القاهرة 10 مايو 2020 الساعة 10:56 م
كتب: محمد علي
في بداية كل موسم رمضاني نمني أنفسنا بأن يكون بعض المنتجين قد تخلوا عن وجهات نظرهم في الإصرار على العمل الممتد لثلاثين حلقة، ولأسباب الدعاية والتوزيع تستمر شركات الإنتاج في استخدام نفس النهج الذي قد يكون كما يقال باللغة الدارجة مات وشبع موت؛ فلا أحد الآن من العاملين في مجال صناعة الفن يستطيع أن يكتب سيناريو وحوار لعمل درامي يمتد لثلاثين حلقة ويظل ممسكا بتلابيب ووحدة البناء الدرامي للعمل، وبما أن منتج العمل يكون شرطة الأول هو استمرار العمل لشهر كامل يضطر الكاتب السيناريست للجوء إلى إضافة مشاهد وشخصيات ثانوية بحوارات في الأغلب تضر بالعمل أكثر مما تفيد، وهذا ما يعرف باسم الحشو والطويل.
منذ الموسم الرمضاني السابق وكل المهتمين بصناعة الفن في مصر ينتظرون المسلسل الذي يعمل عليه نجم الدراما المختلفة دائمًا عما هو سائد يوسف الشريف متعاونًا مع الكاتب السيناريست عمرو سمير عاطف والمخرج ياسر سامي وبإنتاج ضخم من شركة سينرجي لصاحبها تامر مرسي.
ومع ظهور التريلر الأول لمسلسل تبين تصنيف العمل على إنه خيال علمي، وسريعًا انقسمت الآراء حول مؤيد ومعارض لما يعرضه يوسف الشريف من الأصل وليس عن متن العمل، ونحن هنا سوف نناقش المسلسل على حسب ما عُرض منه حتى الحلقة السادسة عشر في تقرير بسيط وصغير لا نهدف فيه إلقاء اتهامات بالفشل على أحد ودون أن نمجد أحد؛ فقط نناقش العمل في سطور قليلة.
• تصوير مبهر، إخراج لا يمت للخيال العلمي بأية صله شأنه شأن الكتابة:
بدايًة من الكتابة والتي من المفترض أنها تحكي قصة العالم بعد مائة عام من الآن وبعد أن نشبت حرب بين الذكاء الاصطناعي والبشر تغير بسبها شكل العالم وأصبح منقسما لما يعرف باسم التكتل وهو ما تسيطر عليه منظمة تُعرف باسم "إنرجي كو" بكونها هي ما تمتلك الموارد والطاقة التي يعيش بفضلها الناس، ومنذ الحلقة الأولى يفسر المسلسل فكرته والتي كانت من المفترض أنها تدور حول مشكلة الطاقة وأهمية التعليم للإنسان، وكانت تعد شخصية "زين" حجر الزاوية في هذه الفكرة حيث هو من يعمل على ابتكار حجر طاقة يعمل بالشمس، كما أنه يساهم في الدور التعليمي الذي تحاول أن تقضي عليه المنظمة.. كل هذا جميل ويعد من الحلقة الأولى للخامسة مسلسل مبشر..
حتى تتنحي كل هذه الأفكار جانبًا ويتمحور المسلسل حول الصراع على من يمتلك شخصية وعقل "زين" وهذا على أصعدة مختلفة لا تتحد في بناء درامي مما يسبب التشويش الفكري للمُشاهد العادي الذي يريد فقط أن يشعر بالحبكة الدرامية، فما بين التنافس بين "رضوي" زوجته و "صباح" التي تحبه حتى أنها أقدمت على ارتكاب جريمة تصنيع روبوت، وبين الصراع حول من يستطيع أن يُصنع حجر الطاقة الشمسية فيما بين "إنرجي كو" أم "الواحة"، وبين شخصيات تظهر فقط حتى يتم ملئ وقت الحلقات لا نعرف لها مبرر درامي؛ ضاعت الفكرة وابتعد المسلسل عن تصنيفه الخاص.
وبالنظر لوجهه نظر ياسر سامي الإخراجية ربما لا نجد الكثير للحديث عنه سوي الاختيار الجيد لأماكن التصوير وأسلوب سامي المبهر في إخراج صورة جيدة من خلال تكوينات رائعة تمتع عين المُشاهد حقًا لكنها لا تعبر بالضرورة عن تفسير واضح لفكرة المسلسل ولا تقدم تسلسلًا للأحداث المتشعبة والكثيرة، حتى أننا أيضًا يمكن أن نقول أنه لم يستطيع أن يوضح لنا ما أراد أن يقوله لنا من خلال شخصيات العمل وهذا ربما يعد عدم فهم أو إلمام جيد لقراءة النص المكتوب قبل البدء في التصوير.
إذن هل المسلسل كله عيوب وكل الضجة التي حدثت قبل عرضة ما هي إلا نوعًا ما من الدعاية؟
ربما كانت الضجة نوعًا من الدعاية، ولكن الأكيد وعلى الرغم من الكتابة الركيكة وأسلوب الإخراج المتواضع إلا أن الصورة البصرية للعمل تعد من أجمل وأتقن الصور التلفزيونية في الدراما منذ زمن طويل وهذا يبشر كما يعبر عن مدى التطور الذي يلحق بالصناعة ومدي وعي القائمين عليها بأهمية الدور التكنولوجي في خلق صورة جذابة وعالية الجودة.
كما أن الأداء التمثيلي لكل من الفنان عمرو عبد الجليل في شخصية "عزيز"، سهر الصايغ في شخصية "صباح"، أحمد وفيق في شخصية "السيد مؤنس" والشاب محمود الليثي في شخصية "سعادة" يعدون من أهم وأبرز ما يجسدون ادورهم في دراما رمضان لهذا الموسم.
وهنا سوف ننهي على سؤال سوف ننطلق منه في استكمال التقرير بعد انتهاء المسلسل، هل يكفي المسلسل الصورة المبهرة والاعتماد على ممثلين استطاع كل منهم أن يقدموا أفضل ما لديهم فقط لا غير؟
نأمل أن يكون القادم كفيل بأن يغير من وجهة نظرنا نحو العمل، وفي النهاية نتمنى أن يستمتع المشاهد بدراما رمضان محافظًا على نفسه بتجنب التجمعات والالتزام بتعليمات منظمة الصحة العالمية.