القاهرة 28 ابريل 2020 الساعة 01:27 م
مقال بقلم : أشرف قاسم / مصر
في 2009 قامت صحيفة أخبارالأدب المصرية بعمل ملف بعنوان "الشعر . . الفرح المختلس" وخيرًا فعلت بفتح هذا الملف الأهم في ظل دعاوى"زمن الرواية" و "احتضار القصة القصيرة" تلك الدعاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي يروج لها البعض من مشعلي الحرائق وأصحاب المصالح الشخصية واسمحوا لي أن أعقب على بعض ما احتوى عليه هذ الملف .
بداية ليس صحيحًا "أن الرواية بديل منطقي لغياب الدواوين اللافتة" فهي جنس أدبي يختلف كلية عن الشعر - ربما تتنافس مع القصة القصيرة لكنها لا تستطيع أن تكون بديلًا للشعر .
إذا اعتبرنا جدلًا أن الشعر يحتضر-وهذا قول يحتاج إلى كثير نظر،إذ إن الشعر بخير - فإن الشللية آفة حياتنا الثقافية هي السبب الحقيقي لحجب الأصوات المختلفة عن الساحة الأدبية، فأغلب هذه الأصوات المختلفة يعيش في الأقاليم وليس لهم "ظهر" في القاهرة فكل ما يستطيع أن يفعله المبدع هو أن يقتطع من قوت أولاده لينشر ديوانه في طبعة محدودة من 200 إلى 500 نسخة
وبعد أن يطبع الديوان على نفقة الشاعر يوزع كهدايا على الأصدقاء فلا تصل نسخه إلى النقاد، وإن وصلت فنصيبها الإهمال والتجاهل فصاحب الديوان مجهول ولا تربطه علاقة بالناقد فلماذا يكتب عنه ؟
ولو فتحنا مخازن الهيئة العامة للكتاب و هيئة قصور الثقافة لوجدنا مئات بل آلاف الدواوين "اللافتة" لشعراء حقيقيين في انتظار النشر منذ سنوات طوال وأغلبهم من الأقاليم الذين لا يربطهم بالقاهرة سوى "طابع البريد" .
وعلى الرغم من كل هذه المعوقات فقد حقق بعضهم بجهده الفردي ذيوعًا وانتشارًا وحصل على جوائز كبرى وشهادات تقدير من أمثال "عزت الطيري،أحمدصلاح كامل ،السماح عبدالله،يس الفيل،محمدالشهاوي،عبدالله شرف،فتحي سعيد . . وغيرهم
صحيح أن رواد المكتبات صاروا يخاصمون الدواوين الشعرية لأن الأغلب من القراء لا يتوائم مع " قصيدة النثر " من جهة ومن جهة أخرى لا بد أن نعترف بصعوبة الولوج إلى عالم الشاعر على عكس الروائي الذي يرسم أحداث روايته بعقلانية يتوائم معها المتلقي.
وتكقي تجربة الشعراء محمد الشهاوي وحسن شهاب الدين وعلاء جانب وأحمد بخيت للتدليل على صدق رؤيتي.
ثم لنا أن نتساءل ، إذا كانت قصيدة النثر ضرورة تاريخية كما يدعي البعض فلماذا يتمسك بعض الشعراء الكبار بالقصيدة العمودية والتفعيلية مثل عبداللطيف عبدالحليم أبو همام و أحمدغراب و يس الفيل وأحمدبخيت وحسن شهاب الدين وغيرهم ؟ ألا يريدون أن يدخلوا التاريخ ؟
الشاعر أحمد طه أكد على وجود سببين لتراجع النقد الأدبي بصفة عامة وليس نقد الشعر فقط :
(1) انعدام الحرية في المجتمع
(2) عدم وجود مجلات أدبية متخصصة ترصد الواقع الأدبي حاليًا .
وكأن الشاعرأحمدطه قد وضع يده على موضع الداء فلو تأملنا ما يصدر من مجلات أدبية متخصصة لن نجد سوى مجلة "الشعر" و تصدر فصلية ، ومجلة" الثقافة الجديدة "و"أدب ونقد" و" إبداع " التي توقفت وعادت أكثر من مرة ،وتهيمن على صفحاتها أسماء بعينها تتكرر في كل أعدادها ، إلى جانب "أخبار الأدب "
إذن لابد أن نعترف أن أزمة الشعر سببها غياب النقد في المقام الأول إذ يمرالنقد بأزمة كبيرة وأغلب ماتطالعنا به الصحف والدوريات مدرجًا تحت مسمى النقد ليس سوى انطباعات شخصية لا تمت إلى النقد بصلة .
وغياب النقد الحقيقي راجع بالأساس إلى الاستسهال و نقص الثقافة لدى من يتصدون للكتابة النقدية فأغلبهم يجهلون مناهج النقد ومدارسه فمنذ رحيل محمدمندور وأنور المعداوي لم يأت ناقدجاد سوى الراحل رجاء النقاش برؤاه العربية التي تتناول العمل الأدبي بروح المتلقي ودهشة المعجب محللًا و مبسطًا لنظرياته النقدية
أما نقاد اليوم -تجاوزًا-فإنهم يعيشون على نظريات النقد الغربية كالبنيوية والتفكيكية دون وجود رؤى خاصة تؤسس لنظرية نقد عربية خالصة كما يفعل " جابرعصفود،صلاح فضل،حامد أبو أحمد . . . وغيرهم
......................................................................