المتضررة كانت هناك شبكات اجتماعية يرجع إليها الأشخاص على الأغلب. أما هؤلاء الأشخاص الذين كانت لديهم شبكات اجتماعية أقوى، خاصة من الأشخاص خارج المناطق المتضررة، أو التى لا تخضع لنفس المخاطر، هؤلاء كانوا الأفضل فى التعامل مع الأزمات.
تدعم الشبكات الاجتماعية أعضائها بشكل أفضل عندما يتأثر بعض الأشخاص فقط فى هذه الشبكة بتهديد معين. فالأشخاص الذين كانت لهم شبكات ممتدة فى الشتات العالمي للصوماليين.. هؤلاء كانوا قادرين أكثر على التعامل مع الأزمة بشكل أفضل من من أولئك الذين كانت شبكاتهم الاجتماعية فقط من أشخاص يعانون من نفس المصير، فهؤلاء سرعان مانفدت منهم الموارد ولم يعودوا قادرين على دعم الأشخاص أكثر.
الآن، يُعد الاعتراف بالتضامن الاجتماعي وحمايته أكثر أهمية من أي وقت مضي. لكن حتى مصادر الدعم البعيدة جسديا معرضة للخطر خلال هذا الوباء.
على عكس الأزمات السابقة، حيث تم حشد الروابط الاجتماعية خارج المناطق المتضررة وتم تعبئتها جميعا على الفور لتقديم المساعدة، هذا الوباء لا يعرف الحدود، فالأشخاص فى خارج الحدود هم أيضا معلقون فى هذا الإغلاق ومعرضون للاصابة بالفيروس مثل اللاجئين العالقين فى المخيمات أو النازحين. وهم أيضا تعطلت سبل عيشهم بشدة.
بناء الشبكات الاجتماعية
سوف يؤثر الوباء أيضا على قدرة الأشخاص على إقامة روابط اجتماعية جديدة والحفاظ على الروابط الحالية.
خلال الأزمة الأخيرة فى جنوب السودان أظهرت الأبحاث أن الأسر فى أغلب الأوقات يعتمدون على أقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم، وسبل العيش غير الرسمية ومؤسسات المجتمع، فى أوقات الحاجة.
حين أدى النزاع والنزوح وانفصال الأسرة إلى تعطيل أنظمة دعم الأسرة، ظهرت أشكال جديدة من الروابط الاجتماعية. ومثل هذا حدث فى سوريا، حيث كانت الروابط الاجتماعية حاسمة فى نجاح عملية التأقلم، والتكيف لكسب العيش خلال النزاع، خاصة فى المناطق المحاصرة والمكتظة بالسكان.
حتى فى هاييتي والتى كان لها حضور مكثف فى جهود المساعدات الدولية، فغالبا ما تكون الشبكات الاجتماعية هى الوسيلة الوحيدة للبقاء. فبعد زلزال هايتى2010 وفى خضم المساعدات الدولية، إلا أن معظم الهايتيين اعتمدو على بعضهم البعض من أجل النجاة والتعافى.
ما هو آت
سيتعين على العاملين فى المجال الإنساني، على المستويين المحلى والدولى، الانتباه إلى ما يفعله وباء كهذا، ليس فقط لبرامجهم الخاصة، ولكن أيضا الانتباه لصنع شبكات اجتماعية. والتى لا نعرف فى الواقع ما هى الآثار الذى سيخلفها.
فى أثناء اجتياح وباء الإيبولا، فى غرب إفريقيا، أثرت الوصمة، والشائعات، وأثرت القيود المفروضة على الحركة اقتصاديا واجتماعيا، خاصة على الاجيين والعاملين بالمجال الصحي.
وبالمثل مع وباء الكوفيد 19، على الأرجح سيقدر الناس على حشد شبكاتهم الاجتماعية، شخصيا بالتأكيد، وأيضا من خلال الاتصالات البعيدة. لكن ما هى الطرق ومن سيكون أكبر المتأثرين بهذا، لا نزال قيد المراقبة لنعرف هذا.
فى وقت الأزمات، يمكن أن يصبح وجود الناس مسؤلية. فالوباء العالمي الحالى هو وضع غير مسبوق، حيث سيصبح نسيج البقاء لأضعف الأشخاص فى العالم، هو شبكاتهم الاجتماعية والتى يمكن أن يصبح كلاهما عرضة للخطر والمخاطر الإضافية. يحتاح المجال الإنسانى للعمل بسرعة لتفهم الأثار والتأقلم مع هذه الأزمة التى تحدد أساليب عملنا بطرق عدة.
نشر فى موقع the conversation29 مارس.
https://theconversation.com/covid-19-compromises-social-networks-what-this-means-for-people-in-humanitarian-crises-134676