القاهرة 17 مارس 2020 الساعة 10:20 ص
حوار: سماح عبد السلام
بعفوية امتزجت بنوع من التجريب، مارس الفنان التشكيلي محمد عبلة النحت فى معرضه الثاني فى هذا المجال بعد تجربة حافلة فى التصوير بدأها قبل أربعين عاماً، ومن ثم جاء عنوان المعرض "اللعب بالنار" الذى عقُد مؤخراً بجاليرى سماح، متوافقاً مع الألية والمضمون الذى تتبعه الفنان خلال هذا العرض والتى دار حولها الحوار التالي.
لتكن البداية من العنوان لماذا "اللعب بالنار"؟
عنونت المعرض بهذا العنوان؛ لأن النار لها دور كبير فى تطويع الخامة وتشكيلها. فعل النار هو من حرك الفورم. وبدونها سيكون صلباً وجافاً. وقد سعدت بهذا العمل وبرؤية النار وهى تحول هذه الصخور إلى معدن منصهر. تضمن المعرض أعمالاً جميلة. لكنه أساساً نوع من اللعب. طوال عمرى أحب اللعب فى الفن وهذا اللعب أمارسه فى الرسم. وتمنيت أن يتحول الرسم الذى أمارسه بعفوية إلى منحوتات؛ لأنى نفذت المعرض النحتي السابق قبل عامين ولم يتضح فيه ما أردت تقديمه فى النحت كتجربة أولى ولكن مع الوقت اتضح ما أريده وهو أنى أسعى لعرض نحت سلس وبسيط وليس معقدا أو به حيل وألاعيب الصنعة.
أريد أن تكون الغلبة للإحساس نفسه. وقد توصلت لهذا الإحساس بمعرضي الأخير. بمعنى أن عفوية الرسم تحولت مباشرة إلى منحوتات.
يبدو من حديثك سمة انتقاد للنحت المصرى وآلية تنفيذه.. أليس كذلك؟
ربما يرى البعض ذلك. وعلى أية حال أرى أن النحت المصرى به حالة من الثبات والسكون حيث يسود به اتجاه التلميع والتجسيم والتنعيم. النحت هنا بمعرضي مسطح؛ لأن الأساس فيه الرسم والظل. أستعيض عن تدويره بالنحت؛ لأن الظل نفسه يلعب دوراً فى النحت. منحوتات تلقى ظلاً يلعب دوراً فى التجسيم. فأستعيض عن التدوير بلعب الضوء نفسه. النحاتون لن يتقبلوا بسهوله ما أقدمه؛ لأن به تغييرا فى مفاهيم النحت. هم يبذلون جهداً كبيراً فى تجسيم الموضوع وتدويره. بالنسبة لي النحت هو ما قدمته بأداء بسيط وبأبسط الخامات. وهذا هو اللعب..
ولماذا تضمن المعرض رسماً طالما ذكرت بأنه مخصص للنحت؟
الرسم بسيط ورسمت بألوان محايدة جداً؛ لكى أبرز المنبع الذى جئت من خلاله بالمنحوتات.
مارست النحت بخامة البرونز خلال معرضين.. فهل ستشهد تجاربك الجديدة التعامل بخامات مختلفة؟
لا.. لا أريد العمل بالخشب أو الحجر. كونى لا أحب الحذف. فى الخشب نحضر كتلة ونحذف منها. أحب الرسم وأستطيع الوصول إلى طريقة تحويله للنحت. سعيد بهذه التجربة وأعتبرها تحديا؛ حيث أحب أن أضع نفسى فى تجارب لكى أتحدى الملل والسكون، وعندما أدخل فى تجربة أشعر أنى مثل طفل لديه مشكلة ويبحث عن حلها.
تنوعت تجربتك الفنية بين الرسم والتصوير والنحت، فلماذا لم ينصب اهتمامك بمجال معين؟
أعتبر نفسى غير منتج للأعمال الفنية، وإنما مفكر بالأساس حيث أعمل كي أقدم أفكاري للناس، وأكثر ما يهمني هو أن توضع هذه الأفكار فى قالب معين, كما أعمل تبعاً للأفكار وليس المنتج نفسه، ولا يشغلني الإنتاج، وإنما العمل بقدر من الحرية لكى أنتج أشياءً مختلفة. لذلك أعمل فى مجالات مختلفة، ولم أفكر فى تقييم لإنتاجي، أعتبره إجراءً مؤجلاً حتى أخرج كل أفكاري.
هل تعتقد أن أعمالك الفنية نجحت فى طرح وجهة نظرك؟
لابد أن تعكس وجهة نظري بشكل أو بآخر؛ لأنى لست مضطرا للرسم أو النحت، فأنا لست موظفاً، لذا وبأي حال لابد من تقديم عمل يعكس ما يدور بداخلي وحدي.