القاهرة 19 مايو 2020 الساعة 12:04 م
الضعفاء يعانون من آثام الأقوياء
تأليف: إيسوب
ترجمة: سماح ممدوح حسن
كان يا ما كان. فى زمن ما تفشى وباء الطاعون بين الحيوانات. نفق الكثير منها، أما من عاش فكان فى حالة إعياء شديدة، لدرجة أنهم لم يهتموا بالأكل ولا الشرب، فقد مضوا يجرون أنفسهم بلا مبالاة. حتى لم تعد الدجاجة الصغيرة السمينة تغري السيد ثعلب ليتعشى بها، ولا لحم الضأن المشوي يمكن أن يغري شهية السيد ذئب الجشع.
أخيرا، قرر الأسد عقد اجتماع. وعندما اجتمعت كل الحيوانات معا، وقف الأسد وقال لهم:
"أصدقائي الأعزاء. أنا مؤمن أن الآلهة قد أرسلت إلينا وباء الطاعون كعقاب لنا على خطايانا؛ لذا يجب على أكثرنا ارتكابا للذنوب أن يقدم أضحية، لعله بذلك يعطى للجميع من بعده فرصة الغفران والشفاء.
وسوف أعترف بذنوبي أولا. أعترف إنى كنت جشعا وأكلت الكثير من الأغنام التى لم تؤذنى فى شيء. لقد أكلت الماعز والثيران والأيل. وحتى أكون صادقا، لقد كنت آكل الراعي من حين إلى آخر.
الآن، إن كنت أنا أكثركم ذنبا فسوف أقدم نفسي كأضحية، لكني أرى أنه من الأفضل أن يعترف كل واحد منا بخطاياه كما فعلت أنا. وحينها يمكننا أن نقرر وبكل عدل، من هو أكثرنا ارتكابا للذنوب".
وقف الثعلب وقال:
"جلالتك. أنت طيب للغاية. هل يكون أكلك لهذه الخراف والأغنام الغبية جريمة؟ لا، لا. جلالتك. أنت قدمت لهم شرفا كبيرا بأكلك لهم. وفيما يتعلق بأكلك للرعاة، فإننا جميعا نعلم أنهم ينتمون إلى العرق الصغير الذى يتظاهرون بأنهم أسيادنا".
صفقت كل الحيوانات للثعلب بصوت عالِ. وبعدها، وعلى الرغم من أن النمر، والدب، والذئب، وكل الحيوانات المتوحشة اعترفوا بأفعالهم الشريرة، إلا أنهم أعفوا جميعا من هذه الأفعال كما فعلوا مع الأسد، وظهر الجميع أبرياء كما لو كانوا قديسين.
حتى جاء دور الحمار فى الاعتراف، حيث قال:
"أتذكر يوما ما، بينما أنا أمر بحقل يمتلكه أحد الكهنة، وقد أغراني منظر الحشائش قليلا، وكنت جائعا لدرجة أنى لم أستطع مقاومة الإغواء وقضمت القليل من هذه الحشائش. لم يكن لدي الحق فى هذا، أنا أعترف".
ضجة كبيرة تصاعدت من الحيوانات قاطعت كلام الحمار، وهنا كان الجاني الذى جلب لهم جميعا كل هذا النحس! يا لها من جريمة مروعة أن تأكل من عشب لا تمتلكه! وكان هذا الذنب فقط كافيا لإعدام أي شخص أكثر من الحمار.
وسرعان ما انقضوا جميعا عليه، وكان الذئب أولهم، والذي أنهى حياة الحمار سريعا وضحى به للآلهة هنا وهناك، ودون حتى أن يقيموا له طقوس المذبح!